السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٣ صباحاً

صاحب الحق مشبوه..!

د . محمد ناجي الدعيس
الجمعة ، ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
لقد عايشت كثيراً من الزملاء أو القراء الكرام مصادرة حقوقهم أو حقوق آخرين لمجر الشك من قبل قيادات نظمنا الاجتماعية دون اكتراث لما قد ينجم عن ذلك من تدمير نفسي وأُسري وخلق عدائية وحقد مجتمعي لدى البعض نظراً لشعورهم بالغُبن والظلم لانتزاع حق من حقوقهم دون وجه حق، خصوصاً أن بعض قيادات أو مُختصي النظم ــ المؤسسات ــ تحمل مسطرة فئوية أو مناطقية أو.. أو ... غير سوية لتطبيق عدالة القانون، وقد يكون الجهل في عدم أهليته لقيادة المنظمة.

وفي اعتقادي إن أعظم جريمة إنسانية ووطنية أن يتخذ بعض أعداء النجاح من الشبهات غير السوية حقاً لهم في درء حق الولاء الوطني عن كل من يعارضهم في الرأي ودون وازع أو حياء.. يؤلبون ذوي الأدمغة الفارغة والانتماءات الذاتية ضد مكاسب الوطن ومقدراته..ألا يُعد ذلك من أخطر الممارسات في درء حقوق المواطنة واختلال معادلاتها التي تؤصل الحقد والكراهية والغبن المجتمعي؟ أم يجوز لنا القول أن صاحب الحق مشبوه حتى يثبت حقه؟ فكم من صاحب حق لا يستطيع الوصول إلى قائد المنظمة ــ المؤسسة ــ لينصفه وإن وصل بعد عناء درء المسؤول حق المواطن للشبه أو بغيرها.. حتى أصبحت مصادرة حقوق الناس في المواطنة المتساوية لمجرد الشبهة، وفي المقابل نجد عدم استحقاق أناس لما يدعونه ــ حتى في المواطنة ــ والظلم فيه واضح وضوح الشمس في رابعة النهار إلا أن الاستحقاق يؤول إليهم رغماً عن أنف القانون أو النظام..!! والأمر يكون في أقساه عند ما تمارس تلك المعادلة اللا متوازنة من قِبل قادة القضاء وقادة نظم التعليم باختلاف أنواعه.. هنا أتوجه بالأسئلة التالية لوزير التعليم العالي الأخ / هشام شرف وهي : هل من العدالة الوطنية أن تعتمد المساعدة المالية فقط للطلبة ــ وخصوصاً طلبة الدراسات العليا ــ الذين لديهم استمرارية للدكتوراه بحيث يتحمل الطالب الرسوم الدراسية ومنهم من قد قطع شوطاً في دراسته؟! وهل المساعدة المالية التي تمنحها الدولة تكفي الطالب لقوته فقط لفترة عشرة أيام؟! وهل تلك المسطرة التي وضعتها للجنة البت في مثل تلك القضايا يندرج تحتها أبناؤك أو ذويك؟ أم أن تلك المسطرة استخدمت فقط لدرء حقوق المستحقين؟! أي ولاء نزرعه لدى الناشئة بتلك الازدواجية القهرية لذوي الحقوق؟ أليس من الأفضل أن يبتعث 100 طالب وطالبة بمساعدة ورسوم خير من 200 طالب وطالبة بمساعدة ويتحمل الطالب الرسوم لان ذلك يبعد الفقراء من حقوقهم المشروعة؟ فالطالب لا يعنيه من افرغ خزينة الدولة وبدد اعتماداته.. وما يعنيه أنه صاحب حق في التعليم فقط، وخصوصاً أنه يعلم بأن الشيخ اغتصب حقه باعتماداتٍ مهولة دون وجه حق سوى أنه يقود المجتمع نحو التجهيل بكل أبعاده..
إذا كان إحدى صفات البر هو الصدق الذي يؤدي إلى الجنة، وعلى العكس إن إحدى صفات الفجور الكذب الذي يؤدي إلى النار..!! فلماذا لا يتمسك الخادم ــ المسؤول والموظف ــ والمخدوم ـ صاحب الحق ـ بجزئيات البر التي منها الصدق؟ بل قد يكون التشبث بالمراوغة التي منها الكذب هو من الدهاء المهني أكان سياسياً أم غيره كما يعده بعض الخادم والمخدوم على حد سواء حتى أصبح الكذب ثقافة للنجاح المجتمعي غير المشروع..

إن ما يتهدد الإنسان اليوم حقّاً في استقراره لبناء حضارته، ويتحدى الثقافات كافة من وجهة نظري هو واقع ثقافة المادية الجشعة المعاشة سلوكاً أكثر مما هي فكراً.. المادية التي دفعت ولازالت تدفع الناس إلى أن لا ينظروا لحاضرهم ومستقبلهم سِوى بمنظار مدى تملكهم للأشياء وللثروة وللقوة، وأن يحنوا هاماتهم أمام أصنام تستعبدهم وتلغي إنسانيتهم التقنية.. شغلوا باللهاث وراء رموز القوة والسيطرة، ونزعة العملقة والعظمة متجاهلين خطر الدولة القادمة التي ستشكلها الأغلبية من مجاميع العاطلين والفقراء تجرف كل من يقف أمامها.. فمن صنع تلك المعادلة المعولمة اللا متوازنة؟ وبئس صانع تلك المعادلة اللا إنسانية وبئس مستخدمها..