الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٢ مساءً

محـافظـة إب ..تحتاج إلى قيـادة حديثـة

محمد البعوم
الأحد ، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
مـا أن يتبـادر إلى سمـاع المـواطـن اليمـنـي مـن أقصـى الشمـال إلـى أقصـى الجنــوب عـن محـافـظـة إب تستحضـرهُ الروعـة والبهـاء والخضـرة وسقـوط الأمطــار هـذا هـو كـُل مـا يعرفـهُ المـواطـن اليمـني ببسـاطة عـن محـافـظـة إب .فلقـد وصفـت إب بإسم اللـواء الأخـضر نظـراً لبسـاطهـا المـُخضـّر ، وجمـالهـا الفـاتـن ، وعبــق هـوائهـا السـاحـر ، ورونـقهـا الوضــّاء ، وامطـارهـا الكثيفـة، وميــاههـا العـذبـة، وطـابعهـا الهـادئ المتوسـّـم فيـه الحب والسـلام والتعايش المدني والتعامـل الحضـاري بيـن أبنـائهـا ونـاسهـا. محـافـظة إب لـم تحمـل جمـال الأرض فحسـب بـل أنــّها جمـعت جـلال التـاريـخ وعفـويـة الإنسـان المتنـوّر . فلقـد كـانـت محـافـظة إب حـاضنـةً لأهـم الحضـارات والدويـلات التــي أُقيمـت علـى أرضهـا وأبـرزهــا الدولـة الحميـريـة والـذي أسسّــها الملـك ذي ريـدان الحميـري وكـانت في وادي بنـاء حيـثُ أختيرت مديـنة ظفـار عـاصمـةً لهـا، والتـي لا زال متحـف ظفـار التاريخي بمحتويـاته يحكي عن تلك الدولة العمـلاقـة . وكـذلك الدولـة الصليحيـة التي قامت على يـد الملك علي بن محمد الصليحي الذي أتت أروى بنت احمد الصليحي بعـده لتختـار مـدنيـة جبلـة عـاصمـةً للدولـة الصليحيـة والذي أستمـر حكمهـا ما يقرب الخمسيـن عـام فحققّت نجـاحاً باهراً نظـراً لما تميزت بـه مـن حكمـة وعـدل وثبـات.

اللـواء الأخضـر والعـاصمـة السيـاحيـة لليمـن لـم تغيـب يـومـاً عـن المشـهـد اليمنـي ، فهـي شـريكـةً أسـاسيـة وفـاعلـة للتحـولات الكبـرى التـي يمـرّ بهـا الوطـن قديمـاً وحديثـاً ، ففـي الثـورة سـُميـت بمدينــة الحشـود ، حيـثُ كـانت أغلـب مسيـراتهـا مليـونيـة ، لأنـّها خرجـت ضـد الإستئثـار بالسلطـة وحـُكم الفـرد ، وهـذا ليـس بغـريب عنهـا مـُطلقـاً فهـي التـي أحتضنـت مـولـد مــُهندس ثــورة سبتمبــر العظيــم ومــُفجّرهــا الأول الشهيــد علي عبدالمـُغني الذي غيّبه الإعلام وخصـوصـا في العهـد الأخيـر.
وايضاً مولد زيد مطيع دماج اشهـر كاتـب القصـة والروايـة ، بالإضافة إلى كونه شخصية وسياسية وأجتماعية وحيث كانت القضايا المحلية تبرز في معظم أعمالة . بالإضافة إلى العديد من العلمـاء والمـُفكـّرين و النـُخب المثقفـة السياسيـة والإجتماعيـة التي شاركت ولا زالت تشارك في صنع القـرار. ولا شك ان التاريـخ اليمني والعربي بل والعالمي لـن العالم والأديب والشاعرالقاضـي عبدالرحمـن الإرياني والذي تولى القضاء في مديريـة النادرة ثم أسهم مع الأحرار المناوئين ضـد الحكـم الإمـامي الذي يعتبـر أول رئيـس عربـي يـُقدم إستقـالتـه طوعاً لمجلس شورى مـُنتخب حيث تم في عهـده إنجاز الكثير من أساسيـات الدولة المدنية الحديثـة وتم صياغة أول دستور يمني حديث وأنتخاب أول مجلس شورى ولكن تم إجهـاض الحلم بعد الضغوطـات التي مورست عليه من قبل دُعــاة التخلف والرجعيـة والقوى الظلاميـة.

اليـوم إب يسكـن الخـوف قلبهـا ، وأصحـاب الأرض الخضراء أصبحـت وجـوههم شـاحبـةً تميل للصفرة، لقـد تـم التعـامل مـع هـذه المحـافظـة في فتـرة النظـام السـابق عـلى أنّهـا محـافظـة تـابعـة للنظام بكل قـراراتـه ، حيـثُ يـُعدّ سقـوطهـا هـو في الحقيقـة سقوطٌ لنظـام صنعـاء. محـافظـة إب مـُغيــّبــة إعــلاميــاً لأنــّهـا زاهـدة الحديـث عــن نفسهـا ، وليـس لهـا تـُطلعـات نخبـويـة كمـا للبعــض الذيـن لا يـُجيدون إلا إحـداث ضجيـج إعلامـي . محـافـظة إب اليـوم تشهـد إنفـلات أمنـي مقصـود ، بهـدف تشويههـا سيـاسيـاً والزجّ بـأبنـائهـا في الإنشغـال بأنفسهم ، بـدلاً مـن مواصـلة التطلّع للتغيير المنشـود . حـدائق ومـُتنزّهـات محـافظـة إب قليلـةٌ جـداً حيـثُ لـم تحظـى مـن قبـل السلطـات المـركزيـة و المحليـة بالإهتمـام مـا يجعلهـا ترقـى لأن تكـون عاصمـة سيـاحية لليمـن يقصـدها السياح والزوار مـن داخـل اليمــن وخـارجه.

بعـد أن كـانت محـافـظة إب رمـزاً لجميـع المحـافـظات بنقـاء هـوائهـا ونظـافـة شـوراعهـا قـد صـارت اليـوم تـُعـاني مـن تـُكدّس القـمامـة في الشـوارع العـامـة ، ليـس في مـركز المحـافـظة فحسب وإنـّما أيضاٌ في بقيـة المديـريات نظـراً لغيـاب الرقـابة وإنعـدام المـتابعـة المستمـرة مـن قبـل الجهـات المعنيـة في المحـافـظة وتقـاعسهـا عـن دورها في العمـل.

إنّ محـافظـة إب العـاصمـةً سيـاحيـة لا بـد أن يتــمّ النظـر إليهـا بعيـن الإعتبـار وتسهيـل الإستثمـارات للمغتربيـن من أبنائهـا والذين يمثلـون أكبر عدد من المغتربين لأنه لا شك أنّ هذه المحافظة تمثـل واجهـة اليمـن من حيث السياحة والحضارة والثقافة ، ولذلك يجب الإهتمـام بالخدمـات العـامـة ووسـائل الإتصـالات والكهربـاء وإقـامة الحدائق والمتنزهـات والأندية الشبايية الرياضية والفكرية والثقافيـة ، والذي بدوره يسـاعد شبابها على النهوض والتوق للعمل مـا يسهم بأداء دور ريادي في الحفاظ عليها كمكسب لليمــن إقتصادياً وجمـاليـاً .

محـافظـة إب اليـوم أحـوج مـن غيـرها الى قيـادة حـديثـة تستـوعب متغيرات الواقـع وتعـي بتطـوراتـه ، لا يمكـن لهذه القيـادة القـديمـة الجـاثمـة على صـدر هـذه المحـافظـة أن تحـد نـقلـة نوعيـة بعـد تجـاوزها فترة طويلـة مـن الزمـن ، لأن معظـم تعيين قياديين المحافظـة إعتباريـة وإنتمـائيـة بقـدر ما هـي تكنوقـراطيـة التي ستسهـم بجعـل هذه المحـافظـة منـارةً لليمـن نظـراً لما تتوفـر فيها بيئـة مـُلائمـة لطبيعة اليمـن الجيوسياسية والذي يتميز موقفها السياسي بالإرتباط الوثيـق بالجغرافية. .