السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٨ صباحاً

أحقية المواطنة..!

د . محمد ناجي الدعيس
الخميس ، ١٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ مساءً
إن الله سبحانه وتعالى خلق وأتقن وأبدع، وسن سننه في الكون.. ومن ذلك الخلق الإنسان الذي جعل له نظام حياة وقوانين تتوافق مع فطرته الإنسانية.. فإن سلك قوانين الخير كمنظومة متكاملة نجا وفاز برضا الله عزّ وجل ومحبة الناس..

ومن تلك القوانين الإلهية، بدأ الإنسان ينطلق في سن قوانينه الوضعية محاولاً صياغتها على هيئة منظومة متكاملة تتناسب مع مكانه وزمانه ومعيشته، وعند اختلال تلك القوانين يعيش النسيج المجتمعي في مرحله اللا اتزان.. لذلك نجد أن أي منظمة ــ مؤسسة ــ من منظمات العصر لديها نظام تسير وفقه، مع التنويه هنا إلى ضرورة مواكبة تلك القوانين لمقتضيات العصر فالعالم من حولنا متغير وما عجزنا العربي عموماً واليمني على وجه الخصوص إلا لعدم استيعابنا لما يدور من حولنا. وكجزئية لمفهوم القانون لدى معظم الخاصة قبل العامة من الناس في المعاملات لقضاء مطالبهم أوضح الأتي:-
أسوق هنا مثالاً فقط كأنموذج وهو عندما يرغب مواطن ما في الحصول على منفعة أو تحقيق هدف ما في إطار أي منظمة ــ مؤسسة ــ لا بد له أن يبدأ بتقديم طلب يسير به وفق آلية سير اللوائح المحددة في تلك المنظمة حتى يصل في النهاية إلى الهدف الذي أتى من اجله.. هذا ما يقرّه المنطق ويؤمن به العقل .. لكن في غالبية النُّظم ــ المؤسسات ــ إذا تقدم مواطن بطلب إلى الموظف المسؤول وكانت تأشيرة ذلك المسؤول أو القيادي فيها " لا مانع بحسب النظام والقانون أو اللوائح " وقد يكون ذلك التوجيه فعلاً منصفاً لمصلحة صاحب الشأن ــ نفاجأ بالمواطن وقد يكون من الطبقة التنويرية الفكرية وهذه مأساة أما القبلية والعسكرية فحدث ولا حرج ــ يعترض بالقول " لماذا تريد عرقلة طلبي؟ " وبإصرار شديد يطلب شطب كلمة القانون وتغييره بالأمر الصريح " لا مانع".. هنا سؤال يفرض نفسه هو: من أعطى العقيدة لذلك المواطن بِغُوليّة القانون واعتباره عدو لتحقيق المواطنة المتساوية وفي إحقاق الحق وعدالة الإنصاف..! وبالتالي فإن السير وفق آلياته وبنوده أمر يدعو إلى الرّيبة والفزع؟؟

للأسف إن ذلك الاعتقاد المتفشي بين جميع طبقات المجتمع وبين المواطن والمسؤول على السواء؛ جعل النظام والقانون حبيس أدراج المكاتب، بل ويكاد يكون في موت سريري.. والغريب في ذلك إن نفس الشخص إذا غادر للعمل في بلد أخر وتقدم بنفس الطلب واخذ عليه نفس التوجيه نجده يلتزم بقواعد وأنظمة ذلك البلد.. إذ نجد لديه القابلية في تطبيق القانون، هنا اطرح سؤالاً آخر لقادة منظماتنا هو: هل بالإمكان إعطاء جرعه تنشيطه للأنظمة في منظماتنا لإحيائها على أن تكون هناك مصداقية أحادية في التعامل حتى تعاد الثقة لدى الجميع في إنصاف القانون لقضايانا؟؟

الأمر جداً خطير وبحاجة إلى وقفة جادة منّا جميعاً، ما لم ستزداد الفجوة عمقاً نحو انتكاسة قيمية حقيقة في المجتمع. وأكاد أجزم هنا بأن كل من يقرأ هذا المقال يتفق معي في الرأي، ولا انطلق من ذلك الجزم في انفرادية الرأي ولكن لما قد يكون مسّ الغالب من ذلك السوء، كما إنني لم اكتب في هذا الموضوع إلا بعد أن طرحت الفكرة في فئات مجتمعية مختلفة الرؤى والمناصب فخلصت إلى هذا الاهتداء المطروح أمامكم.. لذلك لا يجب أن نكتفي بمعرفة ما نريد فقط ، ولكن يجب أن نمتلك المهارة الكافية لتحقيق ما نريد .. ولن يتأتى ذلك إلا بالمبادرة منّاّ كأفراد ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات.. الخ وبٌتبنى فكرة أن يكون عام 2013م هو عام " نعم للنظام والقانون لا للاستثناء والقهر".. وبتطبيق النظام والقانون في كل معاملاتنا لتسهيل إجراءات الناس "سنجد أن :الرغيف استعاد عافيته، والديمقراطية أٌعِيد بابها المخلوع - والطفل ليس عند مِقود السيارة.. وان السلاح المحمول لدى الإنسان اليمني هو سلاح العِلم فقط.. الخ..وستبدأ ثقافة مواجهة الذات والاعتراف بالخطأ بالظهور لتصحيح الواقع " - مع تحديث ما تقادم منها- ومن شذ شذّ خارج ذلك الإطار .. وليس ذلك مستحيلاً لأن ما يوجد من قوانين وأنظمة في بلدنا قَلّ أن يوجد نظيرها لأننا دوماً نأخذ نظرياً فقط الجيد من الآخرين.. ولكن مشكلتنا تكمن في أن المسؤول دوماَ يبدأ من حيث بدأ السّلف هذا إذا لم يهدم إيجاب سلفه إن وجد إيجاب..!!

نحن بحاجة إلى ترك اثر طيب يفاخر به أبنائنا ليكن منها ممارستنا لسلوكيات النظام والقانون فالتاريخ هو من حكت أوراقه لنا عن أسلافنا وسيحكي لأجيالنا عنا، فهل نحن راضون بما يسجله علينا التاريخ ألان بين صفحاته؟!

وإذا كنا مؤمنين بشفافية الحديث فيُعد اختراق القانون هو نوع من أنواع الفساد السرطاني المستشري في النظم كافة سلب حقوق الناس في أحقية المواطنة القانونية المتساوية.. فهل نستطيع مقارعة ذلك الفساد واستئصاله بدءاً من نبذ الاستثناء وتطبيق القانون واللوائح ؟ إن المحاولة دوماً تقود إلى النجاح أو شيء منه، وان التوقف عنها دوماً يؤدي إلى الفشل ...إن اختراق القانون هو كفر بحق السنن الإلهية والكونية وهو أيضاً نزق الأقلية وكفرها بأحقية المواطنة المتساوية لكل أبناء الوطن وإنسانه.. هل يستطيع قادة النظم كافة ــ المؤسسات حكومية وغير حكومية ــ أن يقولوا جميعهم نعم لتطبيق القانون والنظام في كل المجالات ليكون عام 2013م، هو مدخل الإيمان بأحقية المواطنة القانونية المتساوية؟ أم لازال الوقت مبكراً لأن الأمس لم يتغير بعد وأن الحاجة إلى قرارات جمهورية لا يوجد قانون تنفذ بموجبه أكثر من إيجاد القانون ذاته؟.. وما وصلنا إليه هو بصنع أيدينا وليس للإنسان إلاّ ما سعى،وان سعيه سوف يُرى..