الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٢ مساءً

المستبدون والطريق إلى جهنم

حميد مقبل نصر
الجمعة ، ٢٦ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
أثبت الشعب الليبي أنه شعب عظيم وشجاع وليس كما وصفه القائد المخلوع القذافي حين بدأ يبرر هزيمته في صحراء تشاد بأن الجيش الليبي جبان. وقد اتبع ذلك بإحلال الكتائب محل الجيش ودعمها بالمرتزقة وقيادة أولاده ومقربيه وقبيلته. كما حاول القذافي إهانة شعب ليبيا حين قال لهم ابحثوا عن وطن آخر في إفريقيا أو غيرها وأنه سيدفع 10 الف دولار لكل مهاجر وفي المقابل سيستورد شعب آخر من الشجعان يليق بقائد ليبيا العظيم.

حاول الشعب الليبي أن يثور سلميا ومطالبا القذافي بتغيرات بسيطة في نظامه تكفل أبسط الحريات. لم يلتفت القذافي إلى طلباتهم وقابل تظاهراتهم السلمية بالقتل والقمع والاختطاف وهتك الأعراض مع سيل من الاتهامات التهديدات والوعيد جاءت منه أو على لسان سيف الإسلام الذي لا يملك أي صفة في نظام أبيه غير تسليمنا بأنه (ولي العهد). والمتتبع لتطورات الثورة الليبية يجد أن الشعب لم يكن لديه سلاح ومعظمه لا يجيد استخدام الأسلحة الشخصية. وفي مدينة بني غازي تمادت كتائب القذافي والمرتزقة في هتك الأعراض وهو ما دفع المواطنين كرها إلى البحث عن السلاح وحمله للدفاع عن النفس والعرض. ويوما بيوم فرض الشعب الليبي واقعا جديدا وتحولا مهما في مسار ثورته تجاه إسقاط نظام القذافي ورموزه بهدف إحلال نظام مدني ديمقراطي . لقد تحول المواطن الليبي الموصوف بالحمل الوديع المسالم إلى مارد عملاق ومقاتل شرس، وهكذا اتجه ثوار الشعب من كل حدب وصوب العاصمة طرابلس وبخطط عسكرية وتكتيك فائق الذكاء، لقد انتزعوا الحرية بالقوة. لم يتوقع أحد ذلك السقوط المهين للعاصمة طرابلس وحصن القذافي المنيع في باب العزيزية خلال ثلاثة أيام، ولم يؤثر إعلامه المضلل وما يحويه من سذاجات وأكاذيب تتناقض مع الواقع. ولم تنفع خرافات الكتاب الأخضر والملايين الزائفة التي كان القذافي يتوعد بهم شعب ليبيا.

لم تصدق مقولات وتنبؤات القذافي طوال فترة حكمه التي تزيد عن أربعة عقود إلا مقولة واحدة، يقال أنه خطها بقلمه، وهي بعنوان الطريق إلى جهنم. حين أشار إلى أن" طغيان الفرد أهون أنواع الطغيان ، فهو فرد في كل حال ... وتزيله الجماعة، ويزيله فرد تافه بوسيلة ما. أما طغيان الجموع فهو أشد صنوف الطغيان فمن يقف أمام التيار الجارف والقوة الشاملة العمياء .... كم احب حرية الجموع ، وانطلاقها بلا سيد ، وقد كسرت اصفادها وزغردت وغنت بعد التأوه والعناء. ولكني كم أخشاها وأتوجس منها !!! إني احب الجموع كما أحب أبي . وأخشاها كما اخشاه" .

لقد أثبتت ثورة الشعب الليبي صحة مقولة القذافي، حين انطلقت جموع الشعب بلا قائد، وكسرت كل الحواجز وأسلحة القمع والدمار واجتثت نظام القذافي ورموزه، وأجبرتهم على الفرار في دهاليز العزيزية تحت الارض كالجرذان إن ثورة الشعوب هي طريق المستبدون إلى جهنم , كما أثبتت صحتها قبل ذلك ثورة الشعب التونسي والمصري وغدا إنشاء الله ثورة الشعب اليمني والسوري وغيرهم من شعوب الجمهوريات والممالك العربية المستبدة.