الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٢ صباحاً

حوثي في الجنوب، وحراكي في الشمال

ابو يوسف الشميري
الاربعاء ، ٠٧ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
في البداية لن اتطرق إلى الحديث عن الاحداث اليومية الراهنة التي تحدث في الوطن ، وسأطرق باب اخر مهم يتعلق بالمشكلتين هامتين تهم الوطن والمواطن و التي تصاعدت قبل او مع الثورة وأصبحت قضية الشغل الشاغل للكثير من اليمنيين قادة ، سياسيين و صحفيين وأيضا شباب فيسبوكيين هما قضيتين قضية الاخوة في الجنوب والحوثيين في صعدة.

فعلى مدار أيام الثورة وحتي الان، برزت كثير من الكتابات والإدلأت الصحفية من قبل السياسيين في الداخل او الخارج و تكاد تكون بشكل يومي ، وكذلك بعض الاقلام الصحفية التي لها اهتمام ووزن في الشارع اليمني وخصوصا لدي الشباب والتي صدحت منذو قيام الثورة إلى الان و تطرقت وناقشت هذه المواضيع علي صفحات المجلات والصحف وايضا المواقع الاخبارية علي شبكة النت ،وعرضت هذه المشاكل بل في الحقيقة عملت على إبرازها إلى السطح وجعلها قضايا اساسية لاي حل قادم لليمن ومتناسيين قضيتنا كشباب اللذين نبذنا التفرقة من اول يوم بداينا ننشد الحرية وكونا ثورة تحررية تلقائية وعفوية مشكلة من جميع ابناء الشعب اليمني وطوائفه وخرجنا نطالب بوضع افضل وحرية وعش بكرامة في وطن افضل كون الدستور الجمهورية اليمنية القائم يكفلنا لنا حرية التعبير والراي دون المساس بحرية الاخرين والاضرار بمتلكاتهم ويضرب بنا المثل للكل الشباب في أرجاء المعمورة أجمعين، بأننا نناظل سلميا دون إحداث اي عملية إخلال بالامن والامان. فمجمل هذه الكتابات والاحاديث دأرت حول القضية الجنوبية كون المؤيدين لها كثيرين سواء من قبل بعض ابناء الجنوب أوبعض الثوار أنفسهم وكذلك القادة السياسيين والقبليين المنظمين إلى المعارضة ، والقضية الاخري قضية الحوثي وحرية الفكر الديني في شمال- شمال اليمن ، فكلا القضتين لهما خصوصية مختلفة وأهداف متقاطعة مع الاخرى ، فالأولي قضية الجنوب والحديث عن ظلم ونهب أراضي وإعفاء من الخدمة إلى اخره والتي بدأت من المطالبة بإرجاع المستبعدين من السلك العسكري والمدني بعد حرب 94 إلى موقف بعض الاخوة في الجنوب من المجلس الوطني أعلان إنسحابهم من الاجماع الوطني بحجة الإنصاف والمناصفة أو ما يسموها المناكفه السياسية وسياسة فرض الشروط في بناء التحالفات الاستراتيجية وقت الازمات . والقضية الثانية قضية حروب صعدة وبروز الحوثي وجماعته كلاعب أساسي في استقرار اليمن.

لقضية الجنوبية :
فمن الملاحظ من خلال متابعتي إلى أحاديث و كتابات بعض الاخوة اليمنين في كيفية إدراة الازمات او طريقتهم في الخوض في غمار اللعبة السياسية و أصولها، فهنالك نقص كبير لدى القادة والساسة في فهم وإدراك لطبيعة المشاكل و كيفية طرح المشاكل وتوقيت طرحها ،وقراءة الوضع الحالي ومتطلباته ،و هذا مايفسر وجود قصورسياسي وإعلامي لدي الاخوة الساسة والقيادات ،فيتم طرح عدة مواضيع والإدلأء بالتصريحات الرنانة التي عادة ما شأبها الغموض وأحدثت جدل في صفوف الثوار ، والتي تم التصريح بها دون الالتفاءات إلى شرائح واطياف الشعب اليمني والذي يمثلون القاعدة الداعمة وكذلك إلى كيفية ايصال وتوعية الشعب وكسب التأييد الشعب والثوري للقضية معينة او جهة معينية ، وعمل استطلاعات الرأي مثل بقية خلق الله من اجل معرفة مدى تقبل الشعب وإلمامه بالمشكلة سواء قضايا كبرى أو صغرى ، فالذي حصل مثلا في القضية الجنوبية بروز فقاعات إعلامية نسمعها هنا وهناك سواء من السياسيين في الخارج الرئيس علي ناصر محمد ، وحيدر ابو بكر العطاس كطرف مؤيد للتغيير ومطالب بحلول انصافيه للقضية الجنوبية ، ومن طرف تاني من يريد إحياء العهد الماضي وعهد الإشتراكية وإعادة مجد الجنوب كما يزعم في خطابته ونصائحه ويمثله الرئيس علي سالم البيض ، وطرف ثالث متقلب من عدة اتجاهات يمثله طارق الفضلي كعنصر محرك ميداني وايضا مزاجي في بعض التصرفات. ولا ننسى الطرف المهم الميداني ويمثله السجين باعوام .

فنسمع تارة انفصال هناك ، وتارة يحدثنا اّخر على التغيير ولكنه يقبل بالمناصفة، وتارة اخرى يحدثنا عن الفدرالية او مايسمى الحكم الذاتي دون الوعي الكامل لما تقتضيه المرحلة الحالية وإيضا طرح مسميات كحلول بديلة لحل القضية الجنوبية ، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل اليمن بات الان مهيأ لفرض مثل هذه المشاكل و الشعب قادر على إستعاب مثل هذه الحلول المطروحه؟ وهل الاخوة في الجنوب لديهم خطة او تصور لكيفية ادارة هذه الازمة وحل القضية والتي سوف يتم الاعتماد عليها؟ وكم المدة الزمنية اللازمة لتنفيذها سواء حلها مع النظام الحالي أو النظام القادم ؟ وكذلك هل هنالك قيادة موحدة في الجنوب تدعم هذا الفكر، إذا إفترضنا حدوث الفيدرالية او الانفصال كشي يطالبوا به بعض الاخوة في الجنوب ، فاعتقد اذا اردنا ان نفتش على جواب لمثل هذه الاسئلة من اخواننا في الجنوب فإننا لن نلاقي جواب شافي وكافي للتعريف بالقضية الجنوبية وابعادها وطرح الحلول اللازمة وكيفية تطبيقها، فالذي نلاقيه ونسمعه ونقراءه في كثير من كتابات الصحفيين والاخوة من الجنوب او الشمال هو الفيدرالية اوالحكم الذاتي كحل لقضية الجنوب ، وأيضا يتم التشبية والافتخار في بعض الاحيان بأن هذا النظام ناجح ومعمول به في كبرى الدول مثل امريكيا والمانيا، ويدلون ويصرحون وهم متناسيين تماما بيوم ليلة باننا لدينا أرث كبير من الفساد والعديد من القضايا الشائكة والجوهرية سوءا إقتصادية اوسياسية اوإجتماعية ، يعني اليمن مثخن بالجراح من كل جانب فليس الوقت الان وقت اثارة مشاكل واستخدام استعارة مكنية لمسميات من الجيران كالتشبية في انفصال جنوب السودان بجنوب اليمن .

وأعيب علي بعض الكُتاب الذين اسهبوا في التشبية بين جنوب السودان وجنوب اليمن ، فجنوب السودان دينيا وسياسيا وفكريا ولغويا وتاريخيا مختلف كليا عن شمال السودان المسلم ،بينما نحن في اليمن دين واحد وشعب واحد وقلب واحد ، وانما كان لدينا اختلاف في الانظمة السياسية نتيجة للاستعمار والملكية فعشنا كبلدين منفصلين ، وفي يوم 22 مايو 1990 وهو اليوم الذي اخترته ان يكون تاريخ ميلادي في جواز سفري حتي احمله معي لجيل بعد جيل ، ففي مثل هذا اليوم أنعم الله علينا بالوحدة وفرح اليمنيون كافة و بغض النظر عن ما يدعيه بعض الناس كون الوحدة انحرفت او لم تنحرف ، فأنا انظر إلى الوحدة من جانب ديني كما يحثنا دييننا وسنة نبيينا الكريم على الوحدة والتأخي وليس الفرقة وإثارة النعرات، تارة بالحديث عن الإنفصال وتارة بالحديث عن شمال وغرب وجنوب، ويقول الله سحبانه تعالى في محكم اياته : "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "صدق الله العظيم .
ففي الحقيقة ما دفعني إلى الكتابة حول هذا الموضوع هو كثرة الجدل القائم حول هذه المشاكل التي تدار الان كالوحدة وقضية الجنوب و كثرة الكتابات والمواضيع المطروحة للنقاش في الفيس بوك والتصويتات من قبل بعض الاخوة وكذلك تعليقات بعض الاخوة علي بعض المواضيع ذات الصلة بالقضية الجنوبية اوالحوثية والتي ساعدت على انقسام شباب اليمن إلى ثلاثة فرق ، بين مؤيد ، ومعارض ومستقل وأدى طرح مثل هذه المواضيع للشعب خصوصا شباب اليمن إلى انقسامه وانشغاله بقضايا اخري وادخاله في هواجس كثيرة وجعله يضرب اخماس في اسداس .

لذا يجب علينا كيمنين ان نلتفت إلى جوانب اخري غير هذه القضايا التي تمسنا جميعا سواء في الشمال او الجنوب في الوقت الراهن ، مع وضع حلول جذرية ذات مسؤلية دينية وقومية وسياسية واقتصادية لمثل هذه المشاكل وليس مجرد عمل فقاعات وقشعات دعائية باننا وطنيون او مناصرون لقضايا تهم منطقتي او حدودي تفكيري . فالبلد الان كالسفينة يهم الجميع وصولها إلى بر الامان مهم لنا جميعا ، فالبلد الان يعيش في فراغ سياسي ، والعاصمة صنعاء مقسومة إلى قمسين بين مؤيد وبين معارض ، والجيش اثنين ، فالوطن بحاجة ماسة لوقوف بجانبه والاضطلاع بالمهام الوطنية التي تفيد وتخدم كل ارجاء البلد دون النظر إلى الحدود الضيقة والمصالح الشخصية اوالنظر إلى الوطن بنظرات قاصرة ومصلحية بحته .

فموضوع الفدرالية ، ففي اعتقادي واعتقاد الكثيرين من شباب اليمن يقبلون بالفدرالية والغاء المركزية والحكم االمركزي ليس في الاقاليم وانما في الادوار الوظيفية ايضا مثل الدول الاخري تجد الموظف الصغير لديه صلاحيات محددة ومخول بالتوقيع وانهاء المعاملة دون الرجوع إلى الجهات العليا لان القانون هناك واضح و مطبق علي الجميع وكل شخص له صلاحياتة ، وليس كما يتم عندنا في اليمن من اضاعة وقت كبير في جمع التوقيعات ومهر الوثيقة الواحدة باكثر من عشرين توقيع ابتدا من حارس الوزارة وانتهاء بمكتب الوزير، وبالرغم من ان أغلب الموظفين سوء مدراء عموم او وحدات ادارية يقوم بالتوقيع بدون مراجعة الوثيقة او التأكد من محتواها ، فقط اهم شي اسمه موجود في ذيل الوثيقة . فاللامركزية في العمل او الادراة شي هام للنظام السياسي الجديد لليمن ويجب تحقيق هذا المبداء في كثير من النواحي الايجابية التي تسعي إلى الارتقاء بالعمل والبناء في ظل اليمن الموحد كشعب وتاريخ وحضارة .

قضية الحوثيين في صعدة
فالقضية الاخري هي قضية طاحنة طحنت اليمن عدة سنوات نتيجة عوامل كثيرة لانقدر ان انجزم بان هذا الفئة كانت علي حق او علي باطل سوءا من جانب السلطة او جانب الحوثيين نتيجة لتداخل كثير من العوامل الداخليه والخارجية والطائفية والتسليح، مما ادت إلى اتساع رقعة المشاكل وكثرة الحروب المتقطعة التي حدثت، فالقضية التي تبرز الان قضية حرية الفكر الديني للجماعة او ما يسمي بمصطلح الطائفية ، فكماهو معرف عن اليمنيين فقد مضي عليهم وقت طويل وتم ردم الفجوة الطائفية ولم تبرز هذه القضية الا بداية حرب صعدة الاولي وتكوين جماعة الشباب المؤمن ، و ما سبقه من تداعيات كقيام وزراة التربية والتعليم من توحيد المناهج بالرغم من انه شي ايجابي كون طلاب مدرستين متقاربتين في مناطق معينة مثل صعدة لديهم منهجين مختلفين لمادتيين القران الكريم وايضا التربية الاسلامية ، فالجيل الصاعد يبني علي فكرين مختلفين ولتلافي هذا الصدام الفكري والعقائدي في المستقبل يجب تربية النشئ علي منهج واحد يضم كل الاشياء الجيدة والمفيدة للجيل الصاعد سواء دمجها واختيار مواضيع متفق عليها جمهور العلماء وتحديث المنهج وفق دراسات عملية مدروسة وتشكل لجان من ابرز علماء اليمن في الشريعة والدين ، الا ان القرار صدر سريع ومستعجل غير مستند علي اي دراسات هو قرار بالغاء المعاهد الديينة والمناهج الدارسية فيها دون توحيدها بل تم فرض المنهج الرسمي المعمول به في جميع مدارس اليمن المعتمدة من قبل وزراة التربية والتعليم ، وتطورت الاحداث بعد ذلك ،فصارت بعض الجماعات التي لديها منهج خاص تدرسه إلى جانب المنهج الرسمي . فخلق جوء متوتر لكنه لم يطفح إلى السطح سريعا الا بعد مررو وقت من الزمن وقيام جماعة الحوثي بالمطالبة فتارة بحرية الفكر او بالحكم الذاتي وإلى اخره وفكانت هناك حروب عدة وتعديات كبيرة وادخال منطقة صعدة في نفق مظلم واتفاقيات ومعاهدات كلنا نعرف تفاصيل ما حدت .

ففي بداية الثورة انضم شباب وجماعات من ابناء صعدة والمناطق التابعة للحوثي إلى الثوار وشكلوا لهم مخيمات ابرازها في ساحات التغيير ، وبعد فترة قصيرة برزت مطالب لهم بالتوازي مع مطالب الاخوة في الجنوب ، ووقعت مصادامات بين الثوار في داخل الساحات واخرها اعتراضهم على المجلس الوطني ومازاد الطين بله عدم ادراك القائمين على المجلس اهمية احتواء الجميع سواء بزيادة عدد الاعضاء في المجلس وجعله قاعدة كبيرة يضم كل اليمنيين والراغبيين في العمل الجاد للسير في اليمن نحو التقدم والازدهار وليس الدخول في صراعات وحسابات سياسية لاوقت ولا وضع مهيأ ومناسب لمثل هذه الاطروحات والقضايا .

فخلاصة الحديث أود ان احمل كعضو مستقل الاخوة السياسيين اليمنيين سواء من المعارضة او السلطة اليمن في اعناقهم وان يتقوا الله في اليمن اولا كشعب وحضارة ودين وتاريخ ، كون اليمن منذ القدم شعب واحد وارض واحد وقلب واحد دائما وابدا ، وان يتجنبوا اثارة مشاكل والتركيز علي مطالب الشباب واشراكهم في تقرير مصير هذا البلد وافساح المجال لهم ، فلدينا الان وضع سياسي قائم هو ثورة الشباب لذا لابد من تكاتف الايادي والسير قدما من اجل الخروج بحل مناسب مرضى لكل الاطراف و يحمي اليمن ويحمي الارواح ويحقيق رغبتنا كشباب اليمن بالعيش بوطن افضل يكفل للمواطن اليمني من المهرة إلى صعدة الحقوق والواجبات والمساواة والمواطنة وحرية الاعلام وغيره من الحقوق ، وكذلك خلق بئية ديمقراطية مناسبة وبناء دستور جديد وفرض سيادة القانون علي الجميع ، ونضع اليمن فوق مصالح الجميع كوطن يجب التضحية وبذل كل ما نستطيع من اجل النهوض بهذا الوطن فقد عان كثير ويحتاج مننا الصدق والاخلاص والشفافية في ادراة امور هذه البلاد سواء في الوضع الراهن او بعد حل هذا الوضع ، فاننا نحتاج إلى ايمان عميق بالوطنية وتعزيز روابط المحبة والاخاء بين ابناء الشعب الواحد بعيدا عن المناطقية والطائفية ، او دعم قضايا معينة تسئ إلى السلم الاجتماعي واستقرار اليمن بشكل كامل .

وفي الاخير نتمنى ان نرتقي كمواطنين عاديين ،سياسيين وقادة واعلاميين وشباب بالمهمام الوطنية ، فالوطن ملك للجميع وان نسعي جاهدين إلى العمل البناء والجيد من اجل مصلحة الوطن سواء بالتوعية والارشاد او بتباع سياسية الحوار بيين ابناء الشعب كافة من اجل الحفاظ علي نسيج المجتمع اليمني وعدم اثارة النعرات هنا وهناك فالضرر الاكبر سوف يقع على الجميع ولن يستثني احد كبير وصغير. ولا نريد ان يصل الامر إلى اختلاط الحابل بالنبل ويصير حوثي في الجنوب وحراكي في الشمال.