السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٨ صباحاً

سقط الحراك وبقيت عدالة القضية

احلام القصاب
الاثنين ، ٠٤ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٥٥ مساءً
استحضار اساليب الماضي التي مارستها (قيادات ) في جنوب اليمن ابان (الثورة) على المستعمر البريطاني (البغيض) في الماضي وحليف الحاضر فكرياً والمرشد والملهم لنفس القيادات بدولة (الجنوب العربي) فتكرار الاساليب وبنفس الشخوص التي تمثل رمزاً للكوارث التي حلت بأهلنا في جنوب اليمن في تلكم الحقبة الأليمة في تاريخنا المعاصر لن تجدِ نفعاً لأن الوقائع والاحداث والظروف تختلف تماماً عن الظروف التي كانت حاضرة في حقبة الستينات من القرن الماضي .
استخدم المستعمر (البغيض) اسلوب تدمير الثورات من الداخل وافراغها من مضمونها وتنفير المؤيدين لها وانفضاضهم عنها بدعم اطراف ضد اخرى لإقصائها على اساس انها عدو لهذا الطرف بينما الجميع كانوا يقودون العمل الثوري معاً لتحرير جنوب اليمن من (براثين) الاحتلال الامبريالي وبالرغم مما قدمته كل الاطراف بكل اطيافها ومشاربها السياسية في الثورة ضد الاحتلال إلا أن المستعمر استطاع آنذاك أن يستغل البعض ممن كان لديهم نزعة للتفرد بالسلطة على حساب كل الاطراف الاخرى وذلك لإضعاف الجميع والثأر منهم . بالمقابل استخدم النظام السابق (المحتل للجنوب بحسب طرح الحراك) بعد ثورة التغيير نفس الاسلوب في دعم اطراف في الحراك لخلق خصوم من الاحزاب التي شاركت بقوة في ثورة التغيير وساهمت في ازاحته بشكل وان لم يكن تام ، فبعد أن كانت بعض الاحزاب اول من كان يدعو لإنصاف الجنوبين والتأكيد على عدالة القضية حتى قبل ان يخرج الثوار للشارع في ثورة التغيير اصبحت هذه الاحزاب العدو الاول للحراك الذي كان يدَّعي منذ انطلاقه ان النظام السابق هو من احتل الجنوب ونهب الثروات وسرح الموظفين وتفيد الارض لكن كعادتهم (قادة) الحراك بشخوصهم المعروفة منذ 1967م ونفس الاسلوب الذي اتبعوه في تنفيذ سياسات يرسمها لهم الاخرين (الاحتلال البريطاني واحتلال النظام السابق بحسب طرحهم) خلقوا لهم عدو من اجل الديمومة.
سحب المحتل البريطاني قواته التي لم تتكبد الكثير من القتلى طيلة 129 عام من الاحتلال بعد أن غرس في عقولهم فكر أن هناك عدو يتربص بكم وان كان من ابناء جلدتنا وبين صفوفنا ليبقى الجميع منشغل بهذا العدو والاعداد له والبحث عنه بعيداً عن الاهداف التي رسمها الثوار آنذاك لثورتهم والبدء في بناء وطن العدل والحرية والمساواة وتحقيق الوحدة اليمنية ، وبدأ (الثوار) بعد استلامهم السلطة من بريطانيا بخلق الاعداء من بين صفوف الثوار وبدأ الاقتتال والتصفيات تحت مسميات مختلفة ثم تحول القائمون على السلطة في جنوب اليمن الى خلق عدو من خارج حدود الدولة ، ارادوا بهذا النهج اشغال الشعب بالإعداد للعدو القادم من خارج الحدود بدل من المطالبة بتحقيق اهداف الثورة على المحتل وكشف المستور بإظهار عجزهم وعدم قدرتهم على تنفيذ شيء من اهداف الثورة ، ثم بدأوا بخلق جبهات لتحرير دول الجوار من الرجعية والامبريالية والكهنوت لعجزهم عن تقديم شيء للجنوب سوى الدمار والاقتتال ، واليوم نرى نفس الشخوص وبنفس الاسلوب يختلقون الاعداء من بين صفوف الشعب اما بتلكم التصنيفات المناطقية البغيضة او بتغير بوصلة العداء لمن احتل الجنوب (بحسب زعمهم) إلى اتجاه احزاب يفترض انهم اخوة لنا في المعاناة والارض ، ما الذي سيكسبه الحراك بخلق المزيد من الاعداء له ؟!
نعم سقط الحراك سقوطاً مدوياً بجناحيه السلمي والمسلح فسقوط الجناح المسلح منذ بدايته حيث التقطع للناس وبتر آذانهم واعضاء اجسامهم وقتل المارة عبر مناطقهم من ابناء المحافظات الشمالية ثم مهاجمته للساحات التي تعبر عن آرائها بسلمية وان كانت تختلف مع طرح الحراك مثلما حدث مع ابناء عدن (مع قلة عددهم) في مسيرتهم السلمية التي عبروا فيها عن آرائهم وهو حق من حقوق كل البشر ، ومهاجمتهم لساحة الحرية اكثر من مرة وكان السقوط المدوي في 21 فبراير حيث اظهر الحراك للجميع الوجه الحقيقي لتلكم الشخوص التي قادت الجنوب في الماضي ومارست سياسة القتل على الهوية فأعادوا استخدام نفس الاساليب في حرق الناس احياء في حضرموت لأبناء المحافظات الشمالية مثلما حدث في حروب الرفاق الماضية .
وكذلك سقط الجناح السلمي للحراك بعدم إدانته الصريحة للجرائم التي ارتكبها الجناح المسلح في الحراك وبدلاً من الإدانة الصريحة لتلكم الاعمال التي اعادت لذاكرتنا ما ارتكبه الرفاق في حق الشعب في جنوب اليمن ذهبوا للقول ان ارتكاب الحراك المسلح لجرائمه كان بسبب استفزاز ابناء الجنوب الوحدويون الذين خرجوا للتعبير عن آرائهم بسلمية وكأن الجنوب حكراً على الحراك وكأن الظلم الذي لحق بأبناء المحافظات الجنوبية لم يلحق بالجنوبيين الوحدويين ايضاً مثلما لحق بكل ابناء اليمن من سياسات النظام السابق ! ، انه تبرير لارتكاب المزيد من الجرائم بدلاً من إدانته ، كل هذا يحدث ولا زال الجميع في الساحات لم يصلوا إلى السلطة بعد !
نعم سقط الحراك وبقيت القضية العادلة التي لطالما أيدناها وسنبقى كذلك لمطالبها الحقوقية العادلة والتي اردنا لها أن تكون المدخل لبناء يمن العدل والمساواة يمن يكون الجميع فيه سواسية امام النظام والقانون لا فضل لشمالي على جنوبي ولا جنوبي على شمالي ولا قبيلي على مدني ولا مدني على قبيلي إلا بالتزام النظام والقانون .
على الحراك ان يدرك ان اول واهم خطوة يجب أن يتخدها تغيير القيادات التي بعد تجربة دامت لأكثر من سبع سنوات اثبتت انها لا تقدم شيء لقضية عادلة سوى تكرار نفس السياسات وبنفس الاسلوب الذي مارسته منذ 1967م والذي كانت نتائجه كارثية على الجميع ، لابد للعقلاء في الحراك ادراك ان الجنوب ليس حكرا على احد ولا يحق لاحد استفزاز الاخر فمثلما هناك حراك له مطالب حقوقية عادلة يحاول البعض حرف سيرها في اتجاه يفضي إلى نفور الجميع منهم ولا يبقى إلا المنتفعون من ديمومة الصراع وهو انتفاع شخصي ولا احتاج لسرد ادلة هنا فالمشهد واضح وضوح الشمس في كبد السماء والذي بدأ ينحو منحى لا يخدم القضية الحقوقية العادلة ، ايضاً هناك الكثير ممن لهم رؤى تختلف مع الحراك في حل القضية وتؤدي إلى تحقيق اهداف الشعب بطرق اخرى ليس شرطاً ان تكون مطابقة لرؤى الحراك .
لابد ان تكون هناك قيادات حراكية شابة تعيش بعقلية القرن الحالي وتؤمن بحق الجميع في التعبير بآرائه بكل حرية دون اي قمع او تكميم للأفواه مثلما حدث لأبناء عدن من قمع وما يحدث لأبناء حضرموت ، ليس شرطاً ان يكون الجميع مؤمن بفك الارتباط فمثلما الحراك يردد شعار لا وحدة بالقوة ايضاً لا فك ارتباط او فرض فكر الحراك بالقوة ، ومثلما يحق للحراك رفض المشاركة في الحوار الوطني يحق للآخرين المشاركة فيه .