الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٦ مساءً

الرئيس ولملمة الشتات..!

د . محمد ناجي الدعيس
الجمعة ، ٠٨ مارس ٢٠١٣ الساعة ١١:١٣ مساءً

عاد الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية مساء الأحد إلى العاصمة صنعاء بعد زيارة ناجحة استغرقت أياماً لمحافظة عدن وأبين وقد التقى الرئيس بمحافظي عدن وأبين ولحج وقياداتها المؤسسية، وبحسب مصادر رئاسية مقربة قد نجح هادي في إقناع نسبة كبيرة من فصائل الحراك بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المزمع انعقاده في الـ 18 من الشهر الجاري والمؤمل منه جمع شتات القوى السياسية والوطنية في إطار واحد.. وقد أكدت وكالة الأنباء الرسمية " سبأ " تأكيدات الرئيس بأنه سوف يتم طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة لضمان المستقبل المشرق للشباب والجيل الصاعد "
هذا ما قالته أو كما أخبرتنا به المصادر الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، ولا أعلم ــ قصد أو لم يقصد ــ أن من أصاغ الخبر بقوله " عاد الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية مساء الأحد إلى العاصمة صنعاء بعد زيارة ناجحة استغرقت أياماً لمحافظة عدن وأبين " وكأن تلميح في الخبر أن الرجل عاد من زيارة خارجية لا من بين أهله وبأرض وطنه.. عموماً إن ما قام به الرئيس وفق ما جاء به الخبر يسعد الكثير وأنا أحدهم، ولكن الأكثر سعادة قد يكمن في صدق الخبر وصحته ورسمه حقاً على أرض الواقع يوم غد المنتظر، وتخوفي هو في أن الرئيس نجح في إقناع نسبة كبير من فصائل الحراك يعني أن هناك نسبة لم ينجح في إقناعها..!!! لماذا لم تحدد تلك النسبة؟ وما السبب في عدم قدرة الرئيس إقناع النسبة المتبقية في دخول الحوار الوطني؟ ونحن لا نحبذ تهميش أو إقصاء أي نسبة مجتمعية مهما كانت ضآلتها ــ فلا يأتِ النار إلا من مستصغر الشررِ ــ، لأن التهميش والإقصاء هو ما أوصل الواقع إلى ما وصل إليه من شتات وفرقة وعنف، كما أن المقايضة أو شراء الذمم من خزينة الدولة أو من غيرها أمرٌ مرفوض لأنها سياسة الضم عنوة وهذا السلوك في الحل يكون كالجمر تحت الرماد ما أن تهب الريح فتشعله كما حدث في الحقبة القريبة الماضية وبسببها عانى الجميع بما فيهم الرئيس هادي منذ توليه الرئاسة وحتى اللحظة.. وهنا أتساءل : هل الإكراه على الفضيلة ينتج إنساناً فاضلاً في المجتمع؟
الرجل ــ واقصد هنا الرئيس ــ له قدرات وطاقات محدودة كأي إنسان وليست أبدية لا تنفذ، وقد تنهكه ــ أو أوشكت ــ اللعبة المجتمعية للمصالح الشخصية بطول وعرض الساحة اليمنية التي لا تنضب، فتارة بعض الأحزاب وما احتوته من فصائل تلوّح بعدم دخول الحوار الوطني، وتارة ثانية تلو الأخرى بعض العلماء، وبعض القبيلة، وبعض المنظمات الشبابية، وبعض المذاهب، وبعض مراكز القوى..الخ، وفي داخل كل ما ذكر ولم يذكر فصائل شتات تلوّح بعدم الدخول في مؤتمر هدفه الأساس لم الشتات اليمني، وكم كنت أتمنى أن يكون ذلك التلويح من أجل قضية وطن لا سواها..! ولكن بئس التلويح الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب من أناسٍ لا هدي لهم إلا النفس الأمّارة بالسوء.. وبين تلك المتناقضات يحاول الرئيس شق الطريق لملمة شتات مجتمعه بقدراته الإنسانية وسلطاته المبتورة أو كما أريد لها أن تكون كذلك، والخوف هنا من المرجفون أدعياءُ الوطنية ممن هم حوله أكثر ممن هم بعيدين عنه، والخوف كل الخوف ــ أيضاً ــ أن ينتهي الوقت ويفقد الرجل كل طاقاته وقدراته لجمع الفرقاء الشركاء نحو مؤتمر حوار وطني ظاهري لم يلامس الآمال والطموح الوطني بسبب حقدٍ دفين لقادة تلك النظم وفصائلها التي لم ترقى إلا مستوى قضية وطن بأكمله فتكون قد زادت من هوة الشتات وعمّق المعاناة الوطنية لكل أبناء الشعب اليمني..
إن واقع الحال المجتمعي اليمني باختلاف أطيافه هو في أمس الحاجة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى إلى تلك النفخة من أبنائه أكانوا سياسيين ــ إن جاز قول ذلك ــ أم قبليين أم عسكريين أم نخبويين وإعلاميين..الخ، نفخة تطفئ الشرر لا التي توقدها بين أفراد المجتمع ومكوناته تحقيقاً لطموحاتهم التي لا تتجاوز حدود أنوفهم.. بتلك النفخة الخيّرة قد نثبت للآخر بأن نسبة الجهل المجتمعي تضاءلت نسبتها وأننا قادرين للانتصار لقضية وطن لا سواها.. ولا نملك هنا إلا أن نقول كان الله خير معين في صدق مسعى هادي وللشرفاء الصادقين من حوله وأن ينيرهم على هذي وبصيرة لملمة الشتات اليمني، وإلى ما يحب ويرضاه لبلدة طيبة وشعبها الطيب..