الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٠ صباحاً
الثلاثاء ، ٢٦ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
بعيدااااا كلمة ترددت في اوساط المجتمع اليمني حيث نشأت أنا ونشأ الكثير من اليمنيين.

بكسر الباء والعين بعيدااااا تعني الابتعاد والانتهاء عن قول او فعل شيء. وكانت الكلمة ضمن قاموس عرفي للمصطلحات التي استخدمها الآباء والاجداد لتقويم سلوك الأطفال وحتى الكبار احياناً عند تجاوزهم لحدود المسموح به والمألوف او الأدب بالقول او الفعل. ما اعتبر خروجاً عن المسار السلوك القويم والصحيح. وسواء كان ذلك الانحراف عن قصد او عن غير قصد نتيجة سوء اداراك او وعي بالخطأ او الجهل بمضار تلك الاقوال او الافعال على اصحابها او على الغير. واذكر في طفولتي وجود قناعة سادت آنذاك مفادها بأن تصويب وتقويم اية انحرافات في السلوك لم تكن تقتصر على الأقربون وانما كانت مسئولية جماعية. وكان توجيه اللوم او الانتقاد وحتى الزجر ان لزم الامر حق معترف به للعقلاء والجيران والاقارب كجزء من ثقافة المجتمع التي دعمت التضامن مع تدخلات فردية وجماعية بهدف تقويم سوك الافراد والمجموعات داخل المجتمع عبر تصويب الفكر الفعل والعمل بما يحفظ حقوق ومصالح الناس افراداً وجماعات.

ان الكثير من ابناء اجيال سبقت جيلنا يشاطروننا اليوم الحنين الى أدب وثقافة المجتمع اليمني بما فيه من ادوات لتقويم السلوك الاجتماعي اكتسبها المجتمع خلال رحلته الحضارية عبر التاريخ وشكلت جزءاً من الأعراف السائدة وكانت مصدر قوة لهذا المجتمع العظيم.

اليوم يتساءل الناس ما الذي يمكن ان يمثل مصدر قوة بالنسبة للمجتمع اليمني؟
واصبح الموضوع أكثر جدية عندما شعرت الناس التدهور الكبير على صعيد السلوك العام في النظام الاجتماعي والأكثر من ذلك الممارسات السياسية وسلوك النشطاء وكيفية تعاطيهم مع فكرة الحوار والمواضيع التي تصدرت قائمة اولويات مؤتمر الحوار الوطني.

وان كانت عملية التحول الديمقراطي في اليمن تمر اليوم بظروف صعبة بسبب قصور في التنشئة السياسية وسط تطلعات بأن تساهم التجربة اليمنية في استيعاب فكرة الديمقراطية وتحقيق خطوات على مسار النضج السياسي ، الا انه يصعب القول بأن رصيد وموروث التنشئة الاجتماعية لا يحمل أدوات " يمنية " وطنية أصيلة من شأنها تقويم اية انحرافات او تجاوزات قد تمس هوية المواطن والثوابت الوطنية او وحدة وسيادة الدولة اليمنية.

من المهم في هذا التوقيت الحرج ان يكشف المجتمع اليمني عن قدراته الكامنة واستعداده على استخدام كلمة بعيداااااا باعتبارها فيتو يمكن للمجتمع اليمني استخدامه للتصدي للعديد من الانحرافات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي القت بظلال سلبياتها على المشهد العام في اليمن، واصبحت تشكل تهديداً حقيقيا على حاضر اليمن واليمنيين ومستقبلهم.

من هنا فاذا كنت تؤمن بالله والوطن والوحدة ومستقبل أفضل فأنك اذن "مواطن يمني بامتياز يملك حق الفيتو اليمني" ولك ان ترفع صوتك قائلاً: بعيدااااا كلما لزم الأمر رافضاَ ومتصدياَ للسلوكيات التي انحرفت عن المسار الصحيح والممارسات السياسية الموسومة بالظلم او الابتزاز ومحاولات التلاعب بأقدار الشعوب ومقدراتها...