الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٢ مساءً

ثورة وثمانية عوامل

ابو يوسف الشميري
السبت ، ١٧ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٠١ مساءً
لكل ثورة بداية مظلمة ونهاية مشرقه علي مر العصور ، فشعلة الثورة اذا اوقدت فلن تنطفي أبدا مدى الزمن والتاريخ ملئ بقصص بطولات وصولات وجولات لا تقل عن ما يقوم به شباب وطننا الحبيب من عقل وحكمة وتفنن في التظاهر واعطاء انطباع جيد عن ان شباب اليمن متطورين ومتحضرين وهم اهل حضارة واحفاد سيف بن ديزن والملكة بلقيس واروي بنت احمد الصليحي ، ولكن الثورات لا تقاس لا بمدة ولا بفترة ولا بعدد اشخاص من قاموا بها ، وانما تقاس بالهدف الذي اقيمت هذه الثورة لاجله ، ومدى ايمان الشعب بنجاح الثورة وثقتهم بقيادتها ؟

ثورتنا في اليمن الحبيب تعاني من كثير من العوامل التي يراد بها الاخرين لاجهاضها قبل ولادة يمن جديد قوي برجاله الاوفياء والصادقين والمخلصين له دوما . فالثورة علمتنا اشياء كثيرة اهمها بان الشعب واعي ومثقف وصاحي لكل الداسيس والمؤامرات التي تحاك ضده في دهاليز السياسية . وبعيدا عن العاطفة سواء الحزبية اوالمناطقية او التسول على باب الثورة ، سأورد بعض هذه العوامل التي تقف عائق امام شباب الثورة الذين عزموا علي تقديم رواحهم فداء للوطن وباستطاعتهم تجنبها وتصحيح مسار الثورة في الاتجاه الصحيح وكسب التأييد الداخلي والعالمي لقضية شعب خرج يطالب بحرية وكرامة وعيش رغيد ،وهذه العوامل كالاتي :

1- عامل المجتمع ، النظام القبلي الذي يعشه اليمن منذو القدم وعدم وجود حداثة وتصحيح لهذا النظام بحيث اصبح يصب في مصلحة بعض الاشخاص والذين يحلمون ببقاء الوضع المجتمعي القبائلي العشائري الذي تربينا عليه جيل بعد جيل ، فهذا العامل باستطاعت الثوار ازالته في التوعية المستمرة والحديث عن شتي القضايا التي تساعد الناس البسطاء علي ادراك معني الثورة والهدف الذي قامت لاجله ، كون شعبنا اغلبهم متربى علي النظام القبائلي ويحتاج مننا كشباب ثوريين صبر وحنكة حتي نستطيع ان نزيل مثل هذا الارث .

2- عامل العسكرة ، كلنا جميعا نعرف بان مجتمعنا لا يوجد فيه تدوير للوظيفة سواء في الجانب العسكري او المدني ، فنري شيوخ وكهلة وقادة او اسر معينة تنحصر عليهم الوظائف العسكرية والتي خلقت لنا تبعية محددة وضيقة في صفوف العسكر وليست تبعية للوطن والشعب ، فاصطدم الثوار في جانب عدم حيادية العسكر والجيش في القضايا الوطن الكبري وانما انشق الي قسمين ،وهذا الوضع جعل من الثوار بلا جهة حيادية تدعمهم في وقت الحسم مثل مصر وتونس ، لان عامل الجيش مهم جدا في الثورات .

3- عامل المنظمين الي الثورة حديثا ، قيام الثورة جعل كل الناس تعبر عن رغبتها بالحرية والانضمام الي الثورة ، فتوالت الانضمامات من جميع اطياف المجتمع ، ولكن لا يقف العمل الثوري عند الانضمام او الصعود الي المنصة لتعبير عن انضمامنا ، بل يحتاج الي وقوف جاد مع الثوار والشباب حتي الوصول الي مرحلة النهائية وحدوث عملية التغيير الشاملة ، وهذا احدث ذلك جدل كبير بين الثوار ما بين مشكك ومؤيد و مستقل .

4- عامل اقتصادي ،اغلب الشعب يعيش تحت خط الفقر ويعتمد بشكل اساسي علي راتب الدولة او علي دخل محدود يقوم به بمزاولة عمل خاص او ما شابه ، فأدى الي اضعاف دور النقابات العمالية والتي لها دور كبير في انجاح الثوارت ، وعدم حدوث اضراب شامل في جميع مرافق الدولة حتي تشل الحياة الوظفية برمته ؟

5- عامل التخطيط والتنظيم ، الثورة قامت فجاءة وبدون مقدمات ، فابدات بخرج مجموعة شباب للاحتفال في نجاح ثورة مصر ، وتشكلت ثورة وايدها جميع اطياف الشعب اليمني من شرق الي غرب ، ولكن بعد ذلك حدث عدم تنظيم داخل الساحة بين الثوار ، وترك الحبل علي الغارب بحيث لا توجد كلمة موحدة بين الثوار ، فهذه صراحه ولا ا اريد ان اكون مثل الذين يخفى او يخشوا الحديث علي مثل هذه المواضيع ، بالرغم انها مهمه لتصحيح مسار الثورة ، فتجد الثورة لديها عدة متحدثيين من شباب ، مستقلين ، احزاب ، وطنيون ، كثرة اعلان الاهداف وسحبها ، ومجالس هنا وهناك .

6- عامل اعلامي ، هذا العامل مهم جدا لانجاح اي ثورة ، فالحرب الاعلامية ليست ابتكارية و انما منذ القدم تستخدم للكسب المؤيدين وايصال صوت الثوار الي الاخرين ، ولكن لحد يومنا هذا فكل الانشطة التي يقوم بها الثوار في الساحة لا تصل الي كثير من الشعب وخصوصا في الارياف وفي الخارج ، سبب وجود قصور اعلامي ولايحدث مثل توجيه كلمة للشعب من ممثل الساحة ولنفرض تم انتخابه بحيث يكون المتحدث الرسمي يقوم بعمل مؤتمر صحفي للتوضيح للشعب ماذا تم وما الهدف والرد علي المشكيين والهجوم الاعلامي المعاكس من قبل السلطة الذي يحدث بشكل يومي .

7- عامل خارجي ، للدور الذي تلعبه الدول الصديقة والشقيقة من انقسام واضح وعدم جود تأييد دولي للقضية الثوار ، كون النظام استطاع ان ينجح في السياسية الخارجية كثيرا ، وايضا تعامل الدول الخارجية بوضع لخاص مع ثورة اليمن وشباب اليمن ، كون الثورة تعاني من قصور سياسي واعلامي وهذا ما تعمل عليه الدول وقت الحروب ، فتكسب التأييد وتكسب الدعم وهذا عامل مهم للنجاح الثورات برمتها .

8- عامل احزاب المعارضة ، شكل انضمام المعارضة الي الثورة دور كبير و اعطاء الثورة قوة ودفعه كبيرة ولا ينكر احد دور الاحزاب السياسية في ذلك ، ولكن غاب علي هذه الاحزاب العمل المشترك الذي يحقق ثماره في انجاح الثورة وليس صراعات وتصريحات ، وفكل فريق انحصر بقضية ومبادئ حزبه وليس بقضية وطن باكمله ، وزاد التشكيك وكثرة المجالس.

اذا نظرنا الي انفسنا والى اي مراحلة وصلنا بالثورة ، فانا اقول بان الثورة عمرها ما تنطفي ابدا ولا يمكن ان يرجع الزمن الي الوراء ، ولكن تحتاج الثورة مننا الي صدق واخلاص وعمل جاد وتنظيمي وتوحيد القلوب ورص الصفوف مع بعض ، وانهاء مشاكل التي تثأر من هنا وهناك لاثارة البلبة في صفوف الثورة ، والغريبة ان قوى المعارضة والثوار هم من يثيروا هذه المشاكل اكثر من النظام مثل القضية الحوثية ، الجنوبية ، المناطقية و الي اخره ، وفي الاخير اتمني ادراك العوامل السابقة وان يقف الاخوة في قيادة الشباب علي العمل الجاد وتصحيح الاخطاء وقراءة الوضع بشكل جيد حتي يصلوا بهذه الثورة الي بر الامان ، ودام الله الثورة والثوار ، وشعارنا الله ثم الوطن الوحدة الثورة دوما وابدا .