الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٨ مساءً

الفيـدراليـة ليـست حـلاً وحيـداً..!

محمد البعوم
الثلاثاء ، ٣٠ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
الفيـدراليـة ليسـت العصـا السحـريـة التي ستخـرج اليمـن من تعقيـداتها وعوائقهـا المفـروضه عليها عبر التراكمات التاريخية التي يمارسها بعض النخب الفاسدة والبشوات والمشائخ المتفيـديـن مع كل تغيير يحدث في اليمن ..فإن تغير الرؤساء والوزراء والمحافظين وحتـى أنظمـة الحكـم فإنـه يظـل هنالك شبكـة محسـوبيـة كـُبرى لا يمكن القضـاء عليهـا بمجـرد صيـاغـة حـكم جـديـد كالفيـدراليـة مثـلاً.
صحيـح أن الفيـدراليـة تجعـل مـواطنـي الإقاليـم ينعمـون بحقـوقهم وثـرواتهـم المشـروعـة ولكي يشعـروا ببعضـاً من السيـادة التي أنتقصـت من حقهم . وهذا أيضـاً يمكنهـم في فـرض برامـج التي من خلالها يراعون خصوصيتهم في تنفيذها سـواءاً كانت تلك البرامـج تعليميـة أو تثقيفيـة أو حتى إجتماعيـة إلا أن ذلك لا أعتقـد أنـهُ يصـح لبـلـدٍ مثـل اليمـن خصـوصـاً في هـذه المرحلـة ..حيث أن الإحتقـانات والطائفيـة والمناطقية لا زالت مستعـرة ومزدهـرة بشكل لافـت .

الحكـم المحلـي واسـع الصـلاحيـات هـو أشبـه بالحكـم الفيـدرالي المـُصغـّر وعليـه قـد يكـون الحـكم المحلـي أرشـد وأكثـر إيجـابيـةً من الإنقسام إلى أقـاليـم ..لأن تقسيـم اليمـن إلى أقـاليـم في مجتمـع طبقـي وسلطـات مشائخيـة ستـزيـد الوضـع تعقيـداً وتزدهـر فيهـا كل أشكـال العنصـريـة وتـُثار فيهـا النعـرات الطائفيـة والمنـاطقيـة والعرقية. .
ثـانيـاً سيضعـف الـولاء الوطنـي لكيـان الدولـة ويتحـوّل للإقليـم حيثُ أن الولايـات المتحدة تنفق مبالغ خيالية هائلة على السينما من أجل تعميق الولاء الوطني بيـن أفـراد المجتمـع الأمريكي والأمـر ليـس مـُعقـداً لأن الهدف من تقسيم اليمـن هـو تحقيق العـدالة وإعـادة تـوزيـع الثـروة ولذلك أن أرى أن الحكم المحلي لكل محافظة واسع الصلاحيـات يجب أن يُحـاكى عمليـاً دون اللجـؤ إلى تقسيم اليمـن إلـى أقاليم.

وفرض دولة مؤسساتية مدنية قائمةً على مبدأ فصل السلطات وسلطة لا مركزيـة على مستوى جميـع المحـافظـات اليمنيـة ..ثم إن الأمـر يحتاج إلى دراسة عملية بحتة تفنـّد العـوامـل الرئيسيـة التي من أجلهـا كانت الفيدرالية والعوائق التي ستعتريها وإتخاذ طرق لمعالجتها وكذلك تثقيف الأفـراد بماهية النظام الجديـد خصـوصـا فـي بلـدٍ مثل اليمـن لا زال معظـم قاطنيـه يـؤمنـون بأنظمـة القبائل الجهويـة وحلـولهـا القـرويـة .
.. هنالك محافظات تحظى بتضخم بشري هائـل كـ إب وتعـز وهـذا قـد ينعكـس سلبـاً عليهم في حـال تقسّـمت اليـمن إلى أقـاليـم لأن الوظـائف معظمها للمنتسبين لهذه المحافظات ولا يستطيـعون أن يتوظفـوا في إقليمـهم نظـراً للسكان الكبيـر في الإقليم الواحـد ..أيضاً سيؤدي تقسيم الأقاليم إلى عزل شعب شمال شمال في التخلف لأنه ليس هنالك ضامن حقيقي أنهم سيلحقون في التنافس المدني والإتجاه نحو المستقبل مثل المحافظات التي تحظى بتوافق مدني بين أفرادها وتشجع عليـه.

ختـامـاً الفيـدراليـة نظـام مستحدث في الدـول الكبـرى كأمريكا وروسيـا والصيـن وألمانيـا وكـندا وهي دول لديهـا مسـاحات شاسعـة وثـروات كبيـرة قـد لا تستطيـع الدول المذكورة من بسط نفوذها في حال لو أتخذت النظام المركزي لذلك فالنظام الفيدرالي يناسبها بشكل طبيعـي بل قد يـُعد أنجح الحلول وأفضلها خياراً وهو ما نرى عليه اليوم من التطور والتقدّم المنشود لهذه الدول العظمـى ..ولو أخذنا ماليزيا مثلاً وهي ودولة لها مساحة جغرافية تقارب اليمن لوجدنا أن النظام فيها هو فيدرالي أيضـاً وهـو يتناسب معها بالطبـع نظـرا لتعدد الأعـراق والأديـان واللغـات داخل المجتمع الماليزي الواحد فجائت الفيدرالية كحاجة أساسية لتكون نظاماً لحكم البلاد ..في حين أن الإمـارات بلـد مستقـر سيـاسيـاً وإقتصـاديـاً وأمنيـاً كانت الفيدرالية أكثر تناسباً وتناغمـاً مع طبيعة الشعب الإمـاراتي حيث رأت في الفيـدراليـة الطريق الوحيـد للوحـدة الإندمـاجيـة إلا أنهـا تفضل ما هي على الحكم القـائم.