الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٢ صباحاً

المتعهدون بقطع الكهرباء ... هل هم من ذرية آدم؟!

أحمد عبدالله القاضي
الجمعة ، ١٤ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
تحكي رواية " مزرعة الحيوان Animal Farm " للكاتب الروائي الفذ " جورج اورويلGeorge Orwell " – انجليزي الأصل من مواليد الهند – قصة ثورة استعدت لها ونفذتها حيوانات واحدة من المزارع في الريف الانجليزي ضد صاحب المزرعة وعائلته ومعاونيه من البشر وتمكنت الحيوانات من الانتصار عليهم وطردهم من المزرعة ونجحت في صد كل محاولاتهم للعودة إليها.

وكانت دوافع ثورة الحيوان ضد الإنسان ، هي الاستبداد والظُلم والقهر من تصرفات الإنسان .. " الذي يستهلك دون أن يُنتج " ... أحد الشعارات التي كانت تصوغها وتروجها " خنازير المزرعة " لتأجيج غضب الحيوانات ضد الإنسان .

وسرعان ما تمكنت الخنازير من فرض زعامتها على بقية الحيوانات للذكاء الذي ميزها به كاتب الرواية عن سائر الحيوانات حتى أنها تعلمت مثل الإنسان القراءة والكتابة . وبعد أن استقرت لها الزعامة ، انحرفت الخنازير عن مسار الثورة وعادت وتشبهت بسلوك الإنسان ومارست الاستبداد ذاته على الحيوانات ؛ وأصبحت تنام على الفرشان الوثيرة التي تركها الإنسان وراءه وتلبس ملابسه وتدخن السيجار وتشرب النبيذ والأدهى من ذلك تأخذ بين أصابع رجلها الأمامية الأسواط التي كان الإنسان يضرب بها الحيوانات بل وتقوم بالتفاوض المباشر مع الإنسان لتصريف منتجات المزرعة ....وهكذا تنتهي الرواية !!

أن من يقراء تلك الرواية لابد وان يستحضر كثيراً من أحداثها ويراها ماثله أمامه أن كان عائشاً في اليمن "البلد المزرعة الكبيرة " ، حيث كل الحيوانات الأليفة من الدجاجة حتى الجمل تعيش جنباً إلى جنب الإنسان اليمني الذي يرعاها بالقوت والماء والمأوى ويحميها من الحيوانات المفترسة ومن تقلبات الطقس وأيضا من الأمراض و الأوبئة . وبعد ذلك تتغير المعادلة ويأتي الدور على الحيوانات فتكافئ الإنسان على ما قدمه لها سواء بمجهوداتها في أعمال المزرعة أو بلحومها وبيضها وألبانها بل وبجلودها أيضا . وعلى هذا المنوال سارت الأمور وترتبت العلاقات بين الإنسان والحيوان الأليف منذ عهد سحيق تعايشوا مع بعض بكل مودة وصفاء في حدود هذه المزرعة الكبيرة .... اليمن!

وعلى حين غفلة ، ظهرت في قلب المزرعة وفي أطرافها كائنات من طراز جديد... لاهي بالحيوانات الأليفة ولاهي بالبشر!
هيئتها الخارجية هيئة بشر .. ملابسها ملابس بشر ... تقف وتمشي على قدمين وتنطق مثل البشر وطعامها يبدو أنه من الأطعمة التي يأكلها البشر ... وكذلك المثل جلودها جلد بشر!
ولكن ....

طبائعها ليست من طبائع البشر ... الوعي عندها غير ما هو عند البشر ... تركيبة الشخصية وبُنيانها غير مألوفة لدى البشر والقيم الأخلاقية والدينية هي الأخرى ليست من أخلاقيات ولا من أديان البشر !

لا تعرف ماذا يعبدون ؟تُرى هل يعبدون الأشجار أم الأنعام أم الأحجار أم الذهب ... ربما الأقرب للتفسير هو " الذهب " ! أكثر الاحتمالات هو أن الذهب ذلك المعدن الأصفر المولود من الذهب الأسود (( النفط )) هو الرب الذي يعبدونه ؟ فالذي يعبد الله سبحانه وتعالى .. لا يمكن أن تكون لديه هذه النوازع التخريبية والتدميرية وهذا الحقد السادي لخنق المرضى العجزة وهم على أسرة المرض أو مرضى ارتفاع ضغط الدم حيث يكفى انطفاء الكهرباء لمدة ساعة واحدة في مدينة حاره مثل عدن أو الحديدة لتنطفئ بذلك حيواتهم .. أو قتل أولئك الأطفال داخل حاضناتهم التي تعمل فقط على الكهرباء وتمدهم هذه الحاضنات بالأكسجين الضروري لاستمرار الحياة ؛ فما أن تطفئ الكهرباء ينقطع الأكسجين وإلى حين تشغيل المولد ، أن كان للمستشفى مولد ( ماطور ) يكون الطفل قد مات ؛ هؤلاء الأطفال ماتوا بالعشرات حتى قبل أن يعرفوا أسمائهم !!

الشيء بالشيء يذكر !
ولما كانت فلسفة " القطع هي السائدة في اليمن ، فالشيء بالشيء يُذكر ! لقد ظهرت بادرة جديدة مخيفة في مسلسل " القطع " في مدينة صنعاء وهذه المرة من" لا عب " جديد أنضم إلى قائمة محترفي لُعبة " المنغصات الشعبية " ؛ وهذا اللاعب الجديد هو " مؤسسة المياه " فهي الأخرى ، تقوم أيضاً بقطع الماء ولفترات فاقت فترات الكهرباء .

قطع التيار الكهربائي يكون بالساعات إما الماء فبالأسابيع بل والأشهر على أحياء من العاصمة .

والمثال على ذلك هو الحي الذي أسكنه في شارع هائل الممتد حتى " المحوى " خلف وزارة النفط ، حيث يتم قطع الماء بانتظام لمدة أثنين وعشرين يوماً ويفتح فقط لمدة يومين ثم يعود القطع للمدة ذاتها .

لسان حال مؤسسة المياه تقول ... وهل نحن أقل شأناً من الكهرباء التي بدأت بقطع التيار أيام الآباء والرواد الأوائل لأكثر من عشر سنوات قبل أن يظهر فرسان الخبطات في مأرب . وقد مهد الآباء الأوائل في الكهرباء لصفقة
" المولدات " التي لا تخلو اليوم منها شقة ولا دكان ولا فرن ولا وزارة ولا سفارة ولا ... الخ

احتياطي البنزين والديزل متوفر في بنايات صنعاء السكنية بكميات تفوق الكميات المتوفرة في محطات البترول والديزل !
كل الناس لا تتحدث إلا عن الكهرباء ... فليتحدثون قليلاً عن الماء ... ولنكن نحن قادة مؤسسة المياه اليوم الآباء الأوائل الرواد في عملية القطع والتمهيد لصفقات " الوايتات / البوزات " وهي أجدر بالاحترام من المولدات ، فهديرها أقوى من هدير المولدات ؛ هدير الوايت الواحد عندما يفرغ الماء " يَبز ُ" هدير عشرة مولدات مجتمعه !

وفعلاً بدأت الوايتات تجوب الشوارع ( عندنا على الأقل ) بأعداد أكثر من إعداد عربات الايس كريم " نانا " وما أن يهدأ الإنسان من هدير مولد حتى يدخل في هدير أكبر وهو هدير الوايت ويليه هدير الموتر سيكل الذي يستمر هديره دون توقف حتى الساعات الأولى من الفجر وتحدوا بنجاح الأستاذ الفاضل عبد القادر أمين العاصمة وقوات الأمن التي تقف خلفه مقلقين الناس في مضاجعهم (( بالمناسبة كان في عدن نظام مرور يمنع حتى صوت السيارة ( الهون ) بعد السادسة مساءاً .. وكان السائقون ملتزمين بذلك النظام فالعقوبة كانت سحب رخصة القيادة لمدة ستة أشهر عن المخالفين النظام)) .

وبالمناسبة ، فقد تداولت هذا الموضوع قبل نشره مع الزميل العزيز اللواء أحمد قرحش الذي أفاد قائلاً بأن الماء في منزله وفي المنازل المجاورة له " مقطوع " طول السنة فيما عدا مره واحده أيام الأعياد !

( يسكن في حي الكهرباء بالمنطقة الثانية بصنعاء ) وأصر من جانبه على نشر المقال بأسرع ما يمكن .

الصحافة باعتبارها " السلطة الرابعة " يقع على عاتقها واجب " وطني " في النزول الميداني إلى جميع الوحدات الإدارية التابعة لمؤسسة المياه هنا في صنعاء للوقوف على الأسباب الحقيقية وليست " الرسمية " لانقطاع الماء – ونشر ملف متكامل عن المياه قبل أن تتفاقم مآسي المواطنين وتصل إلى المعاناة نفسها مع الكهرباء – فالمياه " سلاح " أخطر من الكهرباء إذا ما استخدمت للأغراض السياسية !