الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٤ مساءً

هل تعلمنا خواطر الشقيري درساً في حب الوطن؟

د . محمد نائف
الاربعاء ، ٣١ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
شاهدت مساء الثلاثاء (30 يوليو) لأول مرة هذا العام جزءاً من برنامج خواطر 9 (الحلقة 21-الإحسان يصنع ثروة) الذي يقدمه الإعلامي السعودي البارز أحمد الشقيري وقد أوحى لي موضوع هذه الحلقة بموضوع هذه المقالة وذكرتني أيضاً بصديقي السويسري (آندي) الذي زاملته قرابة 3 أشهر في بريطانيا في العام 1982.

لن أتوقف كثيراً عند موضوع الحلقة 21 من خواطر 9 التي تحدثت عن موضوع الإحسان أو عند الحقائق التي وردت فيها عن الشعب السويسري الذي يعشق الدقة في كل شيء والحرص على إتقان العمل مما أدى إلى أن تكون المنتجات السويسرية من أفضل الماركات العالمية من الشكولاته إلى الأجبان إلى الساعات، إلخ.

الإحسان وإتقان العمل، يا إخوة الدين واللغة والعرق، ليس بغريب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال بما معناه: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً فأتقنه"، ولكننا، للأسف، نسينا أننا خير أمة أخرجت للناس وأصبحنا نتفاجأ ونندهش أيما دهشة حين نرى بعض الشعوب تطبق مبادئ تعلمناها منذ أكثر من 14 قرن وما زالت محفوظة حتى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

إذاً ما سوف أتوقف عنده هنا هي أمور ومعلومات أخرى عن الشعب السويسري قد لا يعرفها الكثير من الناس لعل وعسى نتعلم منها شيئاً مهماً نحن اليمنيون الموصوفون بالإيمان والحكمة ومنها على سبيل المثال، لا الحصر:

1. توجد في سويسرا أربع مقاطعات مختلفة يقطنها مواطنون ينحدرون من أعراق مختلفة.

2. توجد في سويسرا أربع لغات رسمية مختلفة، فيتحدث المواطنون الذين يقطنون المقاطعة الشمالية والوسطى

والشرقية من سويسرا اللغة الألمانية (الألمانية السويسرية)، والفرنسية في مقاطعة غرب سويسرا، والإيطالية

في مقاطعة جنوب سويسرا، والرومانش في مقاطعة جنوب-شرق سويسرا.

3. يبلغ تعداد سكان سويسرا تقريباً 8 مليون نسمة، أكثر من 20% منهم مهاجرين من بلدان مختلفة مثل البرتغال

وأوكرانيا والعراق وألبانيا، إلخ.

4. لا يوجد دين رسمي للدولة ولكن تمارس فيها كافة الديانات بحرية تامة مثل المسيحية والإسلام واليهودية.

5. سويسرا دولة محايدة لا تقف لا مع الشرق ضد الغرب ولا مع الغرب ضد الشرق ولا مع دولة ضد دولة

أخرى.

هذه بعض المعلومات والحقائق البسيطة عن سويسرا وهنالك الكثير من المعلومات الأخرى التي لا يتسع المقام لذكرها جميعاً وإنما فقط أردنا أن نورد البعض منها لنطرح الأسئلة المهمة التالية:

1. هل سمعتم يوماً أن أحداً من السويسريين من الجنوب يُعيِّر آخر من الشمال بأنه شمالي أو يقتله أو يستبيح ماله لأنه شمالي أو العكس؟

2. هل وصل إلى مسامعكم يوماً ما أن أهل المقاطعة الشمالية والوسطى والشرقية في سويسرا يريدون أن ينفصلوا عن المقاطعة الغربية أو الجنوبية أو الجنوبية-الشرقية؟

3. هل قرأتم يوماً أن السويسريين في المقاطعة الشمالية والوسطى والشرقية يصفون أهل المقاطعة الجنوبية بأنهم غزات ومحتلين؟

4. هل رأيتم أو قرأتم أو سمعتم أن السويسريين في المقاطعات المختلفة الذين ينحدرون من ديانات وأعراق وأصول مختلفة ويتحدثون أربع لغات مختلفة يُكفرون ويزدرون ويحتقرون وينفرون من أيِ مواطن سويسري آخر في مقاطعة أخرى؟

أرجو أن تكون الرسالة قد وصلت إلى أهل اليمن (أهل الإيمان والحكمة) ولا داعي للخوض في تفاصيل لأن الحليم كما هو معلوم تكفيه الإشارة. فإذا عقدنا مقارنة بسيطة بيننا وبين سويسرا، سنجد أن سويسرا تعتمد في إقتصادها بصفة رئيسية على الأنشطة المصرفية والصناعات المختلفة ولكن حب السويسرين لوطنهم وترفعهم عن الصغائر والضغائن ونبش الجراح والتفرقة والعنصرية جعل سويسرا من أكثر الدول رقياً واستقراراً وأمناً ورخاءاً في العالم وقبلة لمن لا وطن له. أما نحن في اليمن فلدينا من الموارد البشرية والطبيعية ما لا أذن رأت ولا عين سمعت تمكننا من العيش على أرضنا بعزة وكرامة إذا أحببنا وطننا وآمنا فعلاً بقيمة وحدتنا وأننا نملك من المقومات أكثر بكثير مما تملكه سويسرا وبإمكاننا أن نكون من أكثر الدول استقراراً وأمناً ورخاءاً في العالم على غرار سويسرا.

أتمنى، مخلصاً، أن ندعوا لحملة في طول اليمن وعرضها نتبارى فيها جميعاً في حب الوطن وحب بعضنا بعضاً من خلال أفعالنا ومماراساتنا اليومية لمدة محددة من الزمن ونقيم التجربة وسنرى كيف ستتغير حياتنا وسنعرف ما معنى أن نعيش في بلد وصفها جلى وعلى في محكم كتابه أنها: "بلدة طيبة ورب غفور." صدق الله العظيم.