الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٩ مساءً

دعوة الى الايجابية في المجتمع

عبد السلام حمود غالب
الاثنين ، ١٢ أغسطس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
قال تعالى:
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) سورة ال عمران .
المتأمل في الاية الكريمه يلاحظ الحرص على الامة الاسلامية ان تكون مبادره ايجابية متفاعله مع بعضها البعض يسودها ....
روح التعاون ....روح المسئولية ... روح البذل والعطاء ..... ثقافة المحبة والتسامح .... الهمة العالية والجد والاجتهاد في خدمة البشرية والامة الاسلامية .... التفاني والنشاط والحيوية في التغيير نحو الافضل ....مراعات الواقع والاخذ بالاسباب ...... الاحترام المتبادل مع لاخرين .....التواضع ونبذ الكبر والتعالي .....

وتسود روح المحبة ونشر الخير بين الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وفق الضوابط الشرعيه التي ضبطة الامر بالعمروف والنهي عن المنكر وكذلك المراتب التي يتم تغيير المنكر بها كما ذكر في الحديث من راء منكم منكر فليغيره وذكر منها
التغيير باليد وله ضوابط وشروط -التغيير باللسان وله ايضا ضوابط وشروط -ولخير بالقلب من عدم القبول والرضى به وغيرها
يقول الزمخشري [1] حول الاية الكريمة :
{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ } «من» للتبعيض لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات ، ولأنه لا يصلح له إلا من اتصف بالصفات التاليه حسب كلام الزمخشري:
- من علم المعروف والمنكر ، أي العلم بذلك فهو شرط لتغيير المنكر على علىم وبصيره.

- وعلم كيف يرتب الأمر في إقامته وكيف يباشر ، أي ايضا العلم والقدرة اثناء التغيير لهما بحكمة وموعظة وكذلك البدء والمباشره بذلك
- فإن الجاهل ربما نهى عن معروف وأمر بمنكر ، وربما عرف الحكم في مذهبه وجهله في مذهب صاحبه فنهاه عن غير منكر ، لان الجهل وعدم المعرفه يقود الى الفتن وتغيير المفاهيم وضياع الحق بسبب الجهل وعدم المعرفه .
- وقد يغلظ في موضع اللين ، ويلين في موضع الغلظة ، كذلك الاسلوب المناسب والاداء المتميز بعلم ومعرفه وحكمة .
- وينكر على من لا يزيده إنكاره إلا تمادياً ، ومعرفة النتائج والتوقع لها مسبقا فما ادى الى منكر اكبر منه يترك تفاديا لها درء المفسدة اولى من جلب المصلحه وهناك اداب وضوابط مهمة اثناء المبادره والتصدي للامر بالمعروف والنهي عن المنكر اوضحها وذكرها العلماء وبينوها فالموضع مهم في غاية الاهمية .

وما يهمنا الاخذ به هو المبادرة والايجابية في المجتمع والاخذ على يد من جانب الصواب وانتقل الى الافساد وافشال جهود الامه والناس فالواجب على الامه وجماعة المسلمين تجهيز وتاهيل الفئات والجماعات والافراد التي تقوم بخدمة المجتمع وتسعى الى رفعته وتقدمه والنهوض به بين الامم والشعوب .


ويذكر صاحب أيسر التفاسير حول مفهوم الآية [2]
أمرهم في هذه الآية ( 104 )
بأن يوجدوا من أنفسهم جماعة تدعوا إلى الإِسلام وذلك بعرضه على الأمم والشعوب ودعوتهم إلى الدخول فيه ، كما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في ديار الإِسلام وبين أهله فقال تعالى مخاطباً إياهم ، ولتكن منكم أي يجب أن تكون منكم طائفة يدعون إلى الخير أي الإِسلام ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وبشرهم بأن الأمة التي تنهض بهذا الواجب هي الفائزة بسعادة الدنيا والآخرة فقال : فأولئك هم المفلحون الفائزون بالنجاة من العار والنار ، وبدخول الجنة مع الأبرار .

وما يشير اليه ايجاد الامة والجماعه الايجابية المتفانية في نشر الخير بين الناس ودعوتهم الى ما ينفعهم في الدنيا والاخره ، ويعرض طريق الفوز والصلاح هو حب الخير للناس ونشر المحبة والالفة والتعاون ومبادرة الجماعات والفئات الى الخير ونشره .

مفهوم الايجابية :
الإيجابية اسم جامع لعدة معانٍ ، فهي الشعور بالمسئولية ، والفاعلية وهي الهمة العالية ، والتحرك للإنتاج والبذل ، و هي بمعنى الإلزام ، يقال : أوجبه ، أي ألزمه ، فالإيجابية تتضمن الإلزام و الإلتزام ، ، فهي تعني أن يوجب المرء على نفسه ما ليس بواجب ؛ لما عنده من همة عالية و رغبة في البذل ، و حب للإرتقاء إلى المعالي ، فالإيجابية تعني : حب التغيير نحو الأفضل ، و رفض الإستسلام وعدم اختلاق المبررات للقعود والتخاذل فهي كلمة عظيمة وخلق راقي وافعال ساميه تصلح المجتمع وتنقذ المواقف المختلفه بحب وشعور بالمسئولية
ويعرفها اخر الايجابية :
هى سمة من سمات الشخصية وتعنى الخروج من التمركز حول الذات إلى الانفتاح على العالم الخارجى ، والرغبة الحقيقية فى إصلاح الذات وإصلاح المجتمع ، ووجود إرادة التغيير للأفضل ، والقدرة على التفاعل الجيد مع الآخرين . وبمعنى آخر الإيجابية هى إرادة الحياة الحقيقية وإثبات شرعية الوجود المعنوى.

ويعرفها اخر الايجابية ([3])
(تكمن داخل كل إنسان قوى نائمة، وهي من القوة بحيث إنه إذا تم إيقاظها وتوظيفها فستحدث توازنا في حياته)، كما أستشهد - أيضا - في هذا السياق بتعريف يتم تداوله (عمل يمنع الكسل وحيويته تقصي السلبية وانتشار لا يقبل الانحسار، إنها عطاء ليس له حدود وارتقاء فوق كل السدود ومبادرة لا تكبلها القيود).

القدرة والهمة والمواهب وغيرها صفات كامنه داخل الانسان فما ان يفتش عنها ويظهرها حتى يزداد بهاء وجمال وخدمة وايجابية في مجتمعه واسرته وقرارة نفسه يشعر بالرضى ،،،،،،،،،،،،، عندما يجد ما يقوم به من خدمة للناس ، وارشاد لهم ومساعدتهم ،، والتفريج عنهم وتقديم الافضل والسعي نحو التغيير ترى الرضى عن النفس وعن المجتمع الذي يعيش فيه .

فمن خلال الاية نلاحظ الاتي :
1- الارشاد الى المبادرة وان تكون الامة مبادره الى الخير وان تسعى الى ايجاد وتاهيل افرادها الى الايجابية والمبادرة نحو الخير .
2- الحرص على الخير ،ونشرة وبذله للناس ، والمساهمة الى خدمة المجتمع بما ينفع ويقدم الخدمات
3- تاهيل الافراد المتميزين واصحاب الابداع ،والحرص على ايجاد شخصيات نافعه للامة مسهمة في رفعة المجتمع وتقدمه ،والحرص على ذلك .
4- التميز والابداع ،وما يخدم المجتمع و الافراد والجماعات مما يدعوا اليه الدين الحنيف وخير الناس انفعهم للناس .
5- الدعوة الى الايجابية في المجتمع والمساهمة بقدر الاستطاعة في محاربة واستئصال الفاسد والمنكر وما يقود الى الفشل وزعزعه المجتمع ، وما يقود الى التفرقه وانتشار الحقد والكراهية وغيرها .
6- الحكمة ضالة المؤمن اينما وجدها فهو احق بها ،فناخذ ما ينفع الفرد والمجتمع من الحضارات المختلفه ،والشعوب والامم المختلفه .
7- تشير الاية الى ان الفلاح والفوز لمن اخذ بالأسباب ،ووجود الجماعة والامه المتمثله بالقيم والاخلاق الفاضله والايجابية الفاعله في الخير المساهمة في نهضة الامة الاسلامية والمجتمع الاسلامي .