الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٨ صباحاً

بين هاي والمانحين والعاجزين.. والبحث عن القادرين ! السعادة في بلد السعيدة..

د . محمد ناجي الدعيس
السبت ، ٢١ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
أشار تقرير مؤشر السعادة العالمي ــ WORLD HAPPNESS REPORT 2013 ــ أن اليمن احتلت المرتبة الـ 142 من بين 156 دولة من دول العالم، ويصدر هذا التقرير عن الأمم المتحدة بالتعاون مع معهد الأرض بجامعة كولومبيا الأمريكية حيث بدء المسح الأول في عام 2012م،. ومن المؤسف جاءت اليمن السعيدة ــ كما كان يطلق عليها ــ بالمرتبة قبل الأخيرة في قائمة شعوب الدول العربية السعيدة، بينما احتلت الصدارة دولة الإمارات، وذكر التقرير أن سورية احتلت ألمرتبه الأخيرة مناصفة مع دولة جزر القمر، وتصدرت الدانمرك قائمة دول العالم الأكثر سعادة، في مؤشرات السعادة والرضا بين الشعوب. أمّا عُمان أخذت المرتبة 23 وتلتها قطر في المركز 27 فالكويت 32 ثم السعودية بالمركز 33 والجزائر 73 والأردن 74 ولبنان 97 والمغرب 99 ، وجاءت مصر في المرتبة 130 والسودان 124 وفلسطين 113 والصومال 101. ويوضح التقرير أنه يمكن قياس السعادة بمدى شعور الأفراد بالسعادة والرضا عن حياتهم، والدول الأكثر سعادة غالباً ما تكون الدول الأكثر ثراء إلى مدى معين، إضافة إلى عوامل أخرى مساعدة مثل الدخل الإضافي والدعم الاجتماعي، وغياب الفساد ومستوى الحرية التي يتمتع بها أفراد المجتمع..

ولأن حديثنا هنا عن اليمن فقد قدّر تقرير رسمي خسارة اليمن بنحو 5 مليار ريال سنوياً نتيجة هجرة الكفاءات وذوي الاختصاصات العلمية والنادرة. ووفقا لذات التقرير فإن العشرات من الخريجين وأصحاب الكفاءات يغادرون اليمن سنويا للبحث عن فرص عمل تحسن معيشتهم ولتطوير مهاراتهم. وقد أشارت إحصاءات التقرير إلى أن نحو 30 ألف شخص من الكفاءات حملة المؤهلات النوعية والنادرة يعملون في دول الجوار ودول أخرى، في الوقت الذي صرفت البلد أمولاً باهظة لتأهيل تلك الموارد البشرية النوعية وهي تعاني من نقص شديد في البناء التنموي لشتى المجالات، إلا أن ذلك المورد الهام يفضل هجرة البلد برغم قساوتها للعمل في دول الجوار وغيرها لتحسين مستوى دخلهم.. فمن المسؤول عن هجرتهم تلك؟ ولنأخذ نماذج لكفاءات يمنية أبدعت بشهادات دول عالمية دون أن تلقي لهم القيادات اليمنية المسؤولة أي اهتمام، وهي كالتالي:
1. د. مناهل ثابت: امرأة يمنية متفوقة عالمياً، حيث قدمت معادلة رياضية أحدثت تغييراً نوعياً في علوم الرياضيات ، فاستحقت جائزة العباقرة العالمية كممثلة عن قارة آسيا، وجائزة الإمارات للعلماء الشباب للعام 2013، وهي البالغة من العمر 32 عاماً، حققت إنجازات علمية أذهلت العالم بأسرة .. ويحسب لها أيضاً أنها تعد أصغر وأول امرأة، ليس عربياً فحسب، بل على مستوى العالم حصل على درجة دكتوراه في الهندسة المالية، وهي في سن الخامسة والعشرين، من جامعة ديبولي الأمريكية .. وثاني امرأة في العالم حصلت على دكتوراه في رياضيات الكم، وهي لا تزال في 28 من عمرها. وقدمت معادلة رياضية تمكن العلماء من خلالها حساب سرعة الضوء، وحسب علماء الرياضيات فإن المعادلة تلك تحدث تغييراً نوعياً في رياضيات الكم، الذي يُعد من أعقد العلوم الطبيعية، الأمر الذي دفع العديد من الوكالات الدولية المتخصصة بالفضاء تتقاطر وتطلب من الدكتورة مناهل تطوير المعادلة.. هذا العقل اليمني الذي غُيّب ولازال يشهد تغييباً كبيراً خصوصاً داخل وطنه اليمني للأسف الشديد بسبب أن فساد الجاهل هو من يحكم..! إنه لمن العار أن تكرمها دولة الإمارات العربية الشقيقة.. بينما في المقابل تكتفي حكومة بلدها بتكريمها على استحياء بالقنصلية العامة في دبي، وزارة المغتربين اليمنيين.

2. الدكتور خالد نشوان طبيب يمني تمكن من اختراع جهاز لتوسيع الشرايين المتصلبة دون إجراء عملية أو تدخل جراحي. وقد سُمي الجهاز على اسم الدكتور بـ " نشوان بارا سوند " ويقيم في العاصمة المجرية بودابست، حاصل على براءة اختراع ويحمل جهازه حماية الملكية الفكرية الدولية، ومنحه الاتحاد العالمي للمخترعين بالعاصمة المجرية بودابست "وسام فارس المخترعين الدوليين" ويتكون الاتحاد الدولي للمخترعين من 86 دولة.

3. سجل الباحث اليمني إبراهيم سيلان ألعبيدي الدارس في ماليزيا براءة اختراع في (WIRELESS BODY AREA NETWORK APPLICATIONS) المتمثل في هوائيات ذات تصاميم خاصة يعمل علي تقليل تشتت الموجات الكهرومغناطيسية عند ملامستها للجسم من اجل قراءة بيانات دقيقة للجسم و يتميز هذا الاختراع بصغر حجمه حيث يمكن وضعه في جسم المريض عند مزاولته لحياته الاعتيادية كساعة يد لمراقبه خصائص و كثافة دم المريض باستمرار و إرسال موجات تنبيهيه لوحده التحكم للمستشفي أو الطبيب المختص عند وجود أي خلل في كثافة دم المريض لإنقاذ حياة المريض قبل إصابته بجلطة و الاختراع سيساعد الكثير من المرضى الذين يحتاجوا إلى متابعة طبية دائمة كالمصابين بالسكري و المصابين بالضغط العالي و الذين قد أصيبوا بجلطه سابقاً .

4. تمكن الباحث اليمني/ قاسم أحمد درموش ـ موفد جامعة إب لدراسة الدكتوراه في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مع الفريق البحثي المكون من الأستاذ الدكتور/ محمد أشرف جندال ـ مشرف معامل الليزر ـ والدكتور/ زين بن حسن يماني ـ مدير مركز تقنية النانو ـ والدكتور/ توفيق صالح الأستاذ المساعد بقسم الكيمياء بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن من تسجيل براءة اختراع في مكتب الاختراعات الأمريكية للكشف عن العناصر الشديدة السمية والتي توجد بنسب ضئيلة في الماء.
5. الهند تمنحه درجة الدكتوراه .وأمريكا تسجل براءة اختراع لباحث يمني في استنساخ النبات، اكتشف الباحث اليمني خالد محمد ناجي ألعماري جينات جديدة تساعد علي نمو النباتات في وقت الجفاف، وتمت دراستها بواسطة الإنزيمات المستخدمة في تحليل الحمض النووي وتوصل الباحث إلى نتائج جديدة تؤكد أن مكونات ألجين المستنسخ نوعية، ولم يتم اكتشافها من قبل حيث تم إرسال كل البيانات ا لمتعلقة بهذا الاكتشاف الجديد، وقد تم تسجيله في بنك الجينات في الولايات المتحدة الأمريكية National Center of Biotechnology Information (NCBI ) والذي يعد أكبر وأضخم مركز بحثي في العالم وصنف الاكتشاف علي أنة الأول من نوعه في العالم وتم تسجيله كبراءة اختراع.

6. فاز فريق من طلاب قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالمركز السادس ضمن مسابقة منظمه الصحة الهندسية العالمية (www.EWH.org) للعام 2013م والمخصصة لأفضل عشره مشاريع تخرج على مستوى الجامعات الأمريكية.

أولئك بحق هم نماذج لصناعة القوة والسعادة اليمنية وبغيرهم مستحيل.. ولكن اليمانيّون في تضاد معها بسبب متصحري الفكر والأخلاق..! فمن المسؤول ؟! ومع اعتذاري لاقتضاب الشرح عن هؤلاء المبدعين ولمن لم أوردهم هنا من المبدعين ليس تجاهلاً أو غمط حقهم الذي نفاخر به وإنما لضيق الحيز، فاعتذاري لهم جميعاً سلفاً.. ويحق لنا أن نتساءل هنا: هل الأولوية للتفكير في تمديد فترة الرئاسة أم لكيفية استقطاب الكفاءات لتعود للبناء الوطني؟! وهل أعضاء الحوار وغيرهم فعلاً يُشرِّعون للتمديد ويطالبون من أجل وطن أم من أجل أن هادي قد عرفهم فيطوقونه بجميل التمديد ليضمنوا تعيينات قادمة ونهب مستمر؟

وأخيراً نعرج على عجز الحكومة الحالية والحكومات السابقة التي بسببها فضلت الكفاءات الهجرة كي تبدع خارج السيادة بدلاً من أن يصبها عدوى التبلد من قادة حكومة طموحها لا يتجاوز حدود أنفها، قادة لا يديرون البلد بدون رؤى أو استراتيجيات للأبعاد التنموية المختلفة وحسب، بل عجزوا حتى في استيعاب مبلغ الشحاتة من مساعدات ومنح مقدمة لها من المانحين، أُفٍّ لهكذا عجول لا عقول..!! فقد حذر مستثمرون محليون وأجانب من أن تشهد اليمن أوضاعاً اقتصادية وتنموية صعبة وتفاقماً غير مسبوق في عدم الاستقرار المعيشي للناس وحالة التدهور الأمني وتراجع المشاريع الاستثمارية بسبب فساد حكومة الوفاق الوطني في ظل ارتفاع معدل المساعدات الدولية والمنح والهبات الإنسانية التي تقدمها المنظمات والدول المانحة في مجالات التنمية الاقتصادية والمشاريع الاستثمارية المختلفة. ويرى مراقبون ومحللون أن الأوضاع الحالية في اليمن لا تكمن الأسباب في عدم مساندة المجتمع الدولي لحكومة الوفاق الوطني، بل إن السبب الرئيسي يكمن في ضعف أداء الحكومة وفشلها في وضع الخطط والإستراتيجيات الاقتصادية ذات الأولوية التي ستساهم إلى حد كبير في تجاوز الأوضاع وخلق نوع من الاستقرار في مختلف المجالات التنموية،إضافة إلى التعاملات غير المسؤولة مع شركاء التنمية والمستثمرين من خلال الإنفراد بالقرارات الوزارية التي تخضع في الغالب للتعاملات الحزبية والأطماع والمكايدات السياسية والفساد المالي والإداري وتحويل المؤسسات الحكومية إلى شركات خاصة بأيدي الوزراء وأصحاب النفوذ. كما أن تقارير محلية ودولية تناولت مؤخراً عرقلة مشروع محطة معبر لتغطية العجز القائم في خدمة الكهرباء لأسباب غير معروفة ومبرره رغم أن حصة الجانب الحكومي من رأس مال المشروع تم تقديمها كمنحة مجانية، فيما التزم القطاع الخاص ممثلا بالشركة اليمنية لتوليد الكهرباء المحدودة بتوريد وتجهيز واستكمال الإجراءات كافة، والتي حددت في بنود الاتفاقية والشراكة، وبرغم علم حكومة الوفاق عن الأشخاص المعرقلين للمشروع إلا أنها لم تتخذ أي إجراءات رادعة ضد هذه التعسفات والعراقيل وفقا للقرار رقم (171) الذي ينص على محاسبة كل من له علاقة بعرقلة المشاريع الخدمية المقدمة من الدول المانحة،الأمر الذي جعل المستثمرين الأجانب سحب الثقة من الحكومة، فأعضاء الحكومة يعملون فقط لحسابات حزبية بحتة، ويتم توظيف المنح والمشاريع لأغراض سياسية تحسباً منها للمرحلة القادمة وهذا ما سيفقدها ثقة المجتمع المحلي والدولي لا سيما في الاجتماع السادس لأصدقاء اليمن الذي سيعقد في نيويورك الشهر الجاري نتيجة لتلك الأسباب.

أي بؤس هذا الذي نعيشه ولا نعلم من يُسير بلداً لمجرد التسيير لا التطوير؟، إنه البلد الذي ينمو بالطبيعة لا دخل لتخطيط العقل البشري به إلا في نهب ثرواته وتهجير كفاءاته .. فهل تنشد السعادة في ظل ما ذكر آنفاً حتى ولو بعد 100 عام؟ كان أملنا أن يؤسس هادي لمبدأين ساميين أولهما الاهتمام بالتعليم لاغيره، أمّ الأمر الثاني فهو التأسيس لمبدأ التعددية كما قال هو أثناء استلامه العَلَم الجمهوري ومقاليد الحكم ــ في مثل هذا اليوم وبعد سنتين سوف أكون هنا واقفاً أسلم للرئيس المنتخب ــ لكن يبدو أن المنتفعين من بقائه يريدون منه أن يُمدد ويتمدد كي لا تتضرر مصالحهم لا مصالح البلد وشعبه، وباستغباء منهم كأن من خلق هادي عجز عن خلق غيره..! وفي اعتقادي أن هادي لو لديه حكمة فلن يقبل بأي حالٍ من الأحوال فكرة التمديد لأنها لا تمثل له أي سعادة بقدر ما تمثل سعادة للعجزة والفاسدين، إلا إذا بطانته قد نقلت عدواها إليه فهو سيقبل التمديد ليسعد أقلية تصحر فكرها وعطب أدائها وللبلد ربٌ يحميه ويبنيه حتى يشرق فجر غد آخر لقائدٍ يستقطب القادرين على البناء القوي من العلماء ويبني نظم التعليم، حينها أجزم أن البلد سوف تتصدر بلدان العالم سعادة ورضا..!!!.