الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥١ صباحاً

المتفقون وجهة المختلفون قلوبا

علي محمد الذهب
الأحد ، ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
انطلاقا من عنوان المقالة، يبدو الحال كما لو أنه ظاهرة تتجاوز الأقطار والتنظيمات، لتثبت رسوخ نظرية" أن الأقطاب المتشابهة تتنافر، والأقطاب المختلفة تتجاذب" إذ أنه طيلة عام كامل من حكم الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، أمضى الكثير من مشّائي الكلام ترديد تعريض الإعلام المصري المعارض بالرجل في مصر وغيرها، وكان من ذلك أن دمغوه بوصف "الخروف" وكنت أتابع بأسىً وامتعاض-كموقف أخلاقي- كيف يستلذ بعض رجال ونشطاء التيار السلفي في اليمن وغيرها ترديد هذه الصفة لذم الرجل والنيل منه، وسعيهم لتأجيج العداء ضده وضد الإخوان المسلمين عموما، وكأن المشروع الإسلامي الذي ينادي به الإخوان المسلمون لا يعني السلفيين من قريب أو من بعيد.

الحال ذاته على مستوى إخوان اليمن، ممثلين بحزب التجمع اليمني للإصلاح، وموقف السلفيين منهم على امتداد سنوات ما قبل عام 2011م وما بعده، وكيف أنهم يعتبرون حزب الإصلاح ألد أعدائهم قياسا بمن يسمونهم "الروافض" في صعدة الذين يعتركون فيها معا اليوم اعتراكا مميتا غير متكافئ.

في هذا المعترك، يحتشد الإخوان المسلمون في اليمن(حزب الإصلاح) بكل مكوناتهم الحزبية والإعلامية والسياسية في صف سلفيّي دماج- وإن يصورة غير معلنة- ناصحين ومناصرين ومؤازرين، دون أن يجترّوا مرارة ما كانوا يلاقونه قبل أيام قليلة ممن يحتشدون معهم، بل وقد قرأت وسمعت من إخوان مصر من يبدى التعاطف مع سلفي اليمن برغم عائق الخلاف المشترك والقائم.

قال لي أحد الأصدقاء الثقات: إن الشيخ عبدالمجيد الزنداني زار الشيخ مقبل الوادعي مؤسس المدرسة السلفية في اليمن في أيام مرضه، وكان مما دار بينهما أن الشيخ مقبل طلب من الشيخ الزنداني أن يتوب عن الحزبية وأن يتبرأ منها على رؤوس أصحابه، فكان من الشيخ الزنداني أن ألان له الجواب، وانتهى الحوار بفكاهة طوت ذلك الجدل طيا ذكيا.

إزاء المحنة التي وقع فيها سلفيو دماج وهم يواجهون خصومهم التقليديين في مواجهة مسلحة غير متكافئة، وفي ظل صمت حكومي مريب، قد يتساءل الكثير: متى يدرك رجال السلفية في اليمن أنهم ليسو وحدهم على هذا التراب من يمثل السلفية، ومتى يدركون أن واحدية الطريق هذه تقتضي المرافقة الوفية والواعية والتحالف الذكي؟

وهنا، يستغرب الكثير من المتابعين أن يكون الحوثيون طيلة أعوام مضت وهم يعملون على توافق الرؤية والموقف مع الحراك الجنوبي الذي لا يتفق معهم أساسا فكرا وسياسة، إلا أنه توافق يقوم على دافع براجماتي مؤطر يتجاوز الثوابت التاريخية للأمة كلها لتسقط اليمن في أنانية الطرفين وهو تمزيق البلاد إلى طرفين جغرافيين ثم الاستقلال بكل طرف لكل منهما.

إذن، أليس أحرى بالمتفقين وجهةً أن يأتلفوا قلوبا؟