الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٨ صباحاً

الوطن في تحسن..!

د . محمد ناجي الدعيس
الجمعة ، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
كثيراً ما نسمع من مسؤولينا أن أمور البلد في تحسن، ولا نعرف إلى أي مقياس أو محك ينطلقون في ذلك القول الذي يُعد بمنزلة الحكم؟! فهل ما يحدث في منطقة دماج بمحافظة صعدة من سفك دماء اليمنيين فيما ينهم هو تحسن ديني ومجتمعي؟ أم هل أن ما يحدث من قتل هنا وهناك وسرقات وتقطعات لعابري الطريق وهتك الأعراض دون محاسبة للجُناة هو أيضاً نوع من التحسن لحياة الناس دون معرفتهم به؟! وهل ما يحدث من شذوذ لنظام السير مع الأسف من قِبل المواطنين سائقي المركبات في الشوارع العامة وغير العامة دون أي خجل من ذلك الفعل وما ينتج عنه من عواقب تضر بممارسها وبالآخرين، وكأن الإدارة العامة للمرور في إجازة مفتوحة، هو نوع من التحسن الذي جعل المواطن لا يعرف فيه أي الاتجاه الصحيح للسير فعلاً؟ وهل عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها في إعطاء الحقوق سواء للموظفين أو لجهات أخرى نظراً لنفاذ المبالغ المرصودة وهو مؤشر خطير يخبر أن البلد بلا اقتصاد بسبب عشوائية رصد الاعتماد وصرفها، فاعتبره المسؤولين نوع من التحسن لمحيطهم لا محيط بلد؟ كثرة حدوث الجريمة يوازي في العدد نقاط التفتيش داخل أمانة العاصمة وبقية المحافظات يُمتهن فيها المواطن البسيط ويُحترم فيها صاحب العضلات.. هل يُشعر بأي تحسن للوطن؟ أم أن ما يحدث للمغتربين وهم الرّافد التنموي الأقوى للبلد، من ويلات سعودية هو تحسن لا يفهمه المغتربين؟ ( وفي هذا الشأن من المفترض أن يشار بإصبع الاتهام فيما يحدث للمغتربين لمسؤولي البلد اليمني لا لمسؤولي السعودية، ولست مدافعاً عن السعودية فسياستها معروفة، ومن حقها أن تسن أي قانون ــ أكان بخبث أو غيره ــ ضمن سيادتها ترى فيه صلاح مجتمعها كما تقول هي، ولكن في المقابل أين دور مسؤولينا في الحفاظ على مواطنيهم وكرامتهم ضمن العقد الاجتماعي، سواء في صعدة أو الجعاشن أو تهامة أو الحراك أو.. أو.. أو.. أو حتى داخل مؤتمر الحوار نفسه؟! )

للمسؤولين أقول : قيل أن جُحا زار زوجته في المستشفى وعند انتهاء الزيارة مر بالطبيب وسأله عن وضع زوجته فقال له الطبيب أنها في تحسن، وفي اليوم الثاني جاء جحا لزيارة زوجته وبعد الزيارة مر بالطبيب وسأله فرد عليه الطبيب أنها في تحسن، وفي اليوم الثالث جاء جحا لزيارتها لكنه وجدها قد توفيت، وأثناء العزاء سأل جحا أحد المعزين عن سبب وفاة زوجته فرد عليه جحا أنها ماتت بسبب التحسن..! كما أخُص مسؤولي المرور والسائقين بطرفة مؤلمة سمعتها وهي: يقال أحد السّواح من الدول الصديقة زار اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر قال وجد ناس بتسوق حمير، ثم زار اليمن الآن فقال وجد حمير تقود سيارات..!

إن النسيج المجتمعي اليمني يعيش الغالب منه في مرحله اللا اتزان، بسبب اختلال القوانين الناظمة لعيشه في شتى المجالات، وبكل شفافية أقول أن مصدر ذلك الاختلال هو الإنسان اليمني نفسه حينما سمح لقوى الشر من أبناء بلده أن تساومه في صعودها إلى قمة هرم النظم القيادية والمؤثرة بكل أبعاد التنمية الوطنية، وما تؤمن به في قيادة النظم ــ المؤسسات ــ هو قوة العضلات لا الرؤى المنهجية العلمية، وتوالت الصعوبات دون الالتفات لها وحلها حتى تفاقمت وأصبحت مشكلات مجتمعية وتم أيضاً تجاهلها دون تكوين أي رؤى لحلها، ومع مرور الزمن أصبحت كل مشكلة تمثل قضية مجتمعية تطفو على السطح تؤرق الناس في حياتهم وهجر الاستقرار نفوسهم. فمتى يا ترى سيكون هناك مصداقية أحادية في التعامل مع النظام كي تعاد الثقة بين الجميع في إنصاف القانون لقضايانا الوطنية؟؟

ومن خلال متابعاتي بين الحين والآخر لمجريات الحوار الوطني وما يشوبه من معوقات هروبية بين الفينة والأخرى من قِبل بعض المكونات تفاقمت في مراحله النهائية التقاطع على صيغة المخرجات، ويثير ذلك علامات استفهام عِدّة..! واعتقد أن ركيزة التقاطع ليس على مصلحة وطنية بقدر ما هو على البحث عن موطئ قدم في الدولة القادمة دون اكتراث المتقاطعين لأي شكل سيكون عليه شكل تلك الدولة، وهو السبب الرئيس الذي جعل الغالب من الأعضاء الانتساب للعضوية في مؤتمر الحوار دون فهم شروط وصفات ونواتج الحوار المنهجية، ومن خلال ملاحظاتي السطحية استطيع جمع قضيا المؤتمر في خمسة أنواع، استنادًا إلى درجة وضوح معطياتها. وأهدافها، وهي:

1. قضايا تحدد فيها المعطيات والأهداف بوضوح تام.
2. قضايا فيها المعطيات واضحة، بينما الأهداف غير واضحة.
3. قضايا غير واضحة المعطيات، بينما أهدافها واضحة.
4. قضايا تفتقر إلى وضوح الأهداف والمعطيات.
5. قضايا لها إجابات صحيحة، ولكن الإجراءات اللازمة للانتقال من الوضع القائم إلى الوضع النهائي غير واضحة، وهي ما تُعرف بقضايا الاستبصار.. وتصنف إلى :
• قضايا سياسية.
• قضايا اجتماعية.
• قضايا تربوية.
• قضايا إدارية وفنية.

ولأن بعض المكونات يساورها الشك في أن قدمها قد تكون خارج إطار الدولة القادمة لا تستطيع التعبير عن ذلك صراحة فتلجأ إلى صيغ هروبية من الاستمرار كالمقاطعة أو شن حملة تشويه لأي مكون من المكونات، وبمعنى آخر انعدام نظرة المكون لنده الآخر على أساس أنه ملاك ويتعامل معه على ذلك الأساس، ولكن ينظر كلاً للطرف الآخر على أنه هو الوصي والآخر شيطان ويتعامل معه من ذلك المنطلق.. ويحاول المكون الأضعف في الطرح اللجوء إلى الحيلة، وهذه الحيلة لا تستهدف حل القضية من منظور وطني، متجاهلاً أنه ذات الأمر الذي أوصل الجميع إلى النداء بعقد المؤتمر الوطني بعد أن يصيب البناء الاجتماعي تفكك اجتماعي وانحراف سلوكي عن القيم الموجبة.

أقول إن الأمر خطير جداً وبحاجة إلى وقفة جادة منّا جميعاً، ما لم سنواجه انتكاسه قيمية حقيقة في المجتمع. لذلك كله وغيره لا يجب أن نكتفي بمعرفة ما نريد فقط ، بقدر ما يجب أن نمتلك المهارة الكافية لتحقيق ما نريد "سنجد حينها أن :الرغيف استعاد عافيته، والديمقراطية أٌعِيد بابها المخلوع - والطفل ليس عند مِقود السيارة.. وان السلاح المحمول لدى الإنسان اليمني هو سلاح العِلم فقط.. الخ..وستبدأ ثقافة مواجهة الذات والاعتراف بالخطأ بالظهور لتصحيح الواقع من ذلك الشذوذ المخزي "

نحن فعلاً بحاجة لتغيير صورة الإنسان اليمني لدى الآخر، وإلى ترك اثر طيب يفاخر به أبنائنا ليكن منها ممارستنا لسلوكيات النظام والقانون فالتاريخ هو من حكا لنا عن أسلافنا وسيحكي لأجيالنا عنا، فهل نحن راضون بما يسجله علينا التاريخ ألان؟ فأي تحسن هذا لوطننا اليمني مما ذكر أخي المسؤول؟