الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٢ صباحاً

عن وهم النصر المؤزر والفتح المبين !

طارق مصطفى سلام
الثلاثاء ، ٠٤ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
( لأبنتي زينب الكبرى Zainb Al-kobraa المناصرة بشدة لحوثة اليوم, أصدقها القول والنصيحة, فأكشف لها الحقائق وأسرد لها ما ينفعها والاجيال الواعدة عن وهم النصر المؤزر والفتح المبين ..) .

أبنتي زينب دعوتك لي على شبكة التواصل الاجتماعي – الفيس بوك - أن انصر الحوثيين بالقول- وهو أضعف الايمان -لهو قول مضلل ودعوة مسيسة فيها الكثير من الغبن للطرف الأخر المظلوم ..نعم هو اعتقادك الراسخ بأنهم الصالحين أبدا وأنهم على الحق المبين دائما !..
ولكن يبقى السؤال الأهم الذي لا يمكن للعقل أن يغفله.. كما لا يمكن للمنطق أن يتجاوزه .

(أين هي أرض المعارك القائمة اليوم ؟ وأين تدور رحاها هذه الحرب الظالمة والكافرة؟ هل هي قائمة ومتواترة في صعده وحرف سفيان أم هي مفتعلة ومتصاعدة في أرحب وحاشد ؟) .

نعم هذه الحرب تدور رحاها في أرض بعيدة عن مضارب خيام الحوثي العتيد, وفي الطرف الأخر من مسقط رأسه العزيز! أذن هي أرض الطرف الأخر الغريب والبعيد! وطالما الحوثي هو من قدم إلى أرض الأخر كان هو المعتدي بينما الطرف الأخر المنتمي لتلك الأرض المحروقة هو المعتدى عليه ..وليت شعري كيف لي أن أنصر المعتدي الظالم وأضرب على يد المعتدى عليه المظلوم ؟!.

أذن كيف تطلبي مني أن نقول للحوثي حمدا لله على سلامتكم وهو ما زال جاثم على أرض الطرف الأخر الضحية !؟ فهل أعتدل الحوثي وعاد إلى أرضه المنصورة وربعه الاصيل فأنتصر للحق والانصاف وغانم العدل وراحة الضمير وقبلهما رضاء الله وحب الناس .. لنقل له حمد لله على عودتك السالمة لديارك الواعدة !؟ .. نعم نحن قلنا له ذلك في السابق ونصرناه بقوة الحق وبدافع من عمق الايمان ورسوخه وطوال الستة الأعوام الماضية التي هي عمر الستة الحروب الظالمة التي وقعت عليه فرفعته عاليا وكان فيها شامخا, حينما كان هو المعتدي عليه لا المعتدي, المظلوم لا الظالم ..

فهل يتذكر الحوثي معاناة تلك الايام الحزينة واوقاتها العصيبة ؟ عندما كان يقاتل عن حقوقه المصادرة وأرضه المغتصبة, وكنا معه نحن جميعا ومن أنصاره المجاهدين ومؤيديه المخلصين ندافع عن أعلاء كلمة الحق ونرفع راية العدل وندفع عنه عدوان الظلم والضلال المبين ونمنع أن ينال منه الطغاة عنوان الحقد الدفين ؟.

نعم هي تلك الايام الدول بين الناس فلا يغتر بعضنا على بعض ويعتقد انه ماكث في الارض دون زوال أو تغيير !..
( وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس ) ( آل عمران : 140 )

اما اليوم فيبدو ان صاحبنا القديم وهو ذاته صاحبكم الجديد قد كبر حجمه وقوى عوده وأصبح قادرا على ظلم الأخريين بممارسة ذات الظلم الذي وقع عليه وعلينا جميعا في الايام الغابرة!, اليس هو الظلم ذاته الذي عانينا منه نحن المظلومين كافة ؟وبتنا اليوم (نحن المظلومين)من يمارسه مجددا على الأخريين ؟ولو بصورة الانتقام من الماضي السحيق أو تحت يافطة نصرة المظلوم من الخصم القديم وأن كان هذا الشعار الغامض والمراوغ يؤدي للأغارة على الأرض البعيدة المسالمة لخصم الأمس ونصير اليوم وعلى تلك الوتيرة الجاهلية !؟ .

أبنتي زينب لقد هرمنا في انتظار انتصار الحق والعدل ولا يمكنني اليوم وقد غزا المشيب معظم رأسي وترك الوقار أثاره عليه شاهدا على خبرة تلك السنين السالفة التي تضيء لي معالم الطريق.. فهل لي بعد كل هذا أن أتنكر لكل تلك الشواهد العظيمة فانحاز إلى الظالم مجاملة لكِ فنخسر وتخسرين معي عملنا الصالح في الدنيا كما نكسب ايضا عقاب الأخرة !؟ .

نعم أبنتي زينب لا يمكنني مطلقا أن أتنكر للحق وأنصر الظلم فنصبح نحن جميعا على ما فعلنا نادمين ..

ايتها الحرة الواعدة, في هذه الحالة المتداخلة والمتناقضة لا يمكنني سوى ان أنصر أخي الحوثي ظالماً أو مظلوماً، أما نصر المظلوم فأمره واضح, أما عن نصره ظالما فقد اجاب عن ذلك الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم : قال : تحجره عن الظلم، فذلك نصرك إياه، نصر المظلوم واضح، ولكن نصر الظالم معناه منعه من الظلم وحجزه عن الظلم، هذا نصره، فإذا أراد أن يظلم أحد تقول لهُ لا، قف، تمنعه، إذا أراد يأخذ مال أحد تمسكه، هذا نصره، إذا كان لك استطاعة تمنعه من ذلك، هذا نصر الظالم تعينه على نفسه وعلى شيطانه، تنصره على شيطانه، وعلى هواه الباطل والله أعلم .

نعم أبنتي زينب أن أنصر اخي الحوثي يعني أن أرده عن ظلمه وأنصحه وأنهيه عن الظلم, أن أقول للسيد الحوثي وأتباعه وأنصاره ومن والاه كافة : كفاكم ما قد كان منكم وأنتم منتشرين خارج أرضكم الطيبة, فالزمن لم يعد زمن الفتوحات الاسلامية المباركة وعهد انتصاراتها المؤزرة, عودوا أخواني وأحبائي الحوثيين إلى أرضكم سالمين مطمئنين وعيشوا فيها هانئين غانمين, واسلموا أنفسكم والناس أجمعين من كل سوء ومن كل شر ومكروه, ولكم الأجر في الدنيا وفي الأخرة ايضا .