السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٣ مساءً

المشكلة ليست في خطة مارشال أيها الوزير..!

د . محمد ناجي الدعيس
الجمعة ، ٢٨ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٢:٥٦ مساءً
قرأت مقالاً لوزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد بن طفلة العجمي بعنوان " اليمن قبل فوات الأوان " حيث قال فيه أن الأرقام عن معدلات سوء التنمية والتغذية بين أطفال اليمن تثير الرعب والفزع عند كل إنسان له ضمير، مضيفاً إلى جانب هذه المعاناة على الصعيد المعيشي، فإن اليمن يعيش حالة من الفوضى والعنف العبثي وعدم الاستقرار مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالتدهور الاقتصادي الشنيع، وأشار إلى أنه ينادي بضرورة التعجيل بوضع المسألة اليمنية على سلم الاهتمامات الخليجية، ورسم خطة "مارشال" خليجية. ويقول في مقاله إن المصلحة الإستراتيجية الخليجية العربية تحتم علينا الاهتمام بالوضع اليمني والإسراع بمساندة اليمن وتقديم الالتزام الواجب تجاه هذا البلد العربي القريب منا والهام لأمننا الإستراتيجي والاقتصادي.
فالمسألة لا تحتمل التأجيل. الوفرة النفطية الحالية بدول الخليج لن تدوم، والطفرة البترودولارية التي تعيشها أسعار النفط لن تتكرر، والوقت ليس في صالح اللاهين عن مصالحهم الإستراتيجية الهامة. هدف الخطة الخليجية حسب قوله أن تدفع الشباب للتفكير بالعمل البناء بدلاً من حمل السلاح مع الميليشيات المسلحة التي تدفع بهؤلاء الشباب وقوداً لحروب مصالحهم بمبررات دينية وطائفية وقبلية. ويمكن أن تكون هذه الخطة محددة وواضحة المعالم وشاملة لليمن كله دون استثناء أي من أقاليمه ومحافظاته، بحيث تتوافق عليها جميع الأطراف، وأن تتجاوز هذه الخطة الطموحات السياسية والأجندات الطموحة للسلطة والسيطرة لدى هذا الطرف أو ذاك، وتركز على التنمية الاقتصادية بمشاريعها بحيث يتوافق جميع الأطراف المتصارعة على عدم التعرض لمشاريعها. إن وقوفنا بالخليج ومساندتنا لليمن هو وقوف إلى جانب أنفسنا، وفيه منعة لنا وتعزيز لأمننا الاستراتيجي، إن الأمر ليس بمنة، وليس تفضلاً من قبلنا في مرحلة الطفرة النفطية، بل هو واجب تحتمه مصالحنا وعروبتنا وإسلامنا وإنسانيتنا، وهو ليس بالأمر المستحيل، ولكن علينا الإسراع بالعمل قبل فوات الأوان، فحينها لن ينفع الندم."

أشكر وزير الإعلام الكويتي الأسبق على ما أبداه من تعاطف مع اليمن ومقترحه الذي يعلم جميعنا أنه لن يتجاوز حدود ما كُتب عليه فقط، وقد يؤنب الكاتب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قِبل قوى ذات نسيج خليجي وغير خليجي.. وقد لا تحتاج نهضة اليمن إلى خطة مارشال من دول الخليج مجتمعة، بقدر ما يكفي لنهضة الاقتصاد اليمني خطة مارشال لأحد الأمراء في الخليج فقط، أو كف الوصاية السياسية لبعض دول الخليج وغيرها في دعم بعض الأطراف من مطلبي السلطة في اليمن والمصالح من خارج اليمن، حينها يستطيع اليمن النهوض ولو متثاقلاً ولكنه مع الزمن سيشد عضديه، فلم يبني أباء الشباب اليمني دول الخليج على أكتافهم وحسب، بل وهم من انتشل اقتصاد تلك الدول وهو شبه منهار وخصوصاً السعودية حينما تولى الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله الملك، ويعد عهده بحق هو العصر الذهبي للمغتربين اليمنيين، واليوم يلاقي أبناء وأحفاد أولئك اليمانيين كل صنوف التعذيب من قبل سلطات الأشقاء من دول الجوار، دون تطبيق حق الجوار أو أن يُعطى الأجير أجره قبل أن يجفّ عَرَقه..!! وأنت رجلٌ سياسي أعلم الجميع أخي الوزير، فمن الذي أوصل اليمن وشعبه إلى هذا الواقع المخيف؟ أليس من اعتقدت فيهم أنت جزء من الحل وكتبت مقالك إليهم؟!!

أقرّ مجلس الأمن بالإجماع يوم الأربعاء الماضي مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا والذي يحدد عقوبات على معيقي التسوية في اليمن، ليضع اليمن تحت الوصاية الدولية فيما يتعلق بالإصلاح القضائي وإقامة الدولة الاتحادية، وهو الأمر الذي كان يهدد به مجلس الأمن بالعمل بالفصل السابع،أي أن القرار تحت الفصل السابع يتيح لمجلس الأمن القيام بأعمال عسكرية في حالات تهديد السلم والإخلال به. وتفرض المسودة نظام عقوبات في المرحلة الأولى لمدة عام تشرف عليه لجنة تابعة لمجلس الأمن، ستكلف بتحديد أسماء من يعملون على تقويض الأمن والاستقرار تمهيدا لفرض عقوبات عليهم مثل منع السفر وتجميد الودائع.

وقد ذكر السفير/ مروان عبد الله عبد الوهاب نعمان، حول القرار"لعله من القرارات التاريخية في الأمم المتحدة والتاريخ السياسي المعاصر في العالم .. بعد القرارات التي أخضعت العراق لعدد من القرارات .. لا تزال حتى اليوم نافذة .”ونوه نعمان “ أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية جاءت بالأمر من مجلس الأمن في قراراه 2014 الصادر في 21 نوفمبر 2011م، والذين وقعوا كانوا مكرهين لا أبطالاً، وكان ذلك في 23 نوفمبر 2011م.
أقول للوزير والسفير أن واقع الدول العربية يشكو بمرارة من انعدام زعامات عربية تحمل رسالة ورؤى لشعب ووطن منذ منتصف القرن الـ 15 تقريباً، وحتى الآن، حتى جُمّد عقل المواطن العربي وتبلد بكل ما تعنيه الكلمة. وإن وجدت بارقة أمل لزعيم يحمل مشروع لنهضة وطن أغتيل بطريقة أو بأخرى من أقلية كافرة بالأوطان حتى أصبح حال الوطن العربي وشعوبه كما تعيش وترى في شتى المجالات، الغني منها بلا قوة وشتّان بين الغنى والقوة..! فأي مارشال خليجي أو توافق اقتصادي؟ إن الملوك والأمراء والزعماء العرب قد اتفقوا فعلاً، ولكن على أن لا يتفقوا..