الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥١ مساءً

جاء القرار 2140 لفطام الأقليات.. ولكن..!

د . محمد ناجي الدعيس
الأحد ، ٠٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
كثر الحديث والتحليل منذ صدور القرار رقم ( 2140 ) بشأن اليمن، الذي أقرّه مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في يوم الأربعاء الموافق 26 من شهر فبراير، والمشروع لم تتقدم به بريطانيا وحدها كما تناولته بعض وسائل الإعلام سابقاً، وإنما تسع دول إضافة إلى بريطانيا وممثل اليمن وهي : فرنسا, وأمريكا، وروسيا، واستراليا, وكوريا, ولكسمبورغ, ليتوانيا, وايرلندا, والأردن. وإن كانت قد تبنته بريطانيا ونسقت مع الدول المذكورة لتقديم المشروع لتضع قاعدة عريضة لها ثقل في المجلس لإقراره، وهو ما قد يكون تم بالفعل.

وقد جاء القرار وفقاً للفصل السابع وليس البند السابع كما يلوكه ويكتبه كثير من جهلاء السياسة اليمنية – تخرجوا من كتاتيب القرن الماضي وبقدرة قادر أصبحوا قادة السياسة باليمن – عموماً لست هنا بهذا الصدد، ولكنني أحاول الرد في حدود معرفتي على بعض اللغط الحاصل أكان ضد أو مع القرار، استفسر حيناً، كالتالي :

• برأيي البسيط أن القرار رقم ( 2140 ) بشأن اليمن – كما هي مرسومة على الخارطة السياسية بشرقه وغربه وجنوبه وشماله – لم يكن وليد السنوات الثلاث الماضية أو اللحظة الحالية، وإنما تمتد جذوره منذ أن تملك الحاكم السلطة والثروة وأصبح هو القانون وأقصى كل شركاء الوطن ومكوناته، وكان بالإمكان تصحيح مسار الديمقراطية والتعددية السياسية ممن يدعون الوصاية عنها في مراحل عدّة على سبيل المثال لا الحصر، لو من أدمن رضاعة السلطة فطم نفسه عن السلطة بعد الـ 22 من مايو 90م، مباشرة وكل من ساهم أو أعاد تحقيق الوحدة اليمنية، ليترك المجال للشباب لقيادة دفة التغيير الوطني، لسجلت أسماؤهم على صفحات التاريخ بحروف من ذهب، ولما وصل الأمر إلى حرب صيف 94م، مثل آخر هو لو أن من ادع الانتصار في 94م، على الشريك الوطني الآخر - وجهلوا أن الخاسر هو الوطن – فطم نفسه عن السلطة وأفسح المجال للشباب في تغيير نمط تفكير وإدارة مكونات البلد، سيكون ضرب أروع النماذج في التعددية – بغض النظر من يكون القادم - لما وصل الحال إلى همجية في مهزلة انتخابات 2006م وما تلاها من سيناريوهات تصر على أن تعامل أبناء الشعب اليمني بعباقرته ومفكريه في شتى المجالات بأنهم أطفال لا يفقهون شيء عن السياسة أو التعددية والديمقراطية وغيرها، وتلك النظرة هي في الأصل تنطلق على الأوصياء أنفسهم. واستمر ذلك السخف يمارس بكل عنجهية ومزاجية وأمام المنهجية العلمية سد منيع في إدارة الدولة، حتى أوصلوا الشباب إلى ثورتهم السلمية أوائل العام 2011م.

• بدايات العام 2011م تُعد هي البدايات الحقيقية لوضع اللبنات الأساسية في تكوين القرار ألأممي رقم 2140، ولو كان هناك تمترس سياسي لدى الكهول من أوصياء السياسة اليمنية، لبناء سدود كوقاية استباقية تحول دون صدور ذلك القرار، لكن جهلهم بمجريات العمل السياسي جعلهم عامل مساعد كبير لصدور القرار ألأممي، وهذا القرار لم يأتي إلا بعد محاولات عِدّة لفطام نسيج من الشيوخ والعسكر والعيال المتمذهبين أو العقائديين عن كرسي السلطة ولكن دون جدوى، تماماً كما تفطم الأم طفلها، وحينما تعجز وأعيتها الحيل عن فطام طفلها تبدأ في طرح القضية على الأهل لمساعدتها في فطام الطفل حتى يصل الأمر إلى العقاب، وهو ما حصل للحالات العربية وكذا في حالتنا اليمنية، جاء القرار ألأممي بعد أن نفذت كل الوسائل المتاحة المستخدمة لكل من بلغ سن الفطام السياسي اليمني وبعد أن أعيت الحيلة الكل جاء القرار ألأممي رقم 2140، ليضع الحد أمام ذلك النسيج العابث الذي لا يحب إلا نفسه. وأقصد بالنسيج هو طيف من الشر مكون من كل الأطياف: سياسية وقبلية وعسكرية وعقائدية ومذهبية..الخ، مُحِبّة لصعود السلطة بأي من الطرق غير المشروعة..

• أمّا لمن يقول احذروا يا أهل اليمن من الفصل السابع فقد سبقكم العراق به، أقول له إما أنك بليد سياسي أو أنك تستبلد، أولاً القرار قد صدر فماذا يحذر اليمانيون وما الذي بيدهم أن يفعلوه؟! وثانياً: فشتان الأمر بين الحالة العراقية والحالة اليمنية، لأن القرار ألأممي في حالة العراق لم يأتي ضد العراق وشعبه، وإنما جاء ضد الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه كونه هدد السّلم والأمن الدولي أثناء اجتياحه للكويت وادعائه امتلاك أسلحه نووية، أمّا الحالة اليمنية لا تدعي امتلاكها لأسلحة نووية ولم تجتاح أي بلد جارة، ولذا جاء القرار ألأممي مع الرئيس هادي ومناصراً له وللسواد الأعظم من بسطاء شعبه الذين يهتكون ويقتلون كالأنعام ليلاً نهاراً، بمعنى أكثر توضيحاً أن القرار جاء لإنصاف السياسة اليمنية الحالية القائمة، من أولئك قادة الأمس أدعياء السياسة اليمنية ومكونات أخرى لفطامهم نهائياً من التفكير بالرضاعة مرة أخرى من السلطة، لأنهم أصبحوا يهددون الأمن والسلم المجتمعي اليمني، وما قطع الكهرباء أو القتل والتفجير أو الاختطاف أو الانفصال..الخ. إلا وسائلهم لإرباك مسيرة التغيير، والمقصود بالفصل السابع هنا هو الذي ورد في ميثاق الأمم المتحدة تحت عنوان "الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان" ويتكون من 13)) مادة وهي المحددة في مواد وثيقة مجلس الأمن من (39) إلى (51 ) يتيح لمجلس الأمن فرض قراراته الإلزامية بكل الطرق بما فيها القوة العسكرية.

• اعتقد أن الإجماع الدولي بصيغة القرار يقول للعابثين باليمن – بما فيهم أعضاء حكومة الوفاق - كفى عبثاً، ويوجه رسالة هامة لليمنيين كافة، مفادها عليكم طي ملف الحاكم السابق تماماً وبدلاً من الانشغال به ابنوا البلد أفضل لكم، ولكن السؤال الذي لم أجد له إجابة هو: لماذا لم يشير القرار إلى فرض عقوبات على تلك الدول التي تقدم دعماً لوجستياً أو غيره للأيادي العابثة بأمن واستقرار البلد، كون التحول اليمني سياسياً واتحادياً لا يروق لها؟

• أتمنى أن لا يخرج لنا فارساً سياسياً يمنياً كان أو غيره يدعي بأنه صانع القرار ألأممي رقم 2140 ولولاه لما خرج بالصيغة الحالية.. كفانا سفها بالله عليكم.

• أنا لست ضد الرئيس أو البلد ولكنني أمقت الأعمال السيئة التي قد تصيب الفرد بجلطة دماغية، فأتمنى من الرئيس/ هادي أن يفهم مني ذلك، وأتمنى أن يمنع التطبيل له الزائد عن الحد من قبل المرجفين، وأن يأمرهم بإنزال صوره التي ملأت الشوارع والجسور، لأن هدف من علقها إمّا منفعة من الرئيس أو تأليهه، حتى يوصلوه إلى ما وصل إليه سلفه، حينها لا ينفع الندم. وليعلم أن الأعمال الوطنية الصحيحة والسليمة هي من أهم واجباته التي قبل تقلد الرئاسة من أجلها لا من أجل التصفيق وعرض صوره من أقلية منافقة.. وأن يؤمن ويُفهم قادة الأحزاب وكل من ساهم في المرحلة الانتقالية بأنه يتوجب عليهم التنحي جميعاً كي لا تتكرر مأساة الماضي، ويُفسحوا المجال للشباب في بناء ما أفسده الدهر سواء على مستوى قيادة الأحزاب أو الدولة، وكم سيكون ذلك رائعاً إن فعلوه.

رُبَّ ضارة نافعة، كانت اليمن في سابق عهدها لا تعرف لدى الدول المتقدمة إلا من خلال السعودية أمّا الآن نرى الخط اليمني مباشر مع تلك الدول وإلا لما صدر القرار،وواقع الحال اليمني أيضاً جعل المجتمع الدولي يتعاطف مع اليمن سياسياً واقتصادياً، فالغالب من الشعب اليمني يعيش تحت خط الفقر وحال أطفاله بائسة ومزرية.. فمن المفترض أن تجد الحكومة لتلك المعونات الدولية استيعاب أقلها في سد مجاعة الأطفال..