الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٢ مساءً

سقوط صنعاء !

د . أشرف الكبسي
السبت ، ١٥ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تتعالى الأصوات ، مهددة البشر والحجر ، بسقوط صنعاء الوشيك ، فيتملك سكانها ، بعد استحضار فاجعة سقوط بغداد ، شعور يائس بالخوف ، لما قد يحدث لهم ولمدينتهم الساحرة.. تتأثر بورصة (القاع) الدولية ، بالأنباء الكارثية ، تتراجع قيمة العملة المحلية ، لأول مرة منذ خمسين عاماً ، وتصبح مساوية تقريباً للدولار ، فتسارع شركات الاستثمار العالمية ، على غرار سوني وبنز و(أبو ولد) ، لإغلاق قطاعاتها العملاقة في (الصافية) و(الأزرقين) و (البونيه) ، ما ينذر بكارثة اقتصادية ، سيترتب عليها ظهور البطالة ، وشيوع التسول ، وارتسام خط الفقر بدلاً عن قوس قزح على سماء المدينة السعيدة الأزلية..

على الصعيد الأمني ، تحمل مخاوف سقوط (دولة) صنعاء ، صوراً قاتمة محتملة ، لشوارعها وأحيائها ، ومحطات المترو المنتشرة على امتدادها ، والتي تصنفها المنظمات الدولية حالياً بالأكثر أماناً على مستوى القارة ، لتسودها – بعد السقوط – مظاهر العنف والفوضى المسلحة ، القتل والسرقة والاختطاف ، الضجيج وقلق العشوائية ، حتى أن بعض المتشائمين ، يبالغون بالقول ، أن صنعاء ستشهد حالة انفلات أمني خيالية ، تصل معه وقاحة المجرمين ، لاغتيال قامة وطنية ، كالدكتور أحمد شرف الدين ، على مرأى ومسمع ، وفي وضح النهار ، وقد يتم اقتحام وزارة الدفاع بعد الفجر ، ومهاجمة السجن المركزي بعد العصر..!

كيف لا يتخوف سكان العاصمة ، من السقوط ، وهو يهدد أسلوب حياتهم الآمن ، ومستوى عيشهم المطمئن.؟ كيف لا.. وهم ينعمون بحكومة لا تكذب ، وكهرباء لا تنقطع ، ومياه لا تنعدم ، وتعليم تحلم كامبردج واكسفورد بمجاراته ، ومنظومة صحة متقدمة تداوي السرطان عن بُعد ، والآم القلب عن قرب ، وثقافة باهرة ، تجسدها مكتبة (شملان) العملاقة ، بكتبها المليون ، وروادها المليونين ، ومدينة (مذبح) السينمائية الشهيرة ، ومسرح (باب العزب) التاريخي. كيف لا.. وهم بصحبة أطفالهم لا يفارقون الترفيه على امتداد (السايلة) ، ولا تفارقهم البسمات ، في حديقة 21 مارس الثورية ، وجنان السبعين النظامية..؟

كيف لا يخشى سكان العاصمة السقوط المرتقب ، وهي مركز الدولة المدنية الحديثة ، بحكمها الرشيد ، وقضائها العادل ، وأقاليمها الستة ، المتحدة المتآخية ، فهاهو إقليم عدن وأهلها ، يذوب عشقاً بصنعاء وإنسانها ، وهاهي (سبأ) لا تعرف النوم ، حتى تتيقن ، أن الأقاليم وأخواتها ، تنعم بغازها وضياء كهربائها..!
هل ستصحو صنعاء ، بُعيد السقوط ، لتفتقد تلك الوجوه (الحكيمة) التي اعتادت بلا خجل تربعها على صدرها ، كعرش قسري للنفوذ والسلطة ، ومنذ عقود كالقرون؟ أم أنها ستجد نفسها فجأة ، إثناعشرية ، بعد أن كانت إحدى عشرية.؟

لاشك أن للخوف مبرراته.. وإلا فما وجه خشية الساقط من السقوط ، وما دواعيه..؟