الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٨ صباحاً

القرار الأممي وخطورة التحديات الأمنية في اليمن

نُهى البدوي
الاربعاء ، ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٥٨ صباحاً
لاشك ان مايحدث اليوم من اقتتال وحروب بين المليشيات المسلحة على مشارف صنعاء وفي مناطق أخرى متفرقة من اليمن، واندلاع كل الاعمال التي تندرج في إطار مسمى التحديات الأمنية للعملية السياسية في اليمن، هو تأكيد واضح عن صحة حالة القلق والمخاوف التي يبديها المجتمع الدولي من احتمال تدهور الاوضاع في اليمن، وهو ما دفع مجلس الأمن لاصدار القرار رقم (2140) في 26 فبراير الماضي، كما ان استمرار العنف والصراع في منطقة (همدان) بصنعاء، يؤكد ايضاً مصداقية تفسيرات القائمة بأعمال سفير الولايات المتحدة الامريكية بصنعاء السيدة كارين ساساهارا للقرار في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته في 4 مارس الشهر الجاري بصنعاء وتوضيحاتها "إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140، لايضع اليمن تحت الوصاية الدولية كما تروج له بعض الجهات".

وحين قالت السيدة ساساهارا :" إن القرار يعد مثالاً للدعم القوي من المجتمع الدولي لليمن باعتبار أن القرار كان بمثابة عملية تعاونية حيث ان المجتمع الدولي توافق على إصدار هذا القرار بتنسيق وتشاور كبيرين".

وكذا قولها :" ينبغي التعامل مع النشاطات الإرهابية عبر الحسم العسكري".. واستهجانها الجرائم البشعة التي ترتكبها العناصر الإرهابية والتي لاتكتفي بارتكابها فحسب بل تفاخر بالقتل وتقوم بعرض أفلام تسجيلية لجرائمها الوحشية على اليوتيوب والقنوات الفضائية.

بالاضافة الى دعوتها إلى التركيز على دعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستكمال إنجاز بقية مهام العملية الانتقالية، وكذا إنهاء الحروب والنزاعات التي تهدر الموارد البشرية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من صعوبات اقتصادية وأمنية.

إلى جانب المواقف المتعددة والصادقة للدبلوماسية الغربية حول مضمون قرار مجلس الامن الدولي رقم 2140 ، وتاكيداتها على ان القرار لايهدف لوضع اليمن تحت الوصاية الدولية ، وان اليمن ليس دولة فاشلة ، لكنها تواجة تحديات سياسية واقتصادية وامنية، وان هذه التحديات اصبحت تدفع اليمن الى حالة خطره لتشكل تهديداً للسلم والامن الدوليين في المنطقة.

بالتدقيق في ماتضمنته بنود وفقرات القرار سيتضح ان الحاجة والضرورة الملّحة لمعالجة مصاعب الاوضاع المقلقة في بلادنا هي التي دفعت بالمجتمع الدولي ليقرر "ان الحالة في اليمن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين في المنطقة واذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة "حيث بيّن القرار كثير من الجوانب المتصلة بدعم المجتمع الدولي للتسوية السياسية لتنفيذ المهام المحددة في المرحلة الانتقالية، والحفاظ على مسارها.

لذلك ركزت بنود القرارعلى السبل والتدابير التي يمكن اتخاذها لدعم مسار التسوية وتحقيق اهدافها والزام جميع الاطراف المعنية بتنفيذ مختلف المهام المحددة في المرحلة الانتقالية بدءً (بصياغة الدستور، وتنفيذ الاصلاح الانتخابي، واعتماد قانون انتخابي جديد يتفق مع الدستور الجديد، واجراء استفتاء على مشروع الدستور، واصلاح بنية الدولة ونقلها الى دولة اتحادية وانتهاء باجراء انتخابات في الوقت المناسب)، وكيفية التعامل مع التحديات المتداخلة سياسياً واقتصادياً وامنياً التي تواجه اليمن، وتاثيراتها على مسار التسوية السياسية، وياتي التحدي الأمني خصوصاً (الارهاب ) في مقدمة المعيقات بل وابرز واهم الدوافع للتصويت على القرار، الذي يتضح ترابط هذا التحدي مع بقية التحديات أو بالاصح يمكن وصفه بـ (البوابة) التي تنفذ منه معظم المصاعب المعيقة لأي تقدم تحرزه الحكومة، والجهود الدولية الرامية للتسريع بتنفيذ خطوات خارطة الطريق التي ينتهجها اليمن بمساعدة المجتمع الدولي، ويمكن اعتباره القاسم المشترك الذي تتقاطع حوله بقية التحديات المهدده للمرحلة الانتقالية، سياسياً وأمنياً وأقتصاديأ، التي توصل اليها الخبراء الدوليين خلال الفترة المنصرمة من تنفيذ مر
احل التسوية ( تسليم السلطة - الحوار)، إلى جانب مخاوف المجتمع الدولي من التوظيف السلبي للارهاب من قبل الخصوم السياسييين التيارات السياسية او حتى الافراد، وهذا مايعكسه القلق المتزايد للمجتمع الدولي من المسالة الأمنية حين اعرب مجلس الأمن في مستهل القرار عن قلقه "من المصاعب السياسية والأمنية والاقتصادية والانسانية المستمرة في اليمن بما في ذلك اعمال العنف المستمرة "؛ ليتبيّن من ذلك ايلائه الوضع الأمني، وقضية (الارهاب) اهتماماً خاصاً نظراً لمايشكله من خطوره على التسوية واوضاع البلد ككل، ليكرر من توجسه للخطر "الاشارة الى ادراج تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية، ومن يرتبط به من افراد في قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة التي وضعتها اللجنة عملاً بالقرارين 1267(1999) و1989(2011)، وتشديده في هذا الصدد على ضرورة التنفيذ الصارم للتدابير الواردة في الفقرة 1من القرار 2083 (2012) باعتبارها أداة هامة في مكافحة الانشطة الارهابية في اليمن"؛ الى جانب "ادانته للانشطة الارهابية والهجمات التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية للنفط والغاز، والكهرباء والسلطات الشرعية بما فيها تلك التي تهدف الى تقويض العملية السياسية في اليمن " ، وكذا "ادانته للهجمات التي تستهدف المنشأت العسكرية والأمنية، ولاسيما الهجوم الذي شُن على وزارة الدفاع يوم 5 ديسمبر 2013 والهجوم الذي شُن على سجن وزارة الداخلية في 13 فبراير...، واهابته "بجميع الدول الأعضاء ومنع الارهابين من الاستفادة بشكل مباشر اوغيرمباشرمن مبالغ الفدية او من التنازلات السياسية وتأمين الإفراج عن الرهائن بشكل آمن".

عند مراجعتنا لمواقف الدول الخمس الدائمة العضوية والدول العشر الراعية للتسوية السياسية في اليمن وفي مقدمتها مواقف اشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي حول الاوضاع في اليمن قبل واثناء وبعد صدور القرار الاممي (2140) والتركيز على بنوده وفقراته، يتأكد لنا ان القرار جاء ليعكس حرص واهتمام المجتمع الدولي للحفاظ على خطوات الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، الذي قد يتحول هذا الوضع بفعل اي تعقيدات تعترض تنفيذ مهام خارطة الطريق لانهاء ازمته السياسية ومشكلاته العالقة الى تهديداً للأمن في المنطقة، وعلى ضوء هذه المخاوف والتحديات التي تواجه اليمن بدء يأخذ المجتمع الدولي هذه المخاوف على محمل الجد ليصبح مستقبلاً هذا القرار، الذي حقيقة يعد خلاصة للجهود الدولية، ومثالاً للدعم الأُممي لليمن لمساعدته للخروج من ازمته من خلال وضع تدابير تضمن الحفاظ على انتقال الوضع السياسي في اليمن إلى مرحلة تُمكنه من إعادة بناء دولته على أُسس، ومعايير ديمقراطية سليمة لتحقيق العدل، والمساواة بين افراد المجتمع، باعتبار إن الاخفاق في بناء الدولة كان أهم الاشكاليات التي ساعدت على تُراكم مشكلاته وخلقت هذا الوضع المزري، الذي اصبح يشكل مصدراً للخطر وتهديداً للأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

حين ننظر نحن المواطنون البسطاء إلى الأوضاع والمستجدات التي تمر بها اليمن، تزايد أعمال العنف والاقتتال الدائر في شمال اليمن وعلى مشارف صنعاء، واستمرارعمليات الاغتيال، والهجمات الارهابية على المنشأت الأمنية التي كان آخرها الهجوم على مبنى المخابرات بمحافظة لحج جنوب اليمن، وننظر في الوقت نفسه إلى قلق مجلس الأمن الذي اعربه عنه من تردي الاوضاع في اليمن، وادانته الواضحة للاعمال الارهابية التي تضمنتها الفقرة الـ (29) من القرار التي جاء فيها:"يدين تزايد الهجمات التي ينفذها أو يرعاها تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية، ويعرب عن عزمه على التصدي لهذا التهديد وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بما في ذلك ما ينطبق من أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين والقانون الإنساني الدولي، وفي هذا الصدد عن طريق نظام الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة الذي تديره اللجنة المنبثقة عن القرارين 1267 (1999) و1989(2011) ويعيد تأكيد استعداده، في إطار النظام المذكور أعلاه، لفرض جزاءات على مزيد من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الذين لم يقطعوا جميع صلاتهم بتنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به؛" وحين نربط بين معاناتنا ومخاوفنا من محاولات إفشال المرحلة الانتقالية، وأملنا في الحفاظ على مسار العملية السياسية في بلادنا، وبين حرص المجتمع الدولي على للحفاظ على اليمن ومنع استمرار تدهور الاوضاع فيه وتشكيله تهديداً للسلم والأمن الدوليين في المنطقة، هنا تبرز رغبتنا اليوم للدعوة الى ضرورة ان يعي الجميع ان المجتمع الدولي لن يسمح باستمرار انهيار الوضع الى مآلات يصعب التعامل معها، وان يبادر المتصارعون وصانعو العنف والارهاب ومحرضي الشباب على الاقتتال، للكف عن هذه الاساليب لأنها لن تُعد تجدي في اعاقة التسوية في اليمن بعد صدور القرار، وان الوقت حان لهم للتحول الى احزاب سياسية تشارك في بناء الدولة وتأسيس اعمدتها وحان الوقت لبعض التيارات الى قطع صلتهم بالارهاب وبالجماعات المتطرفه.

دون التخلي عن العنف والقتل وادواتهما، وقطع بعض التيارات والافراد والجماعات والكيانات العلاقة والصلة بتنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة بالعنف والارهاب، يصبح لا مجال امامنا شعبياً الإ ان نصرخ بأعلى أصواتنا لنقول : لمجلس الامن (حان الوقت) وان الضرورة تفرض علينا لندعوه عند الاستماع للتقرير القادم من السيد جمال بنعمر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن بان ينظر الى انه حان الوقت لاصدار جزاءاته الرادعه ضد كل من يمّول او من لايزال ذو صلة وعلاقة مع تنظيم القاعدة او الجماعات الارهابية، بعد ان بات واضحاً أنه من المستحيل الحفاظ على التسوية السياسية دون تقويض أعمال الارهاب بكل درجاته ومستوياته، وشل قدراته ومنظومته، والتقليل من تاثيره السلبي على مسار التسوية وإنهاء علاقة الافراد والجماعات والتيارات به.