الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٥ مساءً

من طلب الجن ركضوه

علي منصور
الاربعاء ، ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
تصريح القيادي الحوثي صالح هبره لجريدة السياسة الكويتية بشأن سلاح الجماعة والذي قال فيه أن من يطلب من الجماعة تسليم سلاحها من دون الجماعات الأخرى "غير منصف" كونهم ليسوا الجهة الوحيدة التي لديها أسلحة (فلدى حزب الإصلاح أسلحة ولدى آل الأحمر أسلحة ولدى كل اليمنيين سلاح ونحن أقل جهة لديها سلاح)... هذا التصريح يبين بوضوح شديد حجم المغالطة التي تحاول الجماعة تمريرها من خلال الاعلام الخارجي... صحيح ان الحوثيين ليسوا الوحيدين الذين لديهم سلاح... لكنهم الوحيدين الذين لديهم دبابات وعربات مدرعة وراجمات صواريخ ومدافع ثقيلة ... وهم أيضاً الوحيدين الذين يستخدمون هذا السلاح الثقيل لينتشروا بقوة نيرانه خارج مناطقهم ... وهم الوحيدين الذين ينازعون "مابقي من" الدولة المهلهلة سلطتها فهم يحكمون فعلياً محافظة صعده واجزاء كبيرة من محافظات الجوف وحجه وعمران حيث يعينون ويعزلون ويحصلون الزكاة والضرائب ... وهم الوحيدين الذين لديهم استراتيجية واضحة كالشمس هدفها الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح حيث لم يتحرج زعيمهم من أن يصرح على شاشات التلفزيون بأنه صاحب حق الهي في الحكم... وهو "الحق" الذي يقوم من حيث المبدأ على تفويض إلهي حصري مزعوم لا يعترف للآخرين بأي حقوق في الحكم ... وبالتالي سيكون السلاح - والسلاح وحده - الوسيلة الوحيدة لإنجاز هذا الحق الالهي ... لا حوار ولا حزبية ولا صناديق اقتراع ولا أي من كل هذا "الكلام الفاضي" الذي لا تقول أو تعترف به الحركة الحوثية، ولا تمارس ما تمارسه منه إلا من باب التقية ، بانتظار أن تتمكن تماماً.

ثم يستطرد صالح هبره في تصريحه قائلاً (نحن لم نقاتل أحدا إلا بعد أن يسقط قتلى بيننا, فنضطر للدفاع عن أنفسنا ورد العدوان) وهذا كذب قراح تفوح رائحته من على بعد كيلومترات. فالحوثيون يمارسون التصفية المذهبية والتهجير لمخالفيهم افراداً وجماعات ويفجرون بيوت اعدائهم بمافي ذلك بيوت الله. هبره يدعي كذباً أنهم يمارسون الدفاع عن النفس في حين أن لا احد يهاجمهم بل هم من يهاجم الآخرين.

الحوثيون يعتمدون في توسعهم وانتشارهم على الخلافات الداخلية بين افخاذ من القبل أو بين أفراد او جماعات في مناطق او قرى ، فمن كان له غرض ، سواءً كان مدعي مشيخ أو صاحب ثأر أو حتى من الأوباش والفرغ والبلاطجة الموجودين في كل منطقة لاشك انه سيبحث عن فرصته للانتقام أو تصفية حسابه مع الشيخ أو العاقل أو ابتزاز وجاهات مناطقهم واصحاب النفوذ فيها والتربع على القرية او مجموعة القرى أو حتى المديرية والسيطرة عليها... فيبدأ هؤلاء "الهتع" بالتواصل مع الحوثيين لطلب الدعم ثم يبدأون في مناوشة الدولة او الشيخ او أي كان في المنطقة فتشتعل المعركة ثم سرعان ما يصل الحوثيون لمناصرة "اصحابهم" و "رد العدوان"... ويستولون على المنطقة وينصبون اصحابهم فيها ... هذا هو التكتيك الحوثي وهذا هو ما وراء كلام صالح هبره عندما يقول انهم "يدافعون عن انفسهم" وأنهم يقومون ب "رد العدوان"... طيب دافعوا عن انفسكم في بيوتكم ... ثم لماذا لا تدافع الأحزاب الاخرى عن اوباشها بالدبابات وراجمات الصواريخ مثلكم؟ كل هذا يجري وعمنا هادي "مبتق"... مثل الصومالي الذي قال "خلينا نشوف عقله فين بايوديه" ... وهكذا سيلتهمون اليمن قرية قرية ومنطقة منطقة...

الكل مكيفين على التمدد الحوثي... صالح وهادي ... يخمدوا بهم عيال الشيخ والاصلاح وعلي محسن... التقت مصالح الزعيم والرئيس عند عبدالملك الحوثي... لكن التاريخ يعلمنا أنه ما من حاكم او قوة استعانت بالجماعات الدينية إلا واكتوت بنارها... خذوا عندكم الزعيم الذي حاول يضرب بهم علي محسن، وابن سعود الذي بنى بهم مملكته، وحتى امريكا التي ضربت بهم الاتحاد السوفيتي في افغانستان... والأمثلة كثيرة حتى في الديانات الاخرى ، ما من "محنش" حاول يستعين بهم إلا ولدغوه... هكذا هي طبيعة الامور... التطرف الديني يجعل المرء يتوهم أنه لصيق بالله ينفذ ارادته ومشيئته والتي سرعان ما تتماهى مع ارادة صاحبه ومشيئته ثم سرعان ما يصبح "الآخر" عدواً لله يستحل دمه وماله. وكلنا اطلعنا على ملازم التثقيف الحوثي وسمعنا القصص حول نتائج حوارات المناصحة مع من كان يقبض عليهم في بداية الحركة، كما شاهدنا على شاشات التلفزيون ذلك المعتوه منهم الذي ساوى بين سيده حسين والرسول (صلعم). الحوثي اذا لم يتم كبحه والسيطرة عليه سيقضي ليس فقط على هادي وصالح بل ايضاً على الجمهورية والنظام الجمهوري.

التطرف الديني أياً كان نوعه، حوثي او قاعدي او اخواني، آفه من الآفات. وباء تحركه اطماع سياسية مغلفة بالدين ... والمشكلة في اليمن أن لدينا ثلاثة اطراف تحمل هذه الراية وكل منها لن بتورع عن الاجهاز على الآخر لو استطاع ... حال الواحد منهم مثل المشعوذ الذي انفرد بقرية من القرى يكتب لهم الرقي والطلاسم مقابل شيئ من الحبوب والدجاج والبيض، ثم فجأة ظهر في القرية مشعوذ آخر ينافس الأول ... فإذا بهما يمسكان بخناق بعض. هذا هو حال الاصلح والحوثي والقاعده... شعوذه في شعوذه وضحك على الناس باسم الدين. يذكروننا بحال اليمن عندما كان يظهر فيها عشرة ائمة كل يدعو لنفسه بالإمامه... ولاحظوا هذه الأيام أن احفاد الامام وصلوا بدورهم للمطالبة ب "ممتلكاتهم" ولا شك أن في ذهنهم اليمن بكلها.

ختاماً، الحوثي الذي رفع شعار الموت لأمريكا منذ بداية حركته، حتى قبل أن تسمع به امريكا او اسرائيل، بالطبع لم يرفع هذا الشعار إلا لحشد الجهلة الاميين لمعركته المزعومة مع اليهود والنصارى، هذا الحوثي يذكرني بالمثل الشعبي "من طلب الجن ركضوه" ، فالشعار الذي يرفعه يبدوا أنه استقراء مستقبلي لمصيره ، فهو طلب الجن الامريكان و "حضرهم" وهم سيأتوه عندما يتجاوز الحدود ... وما "هادي" عنهم ببعيد... فالذي حشد مجلس الأمن سيحشد امريكا لتتصيد الخارجين من كهوف التاريخ للتخريب. ومن طلب الجن (الأمريكان) ركضوه... صرفوا.