الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٤ صباحاً

انتم رهنتم البلد ياسادة

عبدالوهاب الشرفي
الاربعاء ، ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
ليس هناك منهم اكثر لا وطنية من اولئك السياسيين اليمنيين الذين سعوا او رحبوا بدخول البلد تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة , فلا يوجد بلد اخر في العالم سعى او رحب سياسيوه او بعظهم بإدخال بلدهم تحت البند السابع على خلفية " عملية سياسية " تجري في بلدهم .

البند السابع هو باب شر كبير تم فتحه على البلد دون مبرر ودون مسوغ , فالدخول تحت هذا البند يعني تدويل العملية السياسية الجارية في البلد ليس انطلاقا من النظرة اليها كعملية داخلية وطنية يودي الخارج فيها دور الوساطة والتقريب والتشجيع ومراقبة التزام الاطراف بالحلول كما كان حال التدويل للشأن اليمني الذي بدأ بالمبادرة الخليجية وحتى قبل القرار الاممي رقم 2140 , وانما انطلاقا من النظرة اليها كعملية دولية عالمية يودي الخارج فيها دور الالزام والفرض والعقوبات ومباشرة كثير من تفاصيل هذه العملية . فالبند السابع لا يتم الانتقال اليه الا في حال النظرة الى ما يحدث في البلد بانه مهدد " للأمن والسلم الدوليين " .

لا يستطيع البند السابع التعامل مع العديد من القضايا التي يتم " ترطيب الجو " بها بصورة مباشرة , فتفجير الكهرباء او الاموال المنهوبة او الفساد المستشري في البلد وغير هذه من القضايا التي تمثل جوهر مشكلة البلد لا يمكن اعتبار انها تهدد الامن والسلم الدوليين باي حال من الاحوال , و لذلك لا يجب توقّع ان البند السابع سيعتني بمواجهة المشكلات والصعوبات التي يعاني منها المواطن اليمني في مختلف المجالات وما الحديث عن هذه المشاكل الا لتمرير " الخازوق " .

ما يمكنه البند السابع ان يتعامل معه هو العملية السياسية الجارية في البلد - بعد تدويلها بالقرار الاممي 2140 - وهو ما يعني وضع البلد وتكويناته السياسية وسيادته وقراره ومستقبله برسم الاجندة الخارجية , ووقت ما ستحتاج او ستقرر تلك الاجندة ان لها مصلحة ما فستدخل لها من باب البند السابع وستسهم في تشكيل المشهد في البلد بما ينسجم او لا يتعارض مع مصلحتها , وخصوصا مع سياسيين بلاوطنية مثل سياسيي اليمن المتسببين والمرحبين بدخول بلدهم تحت هذا البند دون مبرر او مسوغ .

البند السابع يجعل ممن يٌعرفون بالطرف الدولي في العملية السياسية الجارية في البلد طرفا " مشاركا " وليس طرفا " راعيا " كما كان الامر قبل القرار 2140 , و العملية السياسية الجارية تتعرض لاهم قضايا البلد وأخطرها واكثرها حساسية واكثرها حاجة للبعد الوطني في النظر اليها , وعندما يصبح الطرف الدولي طرفا مشاركا باي دور فيها مهما كان صغيرا فلابد له من ان يؤثر فيها بقدر ما والمسألة تتراوح بين هل سيفرض اجندته ام سيشوه اجندتنا الوطنية .

لم يكن موضوع شكل الدولة الاتحادي مطروحا او على بال جميع القوى الوطنية عند توقيع المبادرة ولا عند التوجّه للحوار الوطني , ولكنه طرح من الراعين الخارجيين للمبادرة , وما تبعه من تقسيم للأقاليم في وضعه الحالي هو الاخر لا يمثل رغبة وطنية جامعة فقد استبدلت قوى بقوى اخرى شكلية واهمل عدد اخر من القوى , وهو توزيع يغلب عليه رغبة غير يمنية بلورها المبعوث الاممي بن عمر بطريق او بأخر . وشكل الدولة الاتحادي وتقسيم اقاليمها الحالي هما اليوم من مخرجات الحوار الوطني وجزء من حلول العملية السياسية في البلد والمحمية بقرار البند السابع , ومن سيقف ضدها سيكون معرقلا للعملية السياسية وسيطاله عقوبات البند السابع .

على ما جرئ في موضوع شكل الدولة وتقسيم اقاليمها يمكننا ان نقيس ما سيجري في باقي الملفات التي تتعرض لها العملية السياسية عند الانطلاق الى التفاصيل واخراج ما توافقت علية القوى الوطنية في مؤتمر الحوار الى واقع , فسيكون ذلك بمشاركة خارجية مباشرة , وبالطبع لن تهمل في مشاركتها هذه اجندتها الخاصة بها , وبما ان الجميع قد اصبح برسم البند السابع فلابد ان يكون لرفضهم ولمواقفهم حدود خشية ان تطالهم عقوبات .

منذ وضع البلد تحت بند العقوبات وحتى مستقبل لا يمكن تحديده حاليا سيضل قرار البلد مهددا , وسيمكن ان تستخدمه القوى الخارجية اللاعبة في المنطقة لمساومة الدولة اليمنية في كثير من القضايا والمواقف التي لا صلت لها بالعملية السياسية الجارية في البلد فقط وانما المتعلقة بسياسات البلد الخارجية وعلاقاته ومواقفه الدولية والاقليمية .

دخل البلد تحت طائلة البند السابع تواطئ ومكايدة سياسية لا مجال للوطنية في حساباتها , ولكن الخروج من تحت طائلته لن يكون كذلك , وسيمثل البند السابع حبل لف على عنق البلد سيضل يقود الكثير في مستقبله حتى يقرر غيرنا من القوى المهيمنة والمتصارعة فيما بينها ان تفكه عن عنق اليمن بقرار اممي اخر ينهي وضع البلد تحت طائلة البند السابع و الالزام والعقوبات , ويأتي هذا في ضل سياسات عالمية مصلحية متحيزة استغلالية استكباريه استعمارية .. دعونا نتحدث عن الحقيقة مهما كانت مرة , يا سادة : بإدخال البلد تحت طائلة البند السابع انتم رهنتم البلد برسم غير ابناءه .