الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٢ مساءً

أين حُمْرة الخجل ؟!

أحمد مصطفى الغر
الأحد ، ٢٣ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً


لا يستشعر الحرج رغم أن مواقفه جداً عجيبة ،وكذبه مكشوف ،و مراوغاته الخبيثة قد باتت مفضوحة، يتحدث عن الإرهاب وهو من يمارسه بحق الشعب ، ويتكلم عن الإستقرار وهو من يهدمه بيده وأيدى من جلبهم من مرتزقة الخارج ، إنه بشار الأسد ، الذى بعث منذ أيام برسالة إلى الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين" يعرب فيها بإسمه وبإسم الشعب العربي السوري ــ على حد زعم ما جاء بالرسالة ــ عن تضامن سوريا مع جهود بوتين لإعادة الأمن والاستقرار إلى أوكرانيا في وجه محاولات الانقلاب على الشرعية والديمقراطية لصالح المتطرفين الإرهابيين !

الأسد بدى من خلال رسالته أشبه بمن يرد الجميل لروسيا ، ولبوتين تحديداً على الدعم الذى يقدمه للنظام منذ إندلاع الثورة السورية قبل ثلاثة أعوام ، فالدب الروسي ألان قد بات مشتت الفكر ،يعمل على أكثر من جبهة ،خاصةً و أن الأزمة الأوكرنية قد صارت فى المرتبة الأولى لدى صناع القرار الروسى فى المرحلة الآنية ، وأن المواجهة الغربية أكثر إحتداماً مقارنةً مع الخلاف الخاص بالقضية السورية ، الذى مرَّ بمراحل مختلفة من الصعود والهبوط ، لكنها لم تصل إلى هذا القدر الموجود ألان فيما يخص الشأن الأوكراني.

تناقض غريب يشوب ما جاء بالرسالة من عبارات ، يدعو من يقرأها إلى الضحك حيناً ، و إلى السخرية فى كل الأحايين ، ففي أحد مقاطع الرسالة يمتدح الأسد السياسة التى يعتمد عليها بوتين ،والتى يرى الأسد أنها تؤدي إلى "خلق نظام عالمي متوازن يعطى الحق للشعوب في تقرير مصيرها" ، فلما لا يقتنع الأسد و بوتين بحق الشعب السوري فى تقرير مصيره هو الآخر ؟! ، أم أن الشعب الذى خرج يطالب بحريته من قبضة آل الأسد وأعوانهم ليس من ضمن الشعوب المقصودة فى رسالة بشار ؟!

فى جزء آخر من الرسالة يمتدح الأسد نهج بوتين ،والذى وصفه بالعقلانى ، ويثني على حبه للسلام ، كيف ذلك؟! ، و بوتين يقدم للنظام السوري الأسلحة منذ بدأ الثورة لقتل المدنيين الأبرياء ، هذا بخلاف الدعم السياسي والدبلوماسي لتغطية جرائم الأسد دولياً ومنع إصدار قرارات يترتب عليها توجيه ضربات عسكرية لقوات النظام ، وإن كان بوتين حقاً محب للسلام ، فلما أرسل قواته مؤخراً إلى شبه جزيرة القرم ؟! ، إن الكلمات والمصطلحات التى طغت على الرسالة ، والتى لا تخلو منها أحاديث الأسد و رسائله عموماً ، كانت هى "الإرهاب ،الإرهابيين ، التطرف .." ، فبشار ــ بحسب رسالته ـ لديه ثقة كبيرة فى بوتين ، بأنه قادر على إنهاء التطرف والإرهاب فى أوكرانيا ، وكأن محاربة الشعوب وقتل الأحرار من الثواروهدم المنازل وتشريد العائلات، قد صارت حرباً مقدسة فى نظر بشار و القوى التى تسانده ، وهو ما يعنى أن الأسطول الروسي إذا ما نجح فى حربه فى أوكرانيا ،وإستطاع أن يعيد أوكرانيا إلى بيت الطاعة الروسي ، فإنه قد يوجه بوصلته إلى سوريا ليصير الدعم عياناً بياناً ، وبلا أي خجل أو تبريرات !

وبالرغم من أن هذه أشياء تبقى مرهونة للمستقبل ، إلا أن ثمة أشياء كثيرة أخرى قد باتت فى طور الحقائق، فالسوريين إقتربوا من أن يكونوا أكبر عدد من اللاجئين في العالم ، منهم حوالي ألفي طفل لجأوا إلى لبنان، وعدد ليس قليل منهم مهدد بالموت ألان بسبب سوء التغذية ، وفى مخيمات اللجوء فى بلدان الجوار قد تنتشر الأمراض مع تكدس الأعداد فيها يوماً بعد آخر وقدوم فصل الصيف ، ولعل هذا ما دفع الولايات المتحدة في تقرير دولي عن حقوق الإنسان إلى توصيف الأزمة السورية بــ "مأساة لا مثيل لها في الحجم والخسائر البشرية" ، كما أن الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي وقع في غوطة دمشق يوم 21 أغسطس من العام الماضي وأدى إلى مقتل 1429 شخصاً ، "هو أحد الأهوال العديدة لهذه الحرب" بحسب وصف التقرير.

سوريا تتألم ، وبشار الأسد بلا أي حُمرة خجل يرسل رسائله كى يمتدح بوتين الذى يسعى كى يجعل من أوكرانيا سورية جديدة فى شرق أورُبا ، وفى إطار ما يُعرف بحملة "الجوع حتى الركوع" التى يشنها النظام وأعوانه ضد كل سوري حر يطالب بالحرية والكرامة .. يبقى الوضع على ما هو عليه .. حتى إشعارٍ آخر !