الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٣ مساءً

في الليلة الظلماء، ظهر جلياً نور ميسي!

د . محمد نائف
الاربعاء ، ٢٦ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
في البداية أود أن أوضح أني أشاهد كرة القدم حسب الوقت والظروف ولكني لا أتعصب لفريق محدد وإنما أعشق اللعب النظيف والروح الرياضية ومن يلعب كرة قدم وليس مصارعة ثيران.

يوم الأحد الماضي شاءت الأقدار أن أشاهد "كلاسيكو الأرض" أو "كلاسيكو العالم" كما يسميه الكثير من عشاق الساحرة المستديرة حول العالم، وكان أغلب المحللين الرياضيين قبل المباراة يميلون إلى ترجيح كفة الريال بالفوز على البرسا نظراً لتراجع مستوى الأخير في الأسابيع الأخيرة وخصوصاً في مسابقة الدوري الأسباني. وما أن بدأت المباراة وسجل البرسا الهدف الأول وظهر الارتباك على لاعبي الريال والدهشة على جمهوره حتى شعرنا أننا موعودون بمباراة مثيرة ومجنونة في تلك الليلة نظراً للندية التي أبداها الفريق الكتالوني بالرغم من أن المباراة كانت خارج أرضه وبعيداً عن هدير جماهيره المرعب لأي فريق تطأ أقدامه الكامب نو.

المثير والملفت للنظر في هذه المواجهة الساخنة والمثيرة جداً أن ميسي - كما هي عادته دائماً - فعل كل شيء له علاقة بكرة القدم: صنع الأهداف وسجلها ومرر تمريرات حاسمة وكذلك سجل ركلتي جزاء البرسا بمهارة فائقة وقضى على أحلام الريال وعشاقه في الابتعاد بالصدارة عن منافسه التقليدي البرسا. بان معدن ميسي الحقيقي للقاصي والداني في هذه المباراة التي كان يشاهدها الملايين حول العالم وأظهر للعالم أنه لاعب من معدن مختلف وبمميزات مختلفة ولا يجوز مقارنته مع أي لاعب آخر، ولديه صفات شخصية لا تقارن أيضاً مع أي لاعب آخر، فهو لاعب هادئ و خلوق ومتواضع ولا يميل إلى الاستعراض ويركز على ما تحدثه قدميه من ترويض واستحواذ على الكرة وليس على إيذاء الخصوم كما يفعل بعض اللاعبين "الكبار" الآخرين. إذاً هذا هو معدن ساحر كرة القدم ميسي الذي سجل هاتريك في المباراتين الأخيرتين فقط، واحدة منها في مرمى المتصدر ريال مدريد حتى لا يعتقد البعض أنه يسجل أهدافه في مرمى الفرق الصغيرة فقط.

برشلونة فريق كبير ولكنه يعاني من مشكلة مزمنة في الدفاع ولم يستطع القائمون عليه أن يجدوا بديل للقائد والمدافع الصلب بويول على الرغم من أن الفريق لديه خط وسط وهجوم لا يضاهى والدليل على ذلك أن لاعبي وسطه وهجومه يسجلون أهداف بالجملة وقد سجل الفريق في آخر مباراتين فقط 11 هدف، أربعة منها كانت على الريال متصدر الدوري. إذا تحدثنا بواقعية وبدون تعصب، المشكلة المزمنة التي يعاني منها برشلونة في الدفاع قد تكلفه بطولة الدوري والكأس الإسباني في هذا الموسم وقد تجلب له الكثير من المتاعب في دوري أبطال أوروبا كما حدث العام الماضي أمام بايرن ميونخ.

إذا أراد ريال مدريد أن يقارع برشلونة هذا الموسم فعلى لاعبيه وإدارته وجمهوره أن يركزوا على ما تحدثه أقدام اللاعبين من إبداع وسحر كروي ويبتعدون عن البحث عن شماعات يعلقون عليها أي فشل يتسببون فيه لأنفسهم. ينبغي عليهم أن يبتعدوا عن التصريحات التي نسمعها دائماً، وسمعنا منها الكثير بعد مباراة الأحد الماضي مثل أن الحكم كان ضدهم وأنه منح ضربتي جزاء لبرشلونة.

ينبغي على الرياليين أن يدركوا أن ركلات الجزاء والإنذارات والطرد جزء لا يتجزأ من قواعد لعبة كرة القدم وأن الأخطاء التحكيمية أيضاً واردة وتقع في الكثير من المباريات وأن الأخطاء التي تطال ريال مدريد، تطال أيضاً الفرق الأخرى، ولا أعتقد أن هناك مؤامرة للحيلولة دون فوز الريال ببطولة الدوري كما صرح بعض لاعبي الريال بعد الخسارة، والدليل على ذلك أن ركلة الجزاء الأولى التي منحها الحكم للريال كانت ركلة حرة على حدود منطقة الجزاء بشهادة خبراء التحكيم غير أن لاعبي برشلونة لم يجعلوا منها شماعة يعلقون عليها فشلهم ولكن تركوها خلفهم واجتهدوا واستثمروا الفرص المتاحة وحققوا الفوز في عقر دار المتصدر الريال.

بفوز برشلونة في الكلاسيكو الأحد الماضي اشتعلت المنافسة على بطولة الدوري الإسباني من جديد وسيكون المستفيد مما حدث هم عشاق الريال والبرسا والدوري الأسباني بصفة عامة. آمل أن تكون الجولات التسع القادمة مليئة بالإثارة والندية والمتعة والسحر الكروية وأن نستمتع بالمزيد من براعة وسحر ميسي الكروي وأن يثبت في المباريات القادمة في كل البطولات كما يفعل دائماً أنه رجل المهمات الصعبة وليكون البطل من يستحق فعلاً أن يكون البطل، مع الاعتذار للأصدقاء عشاق الريال إن كنت قد قسوت عليهم بعض الشيء، وأذكرهم بمقولة: "صديقك من صَدَقَكْ، لا من صَدَّقَكْ".