الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٧ مساءً

المملكة خططت لجعل اليمن قاعدة للقاعديين!

علي منصور
الجمعة ، ١٨ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
حققت المملكة العربية السعودية نجاحاً كبيراً خلال السنوات العشر الأخيرة في ملاحقة مواطنيها المتطرفين/ الارهابيين والتضييق عليهم واجبار أعداد غفيرة منهم على المغادرة الى دول الجوار ... ومنهم عدد كبير جاء الى اليمن وكان لهم دور كبير في تسليط الأضواء على اليمن كبؤرة ارهاب تهدد العالم، مثل "الموهوب" العسيري صانع القنابل المموهة الذي كان وراء الطرد المفخخ المرسل الى شيكاغو والابتكارات الانتحارية الاخرى مثل القنبلة التي لا ترصدها اجهزة الأمن في المطارات واخفاها في سروال النيجيري عبد المطلب ... وقبلها القنبلة التي غرسها لقريبه العسيري في شرجه والتي استهدفت وزير الداخلية السعودي الحالي... والملاحظ بالطبع أن هذه القنابل الثلاث لم تنفجر، إذ تم تسريب المعلومات حولها من قبل عملاء استخبارات سعودية وغيرها مغروسين اساساً في وسط الخلايا الارهابية. ويمكن بسهولة استنتاج دور هؤلاء العملاء إذا علمنا السلطات الألمانية والأمريكية تلقت من نظيرتها السعودية رقم بوليصة شحن الطرد المرسل الى شيكاغو وتم تتبعه وضبطه في مقر فرز البريد التابع لشركة (دي اتش إل) في مدينة لايبزج الألمانية. وفي الحقيقة لم يكن من المفترض أن تنجح أي من هذه العمليات كونها أساساً مدسوسة من داخل خلايا القاعدة بواسطة عملاء سعوديين وغربيين وكان غرضها الوحيد هو تضخيم الخطر الإرهابي القادم من اليمن.

ولا شك أن جهود خلق هذه الصورة الدولية لليمن كقاعدة للارهاب قد تطلب من الجانب السعودي ايضاً، علاوةً على هذا الجهد العملياتي، جهداً إعلامياً مكثفاً سلط الضوء على اليمن وتولاه العديد من الصحفيين والباحثين الذين نشروا المقالات في الصحافة الغربية وعبر مراكز الأبحاث المعتبرة في الغرب ومنهم السيدة (مي يماني) التي بدأت كتاباتها في هذا الاتجاه منذ مطلع 2008، وتبعها بعدها دافيد بيويك ليواصل هذا المشوار من خلال عمله في معهد كارنيج.

وللإنصاف فإن هذا التطور السلبي في صورة اليمن الخارجية كمركز للإرهاب القاعدي، والنجاح السعودي في خلقه، ما كان ليحدث لولا أن كثير من مراكز القوى في اليمن كان لها في التسعينيات مواقف داعمة ومرحبة بالجماعات الارهابية العائدة من افغانستان إما لاستغلالها في مكايداتها السياسية ضد بعضها البعض، أو للتذرع بها للحصول على دعم من دول اخرى "لمحاربة" الارهاب، أو لانسجامها الفكري معها. ولعل عودة هذه الجماعات من افغانستان كانت بداية التفكير السعودي في توطينها في اليمن ، وفي "إرسال؟" أو ربما "التخلص من؟" الأب الروحي لهذه الجماعات الذي كان مقيماً في المملكة ليأتي الى اليمن ليكون هنا في استقبالها ورعايتها، وليكن أيضاً قناة اتصال للمملكة من ضمن القنوات التي بثتها لمتابعة مستجدات هذه الجماعات.
وبفضل هذين العاملين، الدور السعودي والاستقبال اليمني، اصبح اليمن بؤرة الإرهاب التي يشير اليها العالم بالبنان... ومع تواصل عمليات هذه الجماعات ضد الجيش والأمن والمواطنين وتلاحق عمليات الطائرات بدون طيار وسقوط الضحايا في هذه الغارات واستيلاء هذه الجماعات على مدن ومهاجمتها للسجون والمستشفيات واقامتها للاحتفالات العلنية واستقطابها لمزيد من الشباب المغرر بهم، بدأنا بالفعل ندرك حجم المأزق الذي نحن فيه، وحجم المؤامرة التي حيكت ضد اليمن. وبدأت الصورة تتكامل حولنا... فاليمن قد طلبن عملياً ... ومثلما ارسلت المملكة ارهابييها الى افغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي ارسلتهم الينا لسفك دمائنا ... ومثلما صنعت المخابرات الباكستانية حركة طالبان في افغانستان ... فرخت المخابرات السعودية لنا في اليمن القاعدة في جزيرة العرب ... وادت حالة الفوضى منذ عام 2011 الى جعل بعض مدننا مثل جعار وعمران والبيضاء ورداع بقاعدييها لا تختلف كثيراً عن قندهار بامراء حربها...ويكاد هادي يشبه من أوجه كثيرة كرزاي... كما أن ايران نشطة هنا مثلما هي هناك.

الترتيبات السعودية في اليمن مرجح لها أن تصمد وتستمر ليس فقط لوجود رضى دولي عنها لكونها تخلق للإرهاب ساحة معركة بعيدة عن اراضي المملكة التي لايريد العالم لاستقرارها أن يهتز لما لذلك من ارتدادات سلبية على اسعار النفط ، ولكن ايضاً لوجود قوى دولية اخرى وقوى سياسية يمنية ترعى وتدعم وتستعين بالقاعديين لتصفية حساباتها بينها البين. وأن مواصلة القوى السياسية اليمنية لهذا المسار الخطر سترتد وبالاً على الجميع ولابد من ادراك أنه ما من سلطة احتضنت هذه الجماعات المتطرفة إلا واكتوت بنارها، من أمريكا الى السعودية الى مصر وغيرها. وإن أي نجاح او مكاسب تحققها اي سلطة من خلال هكذا تعاون ليس إلا سراباً لن يستفيق صاحبه إلا وهو يدفع الثمن (ويسري هذا ايضا على الحوثيين).