الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٦ مساءً

وماظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون

الشرجبي معتصم
الأحد ، ٣٠ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:١٥ صباحاً
وَمَا ظَلَمْنَاهُـــــمْ وَلَكِنْ كَانُــــوا أَنْفُسَهُـــــمْ يَــظْلِمُــــونَ

أية عظيمة من روائع الوحي القرآني , تجسد حقيقة الظلم الذي يدعي بعض الحكام العرب أنه حاق بهم, بعد أن تنادت شعوبهم للمطالبة برحيلهم كحق من حقوقهم التي شرَعت لها كتب السماء ومن بعدها دساتير الأرض, كونهم المصدر الأول لشرعية هؤلاء الحكام والمالك المطلق لصلاحية منح السلطة أو سحبها , وفقاً لمقتضيات العقد الاجتماعي المبرم بينهم وبين من أوكلوهم بإدارة شؤون معيشتهم وتصريفها بما يضمن لهم العزة التي لا يشوبها ذل , والكرامة التي لا تعرف الانتقاص و العدل الذي ينافي الظلم , والمساواة التي لا تصاحبها أدنى مستويات التمييز والتفريق والعنصرية , فالشعب كل الشعب حُكام ومحكومين في درجة سواء في الحقوق وكذلك الواجبات لتنفيذ متطلبات العمل بذالكم العقد, وأي تقصير أو تجاوز من أي من طرفي العقد يخول للطرف الآخر محاسبة بل ومحاكمة الطرف المخالف عليه , فكما أن للحكام أن يحاسبوا ويعاقبوا بداعي المحافظة على السلم الاجتماعي , واستتباب الأمن والاستقرار , فإن من حق الشعوب أن تحاسب الحكام كذلك, إذا ما كانوا هم الخطر الذي يهدد أمنهم ومعيشتهم, وليس ثمة ظلم في ذلك, طالما وأن الحكام هم من بدؤوا بالظلم والتجاوز- رغم أنني أكاد اجزم أن الشعوب العربية تمتلك طاقة عظيمة على التحمل والصبر- فكم تجاوزت عن أخطاء لا يمكن أن تصبر عليها أو تتحملها غيرها من شعوب الأرض, وبعد كل الموبقات التي ارتكبها بعض الحكام العرب يدعون بأن شعوبهم قد ظلمتهم, وهم من -فعلوا وتركوا - لشعوبهم ,عندها نقول لهم راجعوا سجلاتكم , وستجدون فيها من المظالم الجسام التي تكفي الواحدة منها للمطالبة بما هو أشد من الرحيل فقط , ولكنه عفو الشعوب , ولا عجب في ذلك, ولكن العجب كل العجب أن يتجه هؤلاء المتغطرسين من الحكام للتكفير عن سيئاتهم ومكافأة شعوبهم على صبرهم بمزيد من القتل والتنكيل والتعزيز في سبيل كفهم عن مطالبتهم بحقوقهم, مستبسلين في إحكام قبضتهم على تلكم الشعوب التي خرجت لتطلب خلاصها من مصدر أوجاعها ومعاناتها التي صبروا عليها لعقود من الزمن , وتتعاظم المشكلة عند الطغاة , عندما يرتفع سقف مطالب الشعوب بمحاكمة جلاديهم وقتلة إخوانهم وأبنائهم للقصاص منهم - ويا لي عدالة مطلبهم -, يضج الطغاة مدعين برأتهم , وأن الشعوب هي من قتلة نفسها , وأنهم هم من سيحاكمون شعوبهم نظير ذنبهم الذي اقترفوه , فيتجهون مباشرة لإقامة عدالتهم المزعومة بمزيد من القتل !! , متناسين بأن إرادة الشعوب أقوى وأعظم من كيدهم ودباباتهم, غير معتبرين بمصير من سبقهم من أساتذتهم, متجاهلين بأن إرادة الله مع إرادة هذه الشعوب العظيمة, ولن يكون إلا ما كانت إرادة الله معه, قصر الزمان أو طال , فسيرحلون , وإذا ما قتلوا فإنهم سيحاكمون, وعلى جرمهم سوف يعاقبون , وستجري عليهم إرادة الله عز وجل ,
(وَمَا ظَلَمْنَاهُـــــمْ وَلَكِنْ كَانُــــوا أَنْفُسَهُـــــمْ يَــظْلِمُــــونَ).