الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٥ صباحاً

حزب الإصلاح ومنهج الزبيري في الإصلاح .

طارق عثمان
الأحد ، ٠١ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٣٦ مساءً
كل نقاش يتضمن الحديث عن التجمع اليمني للإصلاح لا يخلو من الحديث عن أن صالح كان يوما ما مرشحه للرئاسة وإنهم لم يكونوا بعيدين منه ولا أعداء له فليس من حقهم الآن الحديث عنه .

هذه النظرة الاستاتيكية السكونية في تحليل العلاقات بين المكونات كما لو أنها يجب أن تبقى على ماهي عليه لعشرات السنين دون تغيير نظرة لا وجود لها في العلاقات الإنسانية ، والعجيب أن تصدر تلك التعليقات من كثير ممن يتحالف مع صالح الآن في قضايا ليست لدعم الأمن والاستقرار السياسي في البلد ومحاولة التغيير دون صدام بل على العكس من ذلك تماما يقيمون تحالفات غير مبررة لضرب كل منجز تحقق أو إجهاض أي منجز قد يتخلق .

لن أفصل حول هذه النقطة لكن سأعود قليلا للوراء إلى بداية الحركة الإصلاحية عموما في اليمن وسأتناول منهج أحد روادها الأوائل وهو الأستاذ محمد محمود الزبيري .
فالمتتبع لحياته وكفاحه ونضاله يلمس بشكل لا يمكن تجاهله تأثره بالرؤية الإسلامية في تغيير الحاكم الظالم وتغيير الحكم الغير رشيد .

هذه الرؤية القائمة أساسا على المناصحة والدعوة بالتي هي أحسن فلا حكامنا فراعنة ولا معارضيهم أنبياء
قال الله موجها موسى وهارون ( فقولا له قولا لينا ) لمن ؟
لفرعون وهو من تضرب الأمثال في ظلمه وطغيانه وجبروته وهو الذي قال ( أنا ربكم الأعلى)
رؤية قائمة أيضا على مبدأ إيصال الفهم الإسلامي للحكام فإن أبوا فإيصال من يحمل هذا الفهم إلى سدة الحكم فالهدف ليس التنكيل بالحكام بل رفع الظلم والطغيان فإن تأتى ذلك باللين فبها ونعم حتى و إن أخذ ذلك وقتا وجهدا ومثابرة وصبر على الأذى والتضييق والتآمر ، وإن لم يتأت كان لابد من تغييره بمحاولة إيصال من يحمل الفكرة فإن كان من أهل بيته فذلك يختصر الطريق ويحرق المراحل ويقلل كلفة التغيير وإن كان ذلك متعذرا فإيصال من يحملها من القادرين على تجنب ما قد يعتري البلد من اضطرابات وصراعات باصطفاء من يمسكون بزمام الأمور وينصرون الفكرة بالبحث عن أحد العمرين ..

مدح الزبيري الإمام يحي رحمهما الله محاولا استمالته لفكرته الإصلاحية بعد أن رأى العالم العربي تتخطفه الحركات اليسارية والقومية التي أظهرت بعضها عداء سافرا للدين وقيمه وشعائره .فقال قصيدة مطلعها .

نور النبوة من جبينك يلمعُ *** والملك فيك إلى الرسالة ينزعُ

ويأتي هذا مع محاولات أخرى قام بها آخرون منهم الفضيل الورتلاني لجذب الإمام نحو التغيير وتبني فكرتهم الإصلاحية ..
بعد أن فشلت جميع محاولات الزبيري ورفاقه في إقناع الإمام يحيى بالعدول عن طريقته في الحكم التي أغرقت اليمن في الجهل والفقر والمرض ، وتعرضهم هم للاضطهاد والظلم توجهوا إلى تعز حيث يقيم ولي العهد أحمد والذي كان محبا للأدب والشعر
فقال الزبيري مادحا له في قصيدة مطلعها :-

يا آل يحيى سلام من رياض نهى ** ينهل مسلكاً عليكم منه مدرارُ .

كان يهدف الزبيري أن تتم عملية التغيير من داخل البيت الحاكم حتى تتم بسهولة ويسر ودون كلفة ودون منازعة الحاكم سلطته وملكه ولكن محاولاتهم باءت أيضا بالفشل بعد ان فطن ولي العهد مراميهم حتى قال أنه يريد ان يتقرب إلى الله بدمائهم.

إذا لم يفد تقريب الإمام يحيى للفكرة وإبقائه في الحكم دون منازعته عليه ، ولم يفد التقرب من ولي العهد وإقناعه بالفكرة بل لم يفلح لاحقا مع البدر في مرحلة ما بعد 26 سبتمبر مباشرة .
بالتوازي مع محاولة ايصال الفكرة للحاكم أو لولاة عهده حاول رموز الحركة التغييرية استقطاب شخصيات مؤثرة داخل دائرة الحكم من ضمنها بيت الوزير الذين شاركوا في الثورة الدستورية ولما باءت كل هذه المحاولات بالفشل .كان لابد من إعلان النضال والكفاح .

وحين اشتد التكالب على الثورة و انحاز الشيخ عبد الله يرحمه الله لها وللثوار وضع الزبيري فيه أمله بعد الله وراهن عليه
فكتب إليه هذه الرسالة .
رسالة بعث بها أبو الأحرار في بدايات الثورة إلى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر
بسم الله الرحمن الرحيم
ولدي الحبيب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر
أحييك وأقبلك وأتلهف إليك لهفة الظمآن إلى الماء العذب .
إليك هذه التحية الحارة الخاطفة مع الأخوة الأبناء القادمين إليك وعندهم كل شيء من أخبارنا وأفكارنا مما لا تتسع له هذه الرسالة.
يا بني الكريم :
إنك لأن تحمل أثقال جبال اليمن وسهولها ووديانها وإن هيكلك النحيل امتحنه القدر فحمله الأمانة الكبرى نحو الشعب والبلاد وأملي عظيم أنك تحمل ما حملت وتؤدي ما فرض الله عليك أداءه. حتى آخر الرسالة ..

الخلاصة أن المنهج الذي سلكه الزبيري ورفاقه في التغيير
أخذ عدة أشكال وكلها نابعة من تجردهم من الرغبة في السلطة بل هي الرغبة في التغيير فلم يكونوا ضد الحكام يوما بل ضد طريقة الحكم حاولوا أن يوصلوا الفكرة للإمام يحي فرفضها ورفضهم حاولوا التقرب أيضا لولي عهده فرفضها ولفضهم استقطبوا افراد في الاسرة ولكن لم تنجح ثورتهم حاولوا استقطاب من يؤمنون بالفكرة من قوى الشعب من الذي يمتلكون مقومات وإمكانات التغيير ..
وكان النضال والكفاح خيارا خاضرا إذا حشروا إليه ..

حدث الشيء نفسه في عهد صالح فالذين يحملون هم التغيير لم يكن يهمهم الأسماء صالخ احمد طارق عمار ياسين قحطان حميد زنداني عتواني حوثي .. بقدر ما تهمهم الفكرة فلا رغبة في منازعة الحكام على الكرسي بل رفع الظلم ودفعهم إلى تبني الحكم الرشيد أو إيصال من يحمل الفكرة إن أبى الحكام ذلك ..
مرت علاقة الإصلاح بصالح بكل هذه المحاولات لكن لم تجد نفعا معه حتى ضاق الشعب ذرعا به وبهم فاختاروا أن يكونوا في صف الشعب في ثورته ...