الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١١ صباحاً

القشيبي..الذي يهاجمون

طارق العضيلي
الأحد ، ٠١ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
الأحداث الوطنية بطبيعتها تنتج مواقف، وتفرز شخصيات جديدة تكون محركاً فاعلاً فيها وموجها لمساراتها، فتشتغل بها الالسن والأقلام مدحاً وقدحاً، وتكون سيرتها جزءاً من الحياة اليومية العامة.

ولم تفرز ثورة التغيير في بلادنا شخصيات سياسية جديدة، عدى البعض القليل منها بالقدر الذي كررت إنتاج القديم ليصبح في بعضه جديداً، فكانت رموز وقادة الاشتراكي والإصلاح والمؤتمر وجبهة التحرير تعيد إنتاج نفسها، ولكن بالطرق التقليدية المعهودة والمتعارف عليها. . غير أن الجديد الذي أفرزته الأحداث الدائرة في عمران ودفعت به بقوة إلى الواجهة هو العميد /حميد القشيبي فلم تشهد ثورة التغيير في بلادنا لغطاً كبيراً وشداً وجذباً حول شخصية عسكرية وسياسية كما شهدته حوله، بكونه شخصية عُرفت بقدرتها على تحريك الأحداث السياسية والعامة بدهاء وحكمة ومن وراء الكواليس، وبصفته كقائد عسكري ميداني برز بمواقف استثنائية متميزة لم يجارِه أحد فيها،فكان حفاضه على عمران إبان احداث 2011 من ويلات الحرب الاهلية والاقتتال بما فيها المحافظة على المصالح العامة والخاصة خلال هذه الفترة كاملة.. وبصفته العسكرية كقائد للواء 310 مدرع وقائد محور سفيان كان الرجل هو الشخصية الأقوى عسكرياً في المنطقة خلال مرحلة حكم النظام السابق وأصبح في ظل الحروب الدائرة مع الجماعات الارهابية شخصية محورية، لا يمكن تجاوزها، فهو الى جانب كونه عسكريا قويا ومنضبطا، هو شخصية توافقية عامة بين قادة العمل السياسي والقبلي، يقف على مسافة واحدة من الجميع، ويمسك بخيوط الجيش والقبيلة، ولكن في إطار تمسكه بالنظام والدولة، ويحتفظ بعلاقات قوية مع ابناء ووجهاء ومشايخ محافظة عمران نجد الجميع يتقاطرون اليه، أخوة وأصدقاء، ذلك لأنه – شخصية هامة - يمسك بخيوط المعركة الدائرة مع تلك الجماعات المارقة والخارجة عن الدين بأفعالها الإجرامية المعروفة ، ويمثل جزءاً من الحقيقة اليمنية القائمة. في شمال اليمن خصوصاً.. ميزته الأكثر شيوعا وفهما أنه رجل دولة يجيد الاستماع للآخرين، ويميز ما بين الغث والسمين، ولا يدعي علما ومعرفة بكل شيء، ففيه شيء من حكمة وتواضع. مايريده هو تحقيق الامن والسلم الاجتماعي وان يعيش المواطن امناً مطمئن في محافظة يريد لها البعض ان تكون مسرحاً للحرب والتهجير.

فما أثار انتباهي، ودفعني للكتابة في هذا الموضوع، هو الهجوم الإعلامي والسياسي السخيف من بعض وسائل الاعلام ومن الصحفيين المحسوبين على النظام السابق او من المنتمين الى هذه الجماعات الاجرامية الحوثية الذين تجردوا من أدب الخصومة والاختلاف فهم لا يحترمون المهنية الاخلاقية الاعلامية فيقومون بالسب والشتيمة ونقل الاخبار الكاذبة بما فيها الاشاعات المغرضة والعدوانية والتي تنتقل الى البعض على انها الحقيقة..! فنحن في مرحلة خطيرة يفترض أن يقف الجميع صفاً واحدا قوياً مانعاً لكل اعمال العنف والاجرام التي تسعى للسيطرة على محافظة عمران وجعلها ولاية حوثية بإمتياز ، وليس للمناكفة والفجور في الخصومة، وهنا، لن أسمي أحداً حتى لا أقع في ذات الأخطاء التي وقع فيها هؤلاء. فلمجرد أن الرجل لم يكذب، وكان صادقاً وأميناً مع نفسه ومع وطنه وشعبه وجنوده ومحافظته اصبح العميد القشيبي عرضة لكل هذا الزيف والتضليل.

لكن ما نلاحظه ان الرجل حافظ على رابطة جأشه، وفضل بصبر وهدوء أن يتلقف الضربات الصاروخية وقذائف المدفعية وخبر اصابته حيث يرابط في لواءه على أن ينجر الى تفجير الوضع وإسالة مزيد من الدماء، والدخول في مواجهة كانت المدخل الحقيقي لحرب أهلية مدمرة.

إذن، فالعميد القشيبي هذا الرجل، القائد العسكري، الذي توجه اليه سهام التجريح والشتيمة، وكيل التهم بالحق والباطل، هو قائد يخدم أجندة وطنية، ولا يخدم أجندة خارجية أو حزبية، بدليل أنه أسهم ويسهم بصورة فاعلة وكبيرة في حقن الدم اليمني، وجنب المحافظة السير الى المصير المجهول.. وأعتقد أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن عمران وماجاورها – اليوم - لا يزال في مهب الريح، والمؤشرات لا تزال تنذر بالعودة الى المربع الأول،إبان الثورة على الحكم الامامي في عام 62 فمخطط التشظي والانقسام يمضي على قدم وساق، وشيوخ الطوائف والأقاليم تنتظر مملكتها، وإيران والخارج الإقليمي يريدان أن يجعلا من اليمن ساحة لصراعاتهما على أجساد ودماء اليمنيين، والقاعدة تغرد في وادي الموت على دماء الأبرياء. وبالتالي فالحرب على الارهاب الحوثي لم تبدأ بعد، و"التتار" لا يزالون في كر وفر يتنازعون السيطرة على كل اليمن أي أن المهمة لم تنته بعد، واللحظة لا تزال أيضا بحاجة الى الكفاءات الوطنية، حتى وإن اختلفنا معها. ومن هنا، فضمائرنا وديننا ووطننا ، يجب أن لا تدعو القشيبي وحده للتفكير بوضع وحال عمران، وإنما يجب أن تدعونا جميعا لأن نفكر كثيراً بعقولنا وليس بعواطفنا فيما تعيشه اليمن من خطورة وتأزم، وبالتالي هي بحاجة الى كل الخبرات الوطنية، وفي كل المجالات، فضلا عن حاجتها الى خبرة العميد القشيبي، كقائد عسكري وسياسي خبر السهل والجبل، ولا يزال يتمتع بحكمة وصبر، وعلاقات لا بد أن توظف جميعها لخدمة هذا المستقبل الذي نرنو اليه.