الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٢ صباحاً

الدراما الحوثية

طارق العضيلي
الأحد ، ٠٨ يونيو ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
اندلعت المواجهات في عام 2004 بين الجيش اليمني ومسلحي الحوثي وكان الجيش هو من قام بمحاربة الحوثيين بدعوى ان الحوثي رفع سلاحه على الدولة وانه لم يعد ينصاع للجمهورية وانه خطر لابد من ازالته فكانت النتيجة ان الحرب اندلعت بقوة ثم توقفت فجأة ولا احد يعلم لماذا؟ ثم بعدها تطورت الاحداث في شمال اليمن الى ان اندلعت المواجه تلو الاخرى وكا العادة كانت الحروب الستة الماضيه وكما هو معروف لدى الجميع انها تشتعل بالتلفون وتخمد بنفس التلفون ..ويتحمل الشعب كعادته بالتبعات التي تنجم عنها هذه الحروب من قتل، وتدمير ،وخراب للبيوت ،والممتلكات ،وتهجير الناس الى بلاد الله الاخرى اضافة الى تدهور الاقتصاد بشكل كبير وهذا ما يجعل الدولة عاجزة عن فعل ابسط الخدمات للمواطن والوطن،فكان الحوثيون يتهمون الجيش بأنه ينتهك الحرمات وانه يريد ان يجعلهم في محافظة صعده اذلة ويخرجهم من بيوتهم وهم صاغرون ..بينما كان الجيش يبرر كل حروبه على هذه الجماعة وعبر كل وسائله الاعلامية على ان هذه جماعة مارقة تتبع وتنفذ مخططاً لدول اجنبية للسعي باليمن الى ماقبل 62م وان لديها مشروع السيطرة على الجمهورية .

منذ ذلك الوقت والحروب بين الدولة ممثلة بعلي عبدالله صالح والحوثيون لم تكد تتوقف فكلما تم التوقيع على ما يسمى بحقن الدماء او الهدنة الا وتشتعل حرباً لضى ومن جديد ! الدولة تبذل الغالي والرخيص كما تدعي من اجل ان تأمن الوطن من خطر هؤلاء والحوثيون يسعون لإزالة الجمهورية والمضي قدماً لكي ينال المواطن حريته ولقمة عيشه بعيدا عن الفساد والظلم الذي يمارسه النظام فكلاً يدعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاكا ..تجار الحرب والسلاح هم اول المستفيدين من وراء كل حرب كي لا يفسد الباروت في جوفه ،من يرى انه لامقعد له في النظام يسعى بالانتقام كي يجد له ولابنائه مكاناً ان انتصر الطرف الثاني،مسؤولين في الدولة يحيكون الخطط الحربية والعسكرية والقتالية وما ان تشرق الشمس الا ونسخة مع العدو .

استمر الوضع المتهالك في ارض اليمن سنة بعد اخرى حتى اتت ثورة فبراير بعد كل هذه الحروب مع الجماعات المسلحة سواء الحراكية اوالحوثية او القاعدة او الاحتقان الذي وصل ذروته بين النظام والاحزاب السياسية الاخرى وبين الشعب وبين النظام ايضاً وما وصل اليه حال المواطن من العيش التعيس في كل ربوع اليمن فسعى الكل منتقماً من هذا النظام لكي يحقق اهدافه وحلمه الذي لم يتحقق. فالحراك بالجنوب شجع سقوط النظام كي يحقق مبتغاه وهو سقوط الدولة في صنعاء وتشييدها في عدن، والقاعدة اسهمت في سقوط النظام كي تبني جزيرة العرب وتقيم الخلافة الراشدة،والشعب ضحى وبذل الغالي والرخيص كي ينال الحرية والعدل والمساواة والعيش السعيد ، والحوثيون شاركوا في الثورة كي يسقطوا الجمهورية وينصبون المملكة الحوثية.

ما حصل بالفعل هو انقسام الجيش والشارع واشتعال الحروب التي اكلت الاخضر واليابس في الحصبة ،وأرحب ،وتعز اضافة الى قتل المتضاهرين السلميين والمواطنين الامنين وسقوط المئات من الشهداء والجرحى لكن النتيجة حسمت فكان السقوط المدوي للنظام! وانتقال السلطة بفعل تلك الثورة والتدخلات الخارجية المتمثلة بالمبادرة الخليجية الى الاخ المشير عبد ربه منصور وهو الشخصية المتفق عليها من الجميع. ما نشاهده اليوم ونحن في 2014 اي بعد عامين تقريباً من انتقال السلطة هو ان الكل يتصارع من اجل الغنيمة فالقاعدة تخوض اقوى المعارك كي تحقق حلمها ،والحراك الجنوبي ايضاً يسعى الان لإعلان دولته واما الحوثي فهو مازال يخوض الحروب على المواطن والجيش بنفس المسلسل الدرامي من 2004.

حتى اليوم مواجهات يتبعها هدنة وفي اثناء الهدنة يعمل الحوثي على حشد قواته ويستحدث مواقع جديدة امام اعين الدولة تحت مسمى الهدنة ثم تبدأ جولة جديده من الحرب يستولي فيها الحوثي على مناطق جديدة ثم تتبعها هدنة ويكرر نفس الفعل السابق وهكذا . انا شخصياً لا اعتقد ان حكومتنا غبية الى هذا الحد ولكنها ملتزمة بالدور المناط بها من قبل المخرج للمسلسل الدرامي والذي وزع الادوار على الجميع ومن يخالف يتم إخراجه من المشهد وهكذا حتى الوصول الى الحلقة الاخيرة.