الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٧ مساءً

المعاناة صعبة وقاسية أعقلوا

عارف الدوش
الاثنين ، ١٦ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
المشهد السياسي الوطني العام لا يزال محفوفاً بالمخاطر والاحتقانات، فالأزمات المشتعلة مفتعلة هنا وهناك ومن يصب لها البنزين ويوزع أعواد الثقاب ينتمي إلى الخاسرين في هذه البلاد والخسارة هنا شخصية ولا أحد ينكر أو يكابر فالمرحلة التي تعيشها البلاد والعباد صعبة وقاسية جداً على الجميع ، فالخاسرون يعيشون مأساة أخطائهم وفي الوقت نفسه يخططون للانتقام.

المرحلة صعبة وقاسية جداً جداً على محدودي الدخل والفقراء ومن لا دخل لهم والشباب العاطلين عن العمل المتسكعين في الشوارع بعد أن طحنتهم البطالة ولم يهذبهم التعليم ولا زودتهم وسائل الإعلام بالثقافة والقيم

المرحلة صعبة وقاسية جدا جدا جداً على أولئك العمال الكادحين الذين يتكومون صباح كل يوم في الجولات والأرصفة ينتظرون فرص عمل توفر لهم ولأسرهم لقمة العيش الكريمة لكنها لا تأتي إليهم فرص العمل، فينضمون إلى من سبقهم للتسكع في الشوارع تطحنهم المعاناة وتختطفهم شياطين الأنس تلك التي تفكر وتخطط للانتقام من الوطن وناسه الطيبين .

يضاف إلى شياطين الأنس مجانين السلطة والمهووسون بالكراسي الذين انتقلوا من حد الكفاف الذي عاشوه منذ نعومة أضافرهم إلى قمة الثراء والنعيم وعاشوا يتربعون على كراسي السلطة ويتمتعون بأموال الشعب وثرواته طيلة عقود مضت، فهم اليوم يتحسرون على ما كانوا فيه ومستعدون للانتقام من الجميع .

وبعد أن جاءت الطامة الكبرى بالنسبة لهم " ثورة 11 فبراير 2011م " وجدوا أنفسهم في خبر كان فمنهم من دخل حال "الهسترة" ومنهم من قفز سريعاً إلى مركب الثورة وشتان بين الفريقين المنقسمين على غنيمة السلطة " المال والسلاح" فلا نجا المهسترون ولن ينجوا من قفزوا ،مع امتنان الثائرين لهم برغم أنهم كلهم حكام الأمس حكام اليوم .

يا لها من مفارقة عجيبة في بلد العجائب اليمن من كانوا يحكمون بالأمس لازالوا يحكمون حتى اليوم مع أن هناك حكاماً في دول الربيع العربي وراء القضبان وآخرين مشردون أو في القبر إلا حكام اليمن لازالوا كما كانوا ومن تمت إزاحتهم بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية يمارسون الخداع ويخططون للعودة وكأن هذا الشعب لم يخرج ولم يقدم التضحيات ولم يثور

يا عيباه حتى الذين اندثروا وأصبحوا من مخلفات الماضي انتعشوا ويحلمون بالعودة إلى كراسي السلطة والنعيم وجنة ثروة هذا الشعب الطيب ومنهم في رأس السلطة ومفاصلها المختلفة يحذرون من أن الأوضاع هشة وأن المخاطر محدقة وأن التغيير محلك سر ولا تقدم سوى وصول هذا أو ذلك إلى السلطة وهذا ليس هو التغيير وإنما تسوية أوضاع واستبدال ناس بناس.

جولات الصراع والخداع مستمرة وتنذر بالويل والثبور لهذا الوطن وشعبه الطيب الصابر، وهناك أوضاع خاطئة في هذا البلد ،هناك من يفترض أن يكونوا وراء القضبان يسرحون ويمرحون يستغلون الوضع الصعب والقاسي الذي يعيشه أبناء هذا الوطن فيدفعون نحو الإنفجار الكبير يتآمرون ويخططون لخراب البلاد.

المندثرون القادمون من سراب الوهم الحالمون بالعودة الى كراسي السلطة والنعيم ومن يعتقدون أن اليمن يمكن أن يكون مصر ثانية عليهم جميعاً أن يفكروا ألف مرة، فكلهم مرفوضون من الشعب ولن يكونوا حكاماً عليه في يوم من الأيام القادمة لقد جربهم الشعب جميعاً منذ عقود مضت وفشلوا والتجريب مرة أخرى بالفاشلين حماقة كبرى.

ومن يسوقون البلاد والعباد نحو الهاوية ونقصد بها هاوية الإنقسام والطائفية والمذهبية لن يجنوا سوى الخسران ومن تلبسهم الانتقام ولا يعيشون إلا من أجله عليهم أن يعيدوا حساباتهم ويفكروا مليون مرة فأحسن لهم أن يتركوا اليمن وأهله وليرحلوا إلى مدن بعيدة يتمتعون بما نهبونه من ثروات هذا الشعب الطيب.

والأطراف المعنية المتنافرة سياسياً ومذهبياً عليها أن تعمل من أجل العبور بالوطن من المضيق المظلم إلى مرحلة جديدة قوامها احترم الخصوصيات لمكونات الشعب اليمني السياسية والجغرافية والبيئية والثقافية لإدارة شؤون حياة الناس بعيداً عن الإلغاء والتهميش والفرض بمختلف الأساليب العسكرية والدينية والتكفير والإقصاء وادعاء امتلاك الحقيقة.

الاعتراف بالحقائق كما هو بعيداً عن المغالطات أحسن لحكام الأمس واليوم كلهم دون استثناء وهم يعرفون أنفسهم جيداً ويعرفهم الشعب ولابد أن يدرك أصحاب العروش والكروش والثروات والقصور أن التهدئة والانفراج لمصلحتهم بالدرجة الأولى فاللحظة التاريخية التي يعيشها اليمن منحت له من قبل المجتمعين الإقليمي والدولي لظروف موضوعية وذاتية تتلخص بأهمية موقع اليمن الاستراتيجي وقربه من خزان نفط العالم " الخليج " .

وأخيراً: استغلال حالة الفقر والبطالة والتذمر لقيادة الناس تحت ضغط الحاجة نحو الفوضى سيجر البلاد إلى مربع العنف وأول من سيكتوي بنيران العنف أولئك الذين حكموا هذا الشعب طيلة عقود ولم يقدموا له سوى الدمار والحروب وهم من أوصلوا البلاد والعباد إلى ما نراه ونشاهده وهم سيكونون أول الضحايا، فالجوع كافر والمعاناة صعبة وقاسية فاعقلوا.