الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً

ليلة القدر وإصلاح ذات البين

عبدالعزيز المقالح
الثلاثاء ، ٢٢ يوليو ٢٠١٤ الساعة ٠٢:٢٦ مساءً
الخلافات التي بلا معنى، والاندفاع وراء الوصول إلى السلطة السياسية التي صارت بلا معنى، وتناسي الروابط الأخوية والدينية والوطنية، كلها سلسلة من الأسباب التي أدت إلى إفساد ذات البين داخل المجتمعات العربية والإسلامية وأنتجت هذا الواقع المرعب والمخيف بتداعياته التي يتوقف عندها عالم اليوم منقسماً بين مستغرب محتار ومتشفٍ حاقد يحلم بالمزيد منها لإخراج الأمة العربية والإسلامية من التاريخ.
وتحت وطأة واقع مخيف كهذا طغت فيه الجوانب السياسية على
ما عداها بل لا مجال لتصور واقع بديل أو البحث في وضع حلول ناجعة تعيد الحد الأدنى من التعايش الذي كان إلاَّ بمراجعة عميقة مخلصة لإصلاح ذات البين وتجاوز رفع سقف الخلافات الذاتية بين الفئات المتقاتلة. وقد أيقظني حديث نبوي من حالة الحيرة التي تلبستني في الفترة الأخيرة ووصلت ذروتها مع بداية هذا الشهر الكريم. والحديث هو : "عن أبي الدرداء رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأفضل درجة من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" وليضع كل قارئ في ذهنه أكثر من خط تحت كلمة "الحالقة"، التي تشير إلى ما يترتب على فساد ذات البين داخل الصف الإسلامي من انقسامات وصراعات حالقة للدين والحياة والأمان والاستقرار.
والبرهان الأعظم على صحة هذا الحديث وما يتسع له من معنى روحي ودلالي أنه يتوافق في مقاصده مع عشرات الآيات في القرآن الكريم، تلك التي تدعو وتحض على أهمية الاعتصام بالوحدة والإصلاح بين الناس لكي يستتب الأمن ويسود التعايش ويطمئن الناس على حياتهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم، ويتفرغوا لعمارة الكون وتحسين أحوال المعيشة، والمشاركة في اكتشاف المزيد من عجائب الكون وما يزخر به من خيرات ومخترعات تصب في مصلحة الإنسان وتحريره من سطوة الفاقة والتخلف والقبول بتقديم نفسه قرباناً لحروب ولصراعات ليس لها سوى معنى واحد هو الهروب من الحياة والرحيل السريع إلى الموت العبثي المجاني باسم التضحية التي لا تكون كذلك إلاَّ في سبيل هدف عظيم يحفظ للدين جلاله وللوطن كرامته وللمواطنين حقوقهم الطبيعية في العدل والحرية والأمان والكرامة الإنسانية.
أين هذا الذي يريده الأخيار من البشر، من هذا الذي يتم بين المتصارعين الذين فقدوا كل قدرة على التسامح وكل رغبة في إصلاح ذات البين؟ وهل في مقدور ذلك الحديث النبوي الكريم أن يصل إلى أسماعهم وإذا ما وصل أن يتسلل إلى قلوبهم فيغسلها ويظهرها من درن الحقد والرغبة في الانتقام؟ إن الصيام والصلاة في غياب صلاح النفس لا يدفعان الحالقة ولا يحولان دون ارتكاب أسوأ الجرائم. وأية جريمة أسوأ من قتل النفس الإنسانية وما يترتب على ذلك القتل من شعور ساحق، وإحساس بأن البشرية كلها قد لقيت مصرعها في كيان ذلك القتيل الفرد الذي تعادل حياته عند الله سبحانه حياة الناس جميعاً، فكيف إذا كانت الحروب الدائرة في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي تواصل يومياً حصد المئات من القتلى، وأغلبهم من الأطفال والنساء ومن لا يجدون وسيلة للفرار من وجه الموت العابث والفاجع.
لست واعظاً، وإن كنت أدري أن كل كتابة فكرية أو فلسفية أو روحية أو أدبية تحمل في ثناياها رسالة، وكل رسالة هي موعظة مهما اختلفنا على تسميتها أو توصيفها. وآن لمن تبقى في الصفوف المتحاربة من عقلاء وأنصاف عقلاء أن يستجيبوا لنداء إصلاح ذات البين، وما أظن إلاَّ أنهم فاعلون ذلك بإذن الله في خواتم الشهر الكريم .
الروائي عبدالله عباس الإرياني في "خيمة كنتاكي":
من الواقع، كما حدث تخرج هذه الرواية طازجة ومعمدة بأزيز الرصاص واحتدام معارك الكر والفر بين أنصار ثورة الشباب وخصومها، وما دار في الكواليس وفي الفضاء، وفي رحاب المدينة المنقسمة على نفسها من صراعات عنيفة انتهت بالوطن والمواطنين إلى هذا المآل الذي بات الناس فيه يتنفسون بصعوبة. إنها شهادة مثقف مبدع لا يريد أن يقف من الزمن والتاريخ موقف المتفرج من بعيد. الرواية صادرة عن دار النشر للجامعات وتقع في 271 صفحة من القطع المتوسط.

تأملات شعرية:
أيها العقلاء
يا مجانين هذي البلاد
أفيقوا..
فليس لكم وطنٌ يتحملكم
غير هذا الوطنْ.
الزمان تغيّر،
والأرض والناس،
لكن أحقادكم وقفت حائلاً
دون ما تشتهون
وما تشتهيه اليمنْ.