الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٢ مساءً

جرعة الموت وصمت الزنداني

جلال الدوسري
الاثنين ، ٠٤ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
أقرت حكومة الشقاق والنفاق جرعة الموت على الكادحين السالحين لمصلحة الرابحين السافحين، برفع الدعم رسمياً عن مادتي البترول والديزل تحت مبررات قد تكون صحيحة ومعها حق في ذلك.. لكن المشكلة ليست في رفع الدعم ، وإنما المشكلة تكمن أساساً في أن الحكومة تعتبر في حكم الفاشلة والعاجزة عن القيام بالأدوار المناطة بها من مثل الضبط والربط وتقديم الخدمات ورعاية المواطنين رعاية عادلة.. فالخوف يبقى من الجشعين الذين يتحينون مثل هذه الفرص ويقومون بإستغلالها لمصلحتهم بزيادة الإثراء على حساب البسطاء والضعفاء وهم أغلب الشعب.. إذ من الذي يضمن عدم رفع الأسعار بشكل تزيد نسبته عن نسبة الزيادة في أسعار البترول والديزل في ظل هذه الحكومة الفاشلة العاجزة؟!!

فمثلاً: الزيادة في سعر البترول هي (60%)، والزيادة في أجرة النقل ترتفع من (50) ريال إلى (100) ريال، يعني بنسبة (100%) .. وهناك الكثير من وسائل النقل ( خصوصاً الباصات) تعمل بالغاز والغاز سعره باقي لم يتغير، فمن يضبطهم بعدم الزيادة في الأجرة؟!!-

وإذا كنت شخصياً في السابق أدفع يومياً (500) ريال أجور مواصلات من وإلى البيت والعمل والجامعة، فإن إرتفاع الأجرة إلى الضعف يعتبر كارثة بل نكبة بكل ما تعنيه الكلمة.. هذا مع الزيادة التي ستكون أكيدة في كل الأشياء من لوازم معيشية ومتطلبات حياتية كإيجارات المنازل وتعرفة فواتير الماء والكهرباء، وأسعار المواد الغذائية وغير ذلك الكثير..

وعودة إلى العنوان أعلاه؛ فإننا نعلم بشكل أكيد وقاطع أن البلاد في قبضة مجموعة من مراكز القوى التي قد تتفق وقد تختلف فيما بينها ، ولا يكون الإتفاق والإختلاف إلا حول المصلحة الشخصية لها وليس حول مصلحة الوطن والمواطن.. وأن لا شيء يتم ولا أمر يُقر في هذا البلد إلا بعد مشاورات ومناورات ومساومات وتقاسمات وصولاً إلى موافقة كل رموز مراكز القوى الباسطة نفوذها وسيطرتها بأقبح الوسائل وأقذر الطرق وإن كان تغليفها وتنميقها يختلف من مركز إلى آخر بحسب الهوية المتشحة بها ما بين سياسية وقبلية ومالية ودينية ، وأحياناً المزج بين أكثر من واحدة.. وعبد المجيد الزنداني هو رمز كبير المستوى في واحدة من مراكز القوى هذه، وهو له مكانته ومقامه وله حضوره وفاعليته في الساحة، وبالتالي فهو لاعب أساسي في كل لعبة ، وشريك رئيسي في كل عملية ، وله نصيبه من كل كعكة يتم تقسيمها دائماً ، مثله في ذلك مثل أقرانه الكبار، كعلي صالح وعلي محسن وعبد ربه منصور وعبد الملك الحوثي وحميد الأحمر..

ومن دون شك فإن جرعة الموت الأخيرة لم تتم وما كانت لتتم إلا بعد التشاور معه وأخذ موافقته، بعد أن يكون قد قبض أو ضمن أنه سيحصل على ما ساوم عليه، والذي مهما يكن وكان من ضمن أسرار اللعب في الوقت الحالي؛ فهو لا بد أنه سيتكشف ويظهر مع الأيام بأنه ليس إلا لمصلحته الشخصية ومصلحة المركز الذي يتزعمه ويمثله.. وأقل ما فيه هو أن تبقى له جامعة الإيمان كما يبقى جامع الصالح لصالح.. حتى يدرك ذلك تابعيه ومؤيديه المدافعين عنه إلى درجة التقديس ، وما أظنهم سيقتنعون.. وحتى إن كان الأمر غير ذلك؛ فإننا نستحضر بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي نستغرب عدم العمل بها من شخص يدعي ويدعيه كُثر بأنه عالم دين... من مثل تلك التي تدعوا إلى قول كلمة الحق ونصرة المظلومين والدفاع عن المستضعفين، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرص... والدين النصيحة... والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم النفاق والكذب والدجل وشهادة الزور... وعدم أكل أموال الناس بالباطل.. وغير ذلك الكثير والكثير من ما لا يترك العمل بها إلا كل ظالم باغي حقير، لا يملك قدر ذرة من دين أو خُلُق أو ضمير..

والله المستعان..