الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٧ مساءً

خطاب العنف والإكراه

مارب الورد
الخميس ، ٢١ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٥ مساءً
لم يترك عبدالملك الحوثي السلاح لغة وفعلاً,ظهر كعادته عبر قناته وتحدث للناس كما يخاطب أتباعه الذين اعتاد أن يتعامل معهم بمنطق السمع والطاعة والأمر والتنفيذ دون أن يحق لأحد مناقشته ولا اعتراضه ومن غامر ورفض فقد وقع في المحظور.

استغل غضب الناس وسخطهم المشروع من قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية"الجرعة",ودفع بمؤيديه للخروج مسلحين وغير مسلحين مرددين شعار جماعته الذي لا علاقة له بمن يتحدث باسمهم أو ينصب نفسه مخلصّاً ومنقذاّ مما حل بهم من جور المعيشة.

لم تكن "الجرعة"إلا سُلّماً يصعد عليه الحوثي إلى حيث يبطن وهو الحصول على حصة من الحكومة وانتزاع عشر وزارات بينها الداخلية كما تفيد التسريبات التي تخرج من مطابخ غير معروفة.

ليس زعيماً لحزب سياسي كي يكون كلامه منطقياً ولا تخضع جماعته لسلطة القانون ولم يكف عن العنف أو يغادر مربع تحقيق أهدافه بالقوة,ومع ذلك قدم نفسه باسم كل شيء بدءاً من الدفاع عن التاريخ الماضي وانتهاءً بالحديث عن حق الشعب في الحياة الكريمة خالية من "الجُرع",وكأنه لا يفرض "جُرعه"منذ سنوات على سكان صعده تارة باسم"الخُمس",وتارة أخرى باسم"المناسبات"وما أكثرها.
في خطابه التحريضي الذي يكفي محاكمته عليه,منح الحوثي الحكومة مهلة حتى الجمعة للاستقالة ما لم سيلجأ إلى خيارات "مزعجة",وتوعد بالزحف على صنعاء وأمر أتباعه بمحاصرتها من مختلف الجهات بنصب خيام الاعتصام ونقاط التفتيش وحفر الخنادق.

يتناقض مع نفسه عندما يجلد المبادرة الخليجية بسياط النقد واللوم في الوقت الذي يدعو لإسقاط حكومة خرجت من رحم هذه المبادرة لا المبادرة نفسها وهو منطق يكشف بجلاء هدفه من دعوته تلك ويفصح عن رغبته في المشاركة فيها بالقوة دون الالتزام بأي استحقاقات.

غياب الدولة يخلق بيئة خصبة لنمو وانتشار مشاريع العنف والخراب,تزدهر هذه المشاريع عندما يكون المواطن بعيداً عن الدولة,تطفو على السطح بفترات سيطرة الفقر والجهل على الأرض والإنسان.
في الوضع الطبيعي لا يمكن أن يصدق المرء دعوة شخص للمساواة وهو يراه أقل منه مكانة وحظاً وغير جدير إلا بأن يكون تابعاً في فلكه لا يحيد عن ذلك إلا عندما يأمره أو يطلب منه التحرك للأمام أو الخلف.

ليؤمن الحوثي قولاً وفعلاً بالمواطنة المتساوية وبأن اليمنيين سواء لا فضل لأحد على آخر بأي انتماء سياسي أو قبلي أو ديني أو جغرافي والجميع كأسنان المشط أمام الدستور والقانون لهم حقوق وعليهم واجبات.

لا يمكن أن تلغي فكرة ومبدأ "المواطنة المتساوية",وتضع بدلاً معيار "الانتماء المذهبي",ثم تتحدث عن المساواة والعدالة وتذهب إلى حد لا يمكن أن يقبله عقل بالإسراف عن الدولة المدنية وأنت لم تلتزم بأدنى معاييرها وهو المواطنة المتساوية.

إن حضور الدولة بكافة أشكالها ومعناها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني كفيل بغياب كل مشاريع الاستثمار في الفقر والجهل وتحويل الناس
إلى وقود لمعارك خاسرة ليس لها هدف إلا فرض الحضور بالقوة وإن كان بغير مشروع وطني.