الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٧ مساءً

علي محسن، تاريخ من التفاهمات، وخاتمه من حرب

نبيل الصوفي
الأحد ، ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ١١:٣٦ صباحاً
الهزائم السياسة، تسخر من المنتصر الذي سريعا مايفقد نشوة النصر.. لكن من يأتي بعده لايتعلم. ستتقاتل القبائل على غنيمة مابقي من الفرقة، فقد قرر علي محسن، حقن دماء صنعاء بمغادرتها.

أتحدث عن قرار علي محسن بالخروج من الفرقة، وليس فراره. ولايزال عند قراره..

هذا مابقي من معركة الفرقة.. تأمين خروجه، حفظه الله وسلمه، هتافات ثورة 2011 أنسته واقعه، وثورة الصرخة 2014 أعادته اليه. يتعلم الواحد ولو على كبر. انشقاق الرجل في 2011، حمى سنحان، من ان تتحول هدفا اعمى لمرضى الشعارات..

الا يمكن ان تلعب سنحان دورا في تأمين خروج الرجل من الفرقة بعد فشل امين العكيمي في اخراجه بعد معركة الفجر؟ قرار خروج علي محسن، من صنعاء، قرار سياسي حكيم. مافيش مايستاهل خوض معركة، باسم الدولة بلادولة.

الموت ليس بطولة.. والا كان الانتحاريين اكبر ابطال. التفاهمات القبلية، تحمي البلاد من مقامرات الايدلوجيين..

حين فجر الحوثيون منازل الاحمر في عمران، كتبت، عن موقف "علي عبدالله صالح". ولم يكن مفاجئا موقف تحالف عيال الاحمر، وهم بدلا من التهدئة داخل حاشد، واصلوا جهالتهم داخل حاشد.

أدرك مساء أمس علي محسن، أنه في صنعاء.. حيث "سرعة الحركة الشخصية في السياسة" هي الحامي الوحيد، وليس القوة.. لأن أقرب الحلفاء سيتركك حتى وهو يخبرك أنه يشعر بكل الاسف عليك.

هذه الية عمل صنعاء على مر التاريخ.. لذا لايحدث فيها معارك واسعة النطاق.. دوما يعيد الجميع ترتيب مواقفهم، ويتخلون عن المغلوب ولو بعد ساعة من تأكيدهم لهم أنه هو الوطن بعينه. بل وهم خارجين لاينسون أن يدفعوك "حق الطريق"، ثمن ماليس تضامنا منهم. لذا يدرك علي محسن، أين هي معركته.. وهو يبذل الان محاولته للفكاك منها، هي معركة نسيان قواعد العمل في "صنعاء" على مدى ثلاث سنوات. "صنعاء"، سوق وليس فيها مجتمع متوطن، ولذا دوما يحكمها سوق العرض والطلب واسألوا حروب الستينات كلها، حين غادرت نخبة حكم استمر الف سنة في جنح الظلام، ولم تقاتل الا بعد أن هربت من صنعاء. وسأحكي لكم موقفين، أراهما يستحقان الذكر هنا..

قبل أكثر من عام، أرسل "علي محسن"، لـ"علي عبدالله صالح"، رسالة تقول له: علمنا أنك ستقوم بعملية اغتيالات.. وهذا ليس في صالحك".

كتب له "علي عبدالله صالح" ردا مكتوبا، وقرأت انا نسخة منه بعد يوم من ارساله، وحين اردت الاحتفاظ بتلك النسخة، أخذها مني "الزعيم"، ورفض أن تبقى معي. فحواها، يقول فيها، لمحسن، يفترض أنك أكثر واحد تعرفني، فنحن معا منذ طفولتنا، والاغتيالات لا تخدم أي عمل سياسي.

وقال له، بمامعناه، نحن أهل، أولادي هم أولادك وأولادك هم أولادي.. يجب أن لانسمح بأن ينتقل القتال بينهم البين، قد خنت أنت يكفينا خائن واحد. في صنعاء، السوق، لاتنظروا لهذا الحديث من باب الاخلاق، بل قيموه من ناحية السياسة، ولذا سأذكر لكم الموقف الثاني، حين قال أحد رفاق علي عبدالله صالح الدين زاروه يومها من قريته في ريمة، قال له: تذكر يافندم يوم قتل الرعيني (قائد محور الحديدة في ثورة سبتمبر، وقد لفق له خصومه الثوار تهمة التخابر مع اسرائيل واعدموه).

فتدخلت أنا، وسألت الرجل الذي كان يتحدث عن ذكريات مع صالح بعد ثورة سبتمبر، وسالته ماحصل، فحكى أن علي عبدالله صالح، بكى يوم اعدام الرعيني.

سألت صالح، فقال لي: كان رجال، ولفقوا له تهمة وجزعوه. قلت له: هي هكذا الثورات، مجرد حنفية قتل، بس كل مره بمبرر.

ولم يتركني أكمل الحديث، لأني انتقد ثورة ٢٦ سبتمبر.. وأساويها بمايحدث في اليمن حاليا، وقال: كانت ثورة، لكن هو هكذا الصراع، "اذا ماتنتهبش لنفسك يحنب بك أقرب الناس لك".

وقال لي الجملة الأخيرة، كانه يتذكر كل مادار من صراع منذ صحبته مع ذلك الرجل الشائب في منتصف الستينات.

وسيكون علي عبدالله اليوم، متأثرا للموقف الذي وجد فيه "علي محسن" نفسه، وهو دوما يقول "نسي البلاد وصدق الاخوان". الاخوان، هنا، هي تعني أقرب الناس لمحسن، اللي حنب فقال له، أوبه لنفسك يافندم الله يعينك.. وموقف الاخوان صحيح وسليم وربما لو صحى علي محسن، فسيتفهمه.. من غير المعقول أن يصبحوا كلهم "علي محسن"، لأن ذلك لن يخدم سوى توسيع انتصارات الحوثيين.