الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٣ مساءً

لايمكن تحقيق الإصلاح بأدوات فاسدة

عبدالكريم الأسطى
الاثنين ، ١٧ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ١٢:٠٧ مساءً

عرف العالم في تأريخه الحديث أنظمة مختلفة لنظام الحكم منها الاستبدادية التي اعتمدت الحزب الواحد او هيئات المكتب السياسي لأحزاب نافذة تجلت فيها الشخصية المنفردة والمطلقة في قراراتها, وهناك انظمة حكم اعتمدت النظام البرلماني الذي انتج حكومات منتخبة من قبل ممثلي الشعب بواسطة الاقتراع المباشر، وهنالك دول اعتمدت على النظام الرئاسي كطريقة حكم.

وفي اليمن تم اعتماد النظام الرئاسي فحدثت تحولات جذرية في ادارة الدولة وبرز بعدها واقع جديد في ادارة الحكم تمثل بصعود حكومات يمنية منتخبة من الرئيس.

واليوم نعيش اجواء الحكومة الثانية من بعد ثورة 2011 التي تبنت برنامجا حكوميا واضح المعالم، والذي قرأه رئيس الوزراء بحاح في الجلسة البرلمانية التي حصل فيها على منح الثقة للحكومة, ولا شك ان هناك بعض المزايا التي اتسمت بها الحكومات الناجحة في العالم ونتمنى من الحكومة الجديدة ان تعتمدها.

يقال ان المعركة تمثل مجالاً لاختيار القائد العسكري الناجح، حيث تمتحن قدراته, وفي المقابل فان الازمات السياسية والاقتصادية والصدمات الاجتماعية تختبر معدن رجال الحكومة وصناع القرار, ومثلما تعتمد سمعة ومكانة القائد العسكري في النهاية على مهاراته ونبوغه في ادارة المعركة وتوجيهها نحو النصر بأقل الخسائر, فان سمعة رجل الحكومة ومكانته تعتمد الى حد كبير على قدرته على شق طريقه في العمل عبر تعقيدات جمة ومخاطر متعددة .

لا بد لرئيس الحكومة ان يعرف كيفية ادارة الازمة وان يفهمها كعلم وفن ويضع لها منهجا له اصوله وقواعده لكي يواجه بهذا المسار تواتر الازمات ومنع تكرار وقوعها, وهذا ما نتمناه من رئيس الحكومة الجديدة بحاح بأن يكون اهلاً لتدارك ازمات البلاد وان يعتمد في حكمه على اشخاص يتحلون بقدرات ومهارات خاصة منها القدرة على الابداع والتأمل والتقدير السليم والتمتع بأعصاب ثابتة لا تهتز اثناء وقوع الازمات والصعاب , وقد عرفت ادبيات السياسة (الازمة) بتعاريف عدة منها , انها تعبر عن حدوث خلل جسيم في العلاقات الطبيعية بين افراد المجتمع او انها تتمثل في النشاط او الانشطة الرامية الى تهديد وجود الحكومة وزعزعة قدراتها او مصالحها الحيوية. والبعض يعرفها بأنها تعبر عن حدوث تحد متعمد يقابله رد فعل مدروس وفي هذه الحالة يسعى طرفا النزاع الى توجيه الاحداث لصالحهما, ومهما اختلفت تعريفات الازمة الا انها جميعاً تتفق ان هناك تغيراً حدث في العلاقات الاعتيادية بين افراد المجتمع الواحد وصل الى حد التصارع, ولهذا طبعاً اسبابه وتأثيراته الخارجية والداخلية .

المطلوب هنا ان يدرك رجال الحكومة الجدد طبيعة الازمات التي يمر بها اليمن لكي يتوصلوا الى وحدة قرارية حكيمة لاحتوائها وتذليل صعابها, وان يراعي صناع القرار في الحكومة الجديدة جملة عوامل منها ضيق المجال الزمني للعمل وهذا العامل يتفاعل مع عامل متغير آخر وهو كيفية ادراك صناع القرار للموقف الذي يتعاملون معه وهذا الاخير يتأثر بدوره بعدة عوامل منها التجربة السياسية لرئيس الحكومة واعضائه في التعامل مع الازمات وقدرتهم على تحمل الضغوط التي يتعرضون لها.

الامر الآخر المهم الذي يجب ان تتبناه الحكومة الجديدة هو صنع القرار السليم والصحيح وهذا يعتمد على اشخاص تناط بهم مسؤولية رسم السياسة العليا للحكومة ويطلق عليهم مصطلح الوحدة القرارية او النخبة الحاكمة وهذا يتشكل من عدة اشخاص منهم رئيس الدولة, رئيس الوزراء, مستشارو الامن او الامن القومي, وزير الخارجية, وزير الدفاع, وزير الداخلية, ولكي يكون القرار فاعلاً يجب ان يتسم بعدة مزايا منها جمع المعلومات ودراستها وتصنيفها وتحليلها بهدف الخروج بجملة قرارات تعالج التحدي الذي تواجهه الحكومة.

اما بخصوص البرنامج الاقتصادي للحكومة , فنقول بأنه من الضروري ان تتبنى الحكومة نظاما اقتصاديا واضح المعالم, ومن الممكن تقسيم مهمة هذا النظام بأربع وظائف, هي تحديد الاهداف الانتاجية وتخصيص الموارد لتحقيق هذه الاهداف وتوزيع الناتج الكلي على اصحاب الموارد وقابلية التغير والقدرة على النمو, اذ ان من الواجب ان يحدد النظام الاقتصادي المعتمد في البرنامج الحكومي الاهداف الانتاجية التي يسعى لتحقيقها, ان برنامج الحكومة الحالي يشكل اطاراً تنظيرياً بحتاً اذا لم يأخذ دوره الصحيح في التطبيق, وهذا الامر يتطلب اولاً الانتهاء من قراءة وانجاز بعض القوانين المهمة ومنها ( قانون الموازنة العامة ) لسنة 2014 والذي تعطلت قراءته لأشهر عديدة ما شكل عبئاً ثقيلاً امام مسار الحكومة، والاهم من هذا كله هو الاخذ بيد الشباب الى مجال العمل والبناء والمشاركة في رسم ملامح الدولة المدنية.

فالفراغ والعزلة عن المحيط وتفكك الروابط الاجتماعية عوامل قد تدفع بعض الشباب للارتماء في أحضان الجماعات المتطرفة.

وفي الأخير ارجو التوفيق والسداد للحكومة الجديدة.