الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٥ صباحاً

الإقليم الناري الكبير!

مصطفى راجح
الخميس ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٠٧ صباحاً
الإقليم الناري الذي يشير إليه العنوان، ليس إقليم آزال القبلي الحربي، الذي خرجت منه حركة الحوثي . كما أنه ليس إقليم سبأ ؛ حيث مجتمع البدو والقبيلة الحربي الذي يولد فيه الأطفال مقاتلين من المهد إلى اللحد.

الإقليم الذي أقصده ليس الإقليم الأصغر داخل اليمن ، وإنما الإقليم الأكبر الذي تقع فيه اليمن كجزء منه ومن جحيمه وشرره الناري المتطاير من بغداد وأنبارها ، إلى سوريا وحَلبها ، إلى اليمن ورداعها.

كما أنه بصيغة أوسع الإقليم العربي الكبير الممتد من المحيط المغربي وبؤرته المتفجرة في طرابلس وبنغازي وبقية المدن الليبية ، إلى الخليج العربي وجواره الملتهب في العراق وسوريا واليمن ولبنان.

والإقليم الصغير في المرحلة الانتقامية من ثورات الربيع العربي يشبه شقيقه الإقليم العربي الكبير في دخولهما معاً في تفجيرات النظام الرسمي العربي المضغوط في الأربعين عاماً الماضية بالديكتاتوريات الفاسدة والبنيات الوراثية والعشائرية والأوليجارشية التابعة للنظام العالمي المهيمن والمافيات الدولية الدائرة في فلكه.

وكما النسمة الرقيقة التي تحرك غابة كاملة ، كان احتجاج الشاب التونسي البوعزيزي، هو هذه النسمة التي لم تحرك ثورات الربيع العربي فقط ، وإنما حركت بجانبها وفي متوالية هندسية كل أشجار الغابة ، وأطلقت عاصفة لا زالت تدور رحاها حتى اللحظة في احترابات طرابلس وبنغازي والأنبار ودير الزور ورداع ومدن عربية عديدة ، وأخرى لا زالت تنتظر دورها.

لقد تحرك المهيمن الدولي لحماية مصالحه ، وتحركت البنيات المنهارة للأنظمة المثور عليها ، وتحرك الخليج النفطي الخائف من الموجة الهوجاء ، وتحركت إيران وهلالها الشيعي.
ومع تحرك اللاعبين الأساسيين في المنطقة تحركت جميع أوراقهم ، وضخت الأموال عبر كابلاتهم ، وفتحت مخازن أسلحتهم ؛ والنتيجة مانراه من اصطكاك الأنياب الدموية للمخالب الوحشية التي تتجلى متناغمة مع اللاعبين الكبار في ساحات القتال التي فتحت على مصراعيها في أكثر من بلد عربي ؛ بهدف إعادة ترتيب المنطقة من جديد ، وإعادة ضبط ميزان المصالح ، وتأمين الخليج النفطي ، ورسم خط النفوذ والمصالح بين أمريكا وإيران عبر خط النار المفتوح على كل الاحتمالات الحربية، فيما لو فشلت القياسات الناعمة للقوة بين الطرفين ، والحوار الشبكي المفتوحة خطوطه بينهما ، في ابتداع صيغة ترضي الطرفين وتحقق مصالحهما معاً.
في اليمن ، وبعد أن أصبحنا في حالة « اللادولة»؛ لا زال هناك في الأحزاب والنخب السياسية من يسوق الوهم بأن الإقليمين الشطريين في ظل دولة اتحادية تحتكر السلاح هو الحل.

يتحدثون عن إقليمين شطريين، بينما الدولة ، أو المتوفر منها ، قد أضاعوه من بين أيديهم وفرطوا به.
يتحدثون عن إقليمين شطريين، متوهمين أنهم بذلك ينفذون بـ «جلد» الجنوب .

لا حل لليمن الا بوجود الدولة الوطنية أولاً. الدولة أولاً التي تفرض نفوذها على كل شبر فيها، وبعدين ابحثوا عن أقلمتها، ولا تتوهموا أن استكمال تدميرها سيفتح المجال للانفصال. .

أما التجزئة والتقسيم فهي المعادل الموضوعي للدمار الشامل المستدام. لقد كان مشروع الحزب الاشتراكي الذي تأسس على الوطنية اليمنية ، والوحدة اليمنية كهدف استراتيجي ؛ محصناً بهذه المضامين التي منحته قوته وحضوره ومشروعية وجوده،والنكوص عن هذا المشروع الوطني هو الذي أوجد فراغاً كبيراً في الساحة السياسية. ولا يمكن أن نستوعب اليوم أن قوة عمياء تضع لنفسها هدفاً بالسيطرة على اليمن كله من طرفه إلى طرفه ، بينما وريث الحركة الوطنية كلها يمضي وراء الأوهام بعودة دولة الجنوب من جديد عبر الإقليمين الشطريين ، بينما يقتصر مشروعه على جزء جغرافي من الوطن اليمني ، ويتوهم أنه سيخلص من الشمال بإعادته إلى المهيمن التاريخي الذي ولد من جديد..!

***
وعلام َ أفقنا لا أدري ماذا تدعى هذي الفجعة
الحكم الدامي محتشدٌ والسيف جحيمي النزعة
و(الروعى) تنظر هازئةً بالعنف الرجعي، بالرجعة بالكاسي جور عشيرته وحماقته ثوب الشرعة
ببريق التاج المستعلي بالواشي أوصاف الرفعة
«عبدالله البردوني»

"الجمهورية نت "