السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٠ مساءً

ليس من صناعة اليمن

أ.د. يوسف رزقة
الأحد ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٥:١٧ مساءً
كان سعيداً، ولكنه لم يعد كذلك. إنه اليمن الذي نحبه، ونحب نخوته العربية. اليمن الذي عرفناه قديماً وحديثاً كان إلى جانب فلسطين ظالمة ومظلومة كما قالت الجزائر عن موقفها يوما.

الشعب اليمني بكل مكوناته القبلية، والمذهبية، وتياراته السياسية، كان وما زال مع فلسطين، وحقوق شعبها، ودعم مقاومتها منذ الستينيات وحتى الآن. اليمن الذي عرفناه كريما مع فلسطين على ما هو عليه من فقر، وقلة الموارد، يحترق الآن بيد أبنائه بسبب التدخلات الخارجية.

نحن في فلسطين عندنا من المشاكل ، والآلام ما يكفينا ويفيض عن حاجتنا وعن قدراتنا على الاحتمال، ولكن جرح اليمن لا يمكن لفلسطين أن تقفز عنه، لأنه باختصار جرح في الجسد الفلسطيني، وفي الأمل الفلسطيني، وفي المستقبل الفلسطيني.

نحن في فلسطين لا نعشق الدول الغنية، لأنها استعلت بما لديها من مال على فلسطين، وعلى أهل فلسطين، وغرها ما عندها من موارد، فأهملت جرح فلسطين، كما أهملت جرح اليمن وهي القادرة على مداواة الجروح لو تحلت بالحكمة والإرادة.

قالوا قديماً ( الحكمة يمانية)، وأنا أقول إنها ما زالت كذلك، ولن تفارق حكمة اليمن أهل اليمن ، بشرط أن ترفع الأيدي العربية والإقليمية يدها عن اليمن، وعندها سيجد أهل اليمن حلا لخلافاتهم القبلية، والمذهبية، والسياسية.

ما يجري في اليمن من اختلاف واقتتال ليس من صناعة اليمن نفسه، بل هو من صناعة غيره، فثمة قتال في اليمن بالوكالة عن آخرين في المحيط، وفي خارج المحيط، وهذه الوكالة هي ما تفسد الحكمة اليمنية وتجعلها في موطن الشك.

لقد تزايد القتل في اليمن بدافع الثأر كما قال الرئيس عبد ربه منصور هادي، حيث يحاول الرئيس السابق ومن يتحالفون معه الثأر ممن تسببوا بإسقاط حكمه من خلال ثورة شبابية واسعة النطاق تجللت بالسلمية اليمنية.

لا أحد بمكنته تقدير إفساد الأيدي الخارجية، والأصابع الخفية، غير الفلسطيني الذي عاشت ثورته هذه المحن المفسدة عشرات السنين حتى أسلموها بتدخلاتهم إلى التشرذم، والانقسام، والإحباط، والاستسلام لأوسلو وتوابعها المذلة. وقديما قال أبو عمار وغيره إن النظام العربي هو السبب فيما وصلنا إليه.

ثمة حاجة ماسة، وعاجلة، تقرع مكونات أهل اليمن جميعا، وهي حاجة تسابق الزمن، وتناشد الجميع إلى العودة إلى حكمة اليمن الموروثة، وإرجاع السلاح الى مخازنه، وإخلاء البلاد من المظاهر المسلحة، وإجراء مصالحة وطنية شاملة، يقودها رجال اليمن ومثقفو اليمن، وحكماء اليمن، دون إشراك لأحد من عرب أو غير عرب، لأن أهل اليمن هم الأعرف بما يصلحهم، ويرتق ثوبهم الذي مزقته التدخلات الخارجية.

لا مجال للتأخير، أو التسويف، ولا مجال لانتظار المخلص الخارجي، لأن هذا المخلص مات منذ أمد بعيد، ولو كان ثمة مخاض حقيقي حيّ لعرفته فلسطين التي ترفل في محن متتالية ومتجددة، مع المخلص العربي المزيف، الذي يزعم أنه يمتلك مفاتيح الخلاص، بينما هو يمتلك مفاتيح القبر والقهر لا أكثر. فلسطين مع اليمن ظالما أو مظلوما. اللهم احفظ اليمن وأهله. آمين

* فلسطين أونلاين