السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٦ صباحاً

الله يرحم الإسلام ويرحم علي سعيد

فكري قاسم
الخميس ، ٠٨ يناير ٢٠١٥ الساعة ٠٦:٥٦ مساءً
عُرف "الحاج" علي سعيد صاحب "الراهدة" بتصنيع الحلاوة والهريسة، واشتهر اسمه كعلامة تصنيع متميزة، غير أننا بتنا- مع الوقت- نشاهد أكثر من محل وأكثر من دكان يحمل اسم "حلاوة علي سعيد"، وكل واحد يدعي أنه صاحب الحق والبقية مجرد متشعبطين.

يحدث مثل هذا الأمر مع فِرق الإسلام المختلفة في اليمن. فكل جماعة معاها دكانها الخاص لتصريف بضاعتها، مدعية أنها صاحبة الامتياز وصاحبة الحق- الحصري والوحيد- في امتلاك الله والرسول، ما جعل الناس في حيرة حقيقية. يبدو الأمر مثيراً للخيال أكثر من كونه مثيراً للسخرية.

المحلات المنتشرة على طول خط (تعز- لحج) تبيع الحلاوة باسم "علي سعيد" وهي أساساً لأتمت لهذا الفاضل بصلة، ولكنها تشتري باسمه ثمناً قليلاً.. ودكاكين الدين المنتشرة في كل شبر من اليمن تبيع للناس العماء الذهني باعتباره منتج السماء الحصري والوحيد، في حين أن تخاريفهم تلك لا تمت للإسلام ولا للرسول الكريم بصلة، على أن الفرق بين منتحلي اسم وصفة حلاوة "علي سعيد" ومنتحلي اسم وصفة حلاوة الإسلام، هو أن حلاوة "علي سعيد" في الراهدة، وحلاوة الإسلام في "القاعدة" وفي "المسيرة". على أن دكاكين منتحلي اسم "علي سعيد" يبيعون للناس مجرد "حلاوة"، ودكاكين السلفيين والقاعدة وأنصار الله وأنصار الشريعة يبيعون للناس كل هذا العماء الذهني الذي يجعلنا نتقاتل- ليس في سبيل تقديم فضائل النبي- بل في سبيل امتلاك هذه العلامة التجارية المربحة والاتجار بها.

في السنوات الماضية كان دكان النبي "محمد" مختطفاً من قبل "أنصار الشريعة" الذين وضعوه في معامل جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع، وشاهدناهم وأنصارهم وهم يحتالون على السماء ويقولون للناس: إحنا الأصل ولا يوجد لدينا أية فروع أخرى.. وفي هذا العام اختطفت جماعة أنصار الله دكان "النبي" من جامعة الإيمان إلى كهوف صعدة، وشاهدناهم وأنصارهم وهم يحتالون على السماء ويقولون للناس: إحنا الأصل ولا يوجد لدينا أية فروع أخرى.

وفي حين يشهد الأنصار والأنصار الثانيين شريعة دامية على دكان "النبي" أصدر الخليفة المأمون "عبدربه منصور هادي" مرسوماً مالياً للصحابي الجليل "صالح الصماط" قضى بصرف مبلغ 100 مليون ريال لمواجهة تكاليف احتفالات مولد النبي اللي محد عارف للآن هو حق من بالضبط!! في مايو 2012 مات علي سعيد متأثراً بجلطة، وقبل ألف وخمسمائة سنة مات النبي محمد- عليه أفضل الصلاة والسلام- متأثراً بمتاعب حمل رسالة الرحمة والتسامح إلى العالمين.. ورثة "علي سعيد" اكتفوا في ذكرى وفاة والدهم الأولى بإنتاج "أفضل حلاوة" وقالوا للناس في ببيان: محلنا الوحيد في مدينة الراهدة، ولا توجد لدينا أية فروع أخرى.. وورثة النبي محمد لهم ألف وخمسمائة سنة يعصدوا الحياة حروباً وأحقاداً وكراهية، وكل فئة تتمكن من اختطاف الدكان سرعان ما تبخس بضاعة الآخرين وتقول للناس: إحنا وبس، ولا توجد أية فروع أخرى. يتعرض الحاج "علي سعيد" عموماً إلى عملية انتحال كبيرة تتم باسمه، ويتعرض النبي الكريم محمد، عليه أفضل الصلوات والتسليم، إلى أبشع صنوف الاحتيال، وكل فئة من هؤلاء تسحب النبي- بكامل جلاله وقدره- إلى "دكانها الخاص"، مدعية أنها صاحبة الحق الحصري في احترامه وتقديسه والاحتفال به على طريقتها الخاصة، ومحَّد له دخل، وما من منظمات حقوقية محترمة تنشط في مجال الدفاع عن هذا الـمُقدس العام.
*اليمن اليوم