الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٧ مساءً

(للوطن حدائق لا تروى إلا بالفَنّ يا أروى)

نجيب محمد سعيد
الثلاثاء ، ١٣ يناير ٢٠١٥ الساعة ١١:٢٤ صباحاً
يعذرني في البدء الشاعر السوري المعاصر (أيمن أبو الشعر) لتحريفي عنوان قصيدته(( للعشق حدائق لا تروى إلاَّ بنزيف يا أروى)) ، ووضعها عنوان لمَقَالي المتواضع (( للوطن حدائق لا تروى إلاَّ بالفَنَّ يا أروى)).. وأروى في عنوان قصيدة (أبو الشعر) ترمز إلى اليمن وإلى الملكة اليمنية الصليحية (أروى بنت أحمد )، أما أروى التي أقصدها في عنوان مَقَالي فهي (أروى بنت عبده عثمان), المثقفة والناشطة والوزيرة حالياً التي يطلق عليها (سيدة المشاقر) التي تقف على رأس وزارة الثقافة ، وهي الوزارة المعنية بالثقافة والآداب والفنون والإبداع وبالمشهد الثقافي برمته ، وبالمؤسسات الثقافية في اليمن، الذي ينتظر مثقفيه وفنانيه ومبدعيه وكل أبناءه ، حراكاً وحضوراً إبداعياً ثقافياً وادبياً وفنيا على المستويات كافة ، لتلبية ما تسمو إليه نفوسهم وتطمح إليها عقولهم وما يُشبع احتياجاتهم الروحية والوجدانية من انتاج إبداعي ترتاح له الروح ويطمئن له القلب .. إنتاج ثقافي فني مبدع وجميل في مجالات عديدة متنوّعة يُشِعُّ منه الجمال و تُشِعُّ منه الهوية المتأصلة الجذور، والإنساني في التعبير الذي يرتبط بالجمال والحس .

يقول الروائي المصري الكبير الراحل (نجيب محفوظ ) : (( إن وظيفة الفنّ أن يسمو بالإنسان إلى سماوات الجمال وأن يلتقي بوجدان الفرد مع وجدان الجماعة الإنسانية في شعور واحد، وأن يسلك شخصية الإنسان في وحدة عامة تضم إليها أعماق الأرض وطبقات السماء، وهو لن يؤدي مهمته أكمل اداء ما لم يؤاخ بين نفسه والعلم والفلسفة)). ويقول (ريتشارد فاغنر ) المؤلف الموسيقى والكاتب المسرحي الألماني (( الفَنُّ هو فرح الإنسان في أن يكون ذاته، بأن يحيا وينتمي إلى المجتمع)). ويُعرّف الفنُّ بأنه " لون من ألوان الثقافة الانسانية حيث أن الفنُّ هو نتاج بعض الإبْدَاع الذي يكون مصدره الانسان ، كما ان الفنّ يُعتبر اداة تعبيرية لدى الانسان بالأمور الذاتية الخاصة به ، ولا يكون تعبير عن بعض متطلبات الانسان في حياته الاعتيادية ، كما ان معظم الاشخاص يقيمون الفن على انه ضروري جداً في الحياة مثل ضرورة الماء والطعام للإنسان اي انه مهم جدا لحياة الانسان" ولاشك بأننا اليوم أكثر من أي وقت مضى نحتاج الفَنَّ أداة للتعبير والتغيير والمعرفة، ولرِيُّ وتَعْطِير حدائق الوطن التي استبيحت بالعنف ورائحة البارود والدم ؛ بعبير الإبداع ومسك الفن الانساني ، وحتى لا تتحجّر قلوبنا وعقولنا وتتسمّم أنفسنا بالحقد والكراهية والتطرّف ، سيما الشباب منا وهم الشريحة الأكبر، فأن حضور الفنّ بقوة وملازمته لكل جوانب حياتنا يعدُّ ضرورة لا ترفا ، فهو عنوان للحياة والحب وجسر لإشاعة ثقافة الوئام والسلام ، يجلب السعادة والبهجة للإنسان ويعزز وحدة الأمة ويقوّي النسيج الاجتماعي بين شرائح المجتمع المختلفة ويصون الموروث القِيَمي النابع من أصالة الدين الإسلامي الحنيف والحضارات الإنسانية الأصيلة.

إن الفنّ كما هو معلوم يرتبط تطوّره ارتباطا لا ينفصم بتطوّر البنيان الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع وبالتغيرات التي تحدث في بنائه وتطوّره ، وله أهمية كبيرة في حياة الشعوب ودور مهم في صناعة التطوّر وتعزيز الوعي القِيَمي ، وهو ما أكدت عليه وزيرة الثقافة أروى عثمان، خلال زيارتها لبيت الفنّ بصنعاء ، ونحن بدورنا نشدُ على يدها ونبارك توجهاتها وخطواتها ونقول : نعم يا (سيدة المشاقر).. (( للوطن حدائق لا تروى إلاَّ بالفنّ يا أروى )) .