الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٨ مساءً
«الشيخ» و «السيد».. ثنائية الحرب والحكم في اليمن
مقترحات من

«الشيخ» و «السيد».. ثنائية الحرب والحكم في اليمن

قد يعجبك أيضا :

انطلاق منصة (مال) للعملات الرقمية المشفرة برؤية إسلامية

الحوثيون يستنجدون باحفاد بلال لرفد الجبهات...ماذا يحدث؟

مصدر ميداني يكشف حقيقة سيطرة الحوثيين على الجوبه!

شاهد الصور الأولية للحوثيين من أمام منزل مفرح بحيبح بمديرية الجوبه عقب سيطرتهم عليها

عاجل...التحالف العربي يعلن تدمر مسيرة حوثية

زية التاريخية لنفوذ وسطوة القبيلة في اليمن عبر تاريخها لم تمنع «الحوثيين» من اقتحام منزل شيخ قبائل «حاشد» وأحد أهم مشايخ اليمن خلال الخمسين السنة الأخيرة، الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق، في منطقة "الخمري" بمحافظة عمران شمالا، حيث أحرقوه. المشهد السابق يلخص الصراع الممتد بين ثنائية شهيرة، لطالما عرفت بها اليمن عبر تاريخها الطويل، هي ثنائية ما بات يعرف بـ«الشيخ» و«السيد».
 
في الحقيقة أن هذا النوع من الصراع في اليمن ليس بجديد، فالأمر ذاته حدث وتكرر مرات عديدة، خلال الألف سنة الماضية من تاريخ البلاد، فما يعرف بثنائية الصراع بين «الشيخ» (زعيم القبيلة)، و«السيد» (الزعيم الديني والسياسي الذي يستمد نفوذه من نسبه إلى الرسول محمد "ص") طويل وممتد وله جذوره في المشهد اليمني في ماضيه وحاضره.
 
عرف عن الأحمر أنه «شيخ الرئيس»، والمقصود هنا بالرئيس الرئيس السابق علي صالح (حكم من 1978 -2011)، الذي ينتمي لقبيلة «سنحان» إحدى قبائل حاشد، فمن أول وزير داخلية في الجمهورية العربية اليمنية بعد الثورة 1962، إلى أهم رئيس لمجلس النواب اليمني حتى وفاته في 2008، كان الشيخ أهم شخصية مؤثرة في اليمن، وكان اللقب هو أهم لقب غير رسمي يوصف به "الشيخ"، حتى بات يعرف به بمجرد الإشارة إليه، حتى دون ذكر اسمه.
 
في تلك الأثناء، حيث كان مشايخ القبائل يتصدرون المشهد السياسي في البلاد، كان السادة الهاشميون الذين طالما حكموا باسم الإمامة متوارين عن المشهد، إلا من بعض الحضور الشخصي لأفراد منهم في قيادة الدولة، ولكن بعيدا عن فكرة "الإمامة"، التي تعد العمود الفقري للمذهب "الهادوي" الشيعي.
 
يرتكز المذهب الهادوي على فكرة ولاية "البطنين"، الحكم في نسل أسرة الحسن والحسين أبناء علي بن أبي طالب وفاطمة بنت الرسول.
 
غير أن "الإمامة" التي غُلبت كسلطة من قبل الجمهورية لم تكن قد ماتت كفكرة. ففي صعدة، معقلها الأول، كان هناك وضع خاص أفرزته الحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين، حيث كانت صعدة تقاتل إلى جانب الملكيين حتى النهاية ولم تدخل في نطاق الجمهورية إلا بعد الصلح الذي أبقى لها وضعها الخاص.
 
الوضع الجديد ارتكز على أن يتشاطر عالما دين هاشميين النفوذ مع الدولة كأئمة غير متوجين تدفع إليهم الزكاوات المقررة على المال، كان أحدهما بدر الدين الحوثي والد مؤسس الحركة الحوثية الذي قتلته الدولة حسين الحوثي في 2004، وقائدها الآن عبد الملك الحوثي، والثاني هو العلامة مجد الدين المؤيدي.
 
ربما كان للمملكة السعودية التي كانت تدعم الملكيين في مقابل دعم مصر للجمهورية مصلحة في إرساء تلك الحالة في صعدة كمحافظة حدودية معها، بعد أن بسطت السعودية نفوذها كليا على اليمن بعد الانسحاب العسكري المصري بعد نكسة حزيران 1967. وقد كان أحد أهم أدوات المملكة في ذلك الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.
 
ولولا تطور الأحداث ونجاح الثورة الإيرانية في سبعينيات القرن الماضي، ثم الانتصارات العسكرية لحزب الله الشيعي في لبنان في التسعينيات لأصبحت الإمامة حلما قريب الفقد، فالأولى عززت من فرص التعليم الديني للمذهب الذي يقوم على أحقية الحكم للسادة الهاشميين، أما الثانية التي تمثلت في انتصارات حزب الله فقد عززت من فكرة إنشاء جناح عسكري مشابه له، لتتحول حركة الشباب المؤمن التي أنشئت في التسعينيات كحركة فكرية تعليمية في صعدة شبيهة بالإخوان المسلمين إلى حركة عسكرية، خلال العشرية الأولى من الألفية الثالثة، بعد دخول الراحل حسين الحوثي، نجل العلامة بدر الدين الحوثي، على الحركة واستحواذه عليها.
 
يمكن القول هنا إن عدة روافد أسهمت في تكوين الحركة الحوثية التي تبسط نفوذها العسكري الآن على محافظة صعدة، الأول هو النفوذ الديني الأسري للعلامة بدر الدين الحوثي في صعدة الذي كانت تجبى إليه زكاة المال في بيئة قبلية لطالما كانت حاضنة لفكرة الإمامة الهادوية، والثاني هو تأثير الثورة الإيرانية وإنشاء حركة الشباب المؤمن، والثالث هو تأثير انتصارات حزب الله العسكرية وإنشاء حركة الحوثيين المسلحة على يد حسين الحوثي، إضافة إلى الانتصارات العسكرية التي حققتها الحركة على الدولة في الحروب الست منذ 2004، والتي يقال إنها كانت بدعم عسكري ومالي من إيران وحزب الله.
 
ربما هذه هي التحولات التي أتت بالسيد عبد الملك الحوثي إلى حرب "حاشد" متوسعا من معقله في صعدة إلى معقل القبائل في حاشد "عمران"، لكن ما هي تلك التحولات الأخرى التي أتت بالشيخ حسين نجل الشيخ عبدالله الأحمر إلى هذه الحرب أيضا؟!
 
صحيح أن الشيخ عبدالله الأحمر كان قد أتى إلى النفوذ السياسي محمولا على أكتاف قبيلته التي حاربت معه في حروب الجمهورية والملكية، غير أنه استقر به الحال كنافذ في الدولة وبالدولة، فقد كانت المصالح التي يوفرها لمن يوالونه تأتي من نفوذه في الدولة الذي كان يتشاطره مع الرئيس علي عبدالله صالح غير أن مشاطرته تلك كان يقابلها نفوذا لصالح على القبيلة أيضا.
 
ورغم الخلاف بين الرجلين في بعض الأحيان إلا أن هذا الخلاف لم يصل إلى القطيعة التامة بما يؤثر في نفوذهم المشترك في الدولة والقبيلة، وفي أشد خلافاتهما عقب شتيمة وجهتها صحيفة حزب صالح (المؤتمر الشعبي) للشيخ الأحمر، أبقى الشيخ على تأييده لصالح في الانتخابات الرئاسية 2006، على عكس دعم حزبه التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي الذي كان يرأسه منذ تأسيسه حتى وفاته الذي دعم مع ما عرف بتحالف اللقاء المشترك المعارض المهندس فيصل بن شملان الذي كان يدعمه أيضا نجل الشيخ رجل الأعمال المعروف حميد الأحمر.
 
حتى وفاته أبقى الشيخ عبدالله على نفوذه في الدولة، ونفوذه على القبيلة، كما أبقى على نفوذه في المعارضة كرئيس لأكبر حزب معارض في البلد، إضافة إلى نفوذه الإقليمي كأهم رجل للمملكة السعودية في اليمن. وهو الأمر الذي لم يتأتَ ولن يتأتى لرجل غيره.. الأمر الذي صعُب على أولاده العشرة مجتمعين الحفاظ على نفوذه الذي خلفه.
 
في ثورة 2011، كان أولاد الشيخ الذين أيدوا الثورة ودخلوا في حرب مع "صالح" في العاصمة أبرز الخاسرين رغم أنهم لم يخسروا الحرب معه، فقد انقسمت قبيلتهم من حولهم، حيث أعلن مشايخ كبار داخل القبيلة الأم "حاشد" ولاءهم لصالح الذي كان قد نجح في فكفكة القبيلة في لعبة المال والنفوذ، كما لم يرق موقفهم ذلك من الثورة لحليفة والدهم المملكة السعودية التي قطعت عنهم الدعم المالي منذ إبريل 2011. وبدون نفوذ ومصالح في الدولة كتلك التي كان يوفرها صالح، أو أموال كتلك التي كانت تأتي من المملكة السعودية لا نفوذ لأحد على زعماء القبائل المتعطشين دائما للمال نظرا لبيئتهم الفقيرة جدا من الموارد، من يدفع أكثر هو صاحب النفوذ حتى حين، ويقال إن صالح والحوثي هم من يدفعون أكثر الآن.
 
كما أن زعماء القبائل ربما لم ينظروا إلى تلك المعركة التي قادها الشيخ حسين بن عبدالله الأحمر مع الحوثيين تحت لافتة جديدة عنهم هي «أسد السنة» لنصرة سلفيي دماج الذين كان الحوثي يحاصرهم في صعدة، على أنها معركتهم فهم لا يزالون ينتمون للمذهب الهادوي الشيعي. كما أن المشايخ ليسوا الوجه المشرق للجمهورية التي يدافع عنها من هجوم "السيد".. فيما الدولة المنقسمة على نفسها منذ 2011 هي أضعف من أن تقاتل الآن، فكل ما تفعله هو الوساطة بين الأطراف المتقاتلة.
 
فقد خاض السيد عبد الملك الحوثي معركته التي استعد لها جيدا في طريق التوسع إلى العاصمة صنعاء، فيما خاض الشيخ حسين الأحمر معركة "لا أحد"، حتى السلفيين الذين قاتل لنصرتهم في "دماج" كانوا قد اتفقوا مع الحوثيين على مغادرتها، ولم يتوقفوا حتى لنصرته.. في هذه الظروف أتى كل من "السيد" و"الشيخ"، إلى معركة حاشد التي كسبها الأول لصالحه، غير أنها كما يخبرنا التاريخ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. فالماضي لا يزال فعلا مضارعا مستمرا في اليمن.

الأناضول

الخبر التالي : 7 أيام و7 حوادث طيران.. بدأت باليمن وانتهت بالسعودية

الأكثر قراءة الآن :

هام...قيادي بارز في المجلس الانتقالي يُعلن استقالته(الإسم)

رئيس مجلس الشورى يحث واشنطن على ممارسة ضغط أكبر على الحوثيين !

منظمة ميون تجدد مطالبتها للحوثيين بفك الحصار على مديرية العبديه

بحوزة سعودي ومقيم...السلطات السعوديه تحبط تهريب شحنة مخدرات ضخمة

الخدمة المدنية تعلن يوم الخميس اجازة رسمية

مقترحات من