أستاذ سابق في جامعة صنعاء أحد المرشحين لخلافة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي

قد يعجبك أيضا :

� الوضع الأمني المتدهور في العراق، الذي يهدد بتفكك البلاد، تنشغل القوى السياسية العراقية هذه الايام بترشيح شخصية شيعية تخلف نوري المالكي في رئاسة الحكومة، وهو الذي أصبح خروجه أحد شروط حل الأزمة في بلاد الرافدين. ويبدو أن معظم القوى المناوئة للمالكي، وحتى المحايدة، مثل المرجعية الدينية في النجف، والحليفة له، كالجارة ايران، اصبحت تدرك انه لا مناص لها غير القبول بمرشح بديل عن المالكي.

وبعد أن طالبت المرجعية الدينية في النجف الاحزاب السياسية بالاتفاق على رئيس الوزراء المقبل، قبل انعقاد اول جلسة لمجلس النواب المنتخب، اليوم الثلاثاء، يدور الحديث عن صفقات تجري على قدم وساق لاختيار الاسم الذي قد يحظى بأعلى نسبة من توافق بين الاطراف المختلفة.

تُطرح عدد من الاسماء لخلافة المالكي منها: طارق نجم وعادل عبد المهدي واحمد الجلبي وابراهيم الجعفري وفالح الفياض. لكن يبدو أن المنافسة على منصب رئاسة الوزراء اصبحت محصورة بين طارق نجم وعادل عبد المهدي، في الوقت الذي تراجعت فيه أسهم الآخرين.

أكثر من مدير مكتب
ليس طارق نجم مدير مكتب نوري المالكي فحسب، بل هو رجل الظل الذي يدير للمالكي كافة ملفاته وتفاصيله، وهو حامل اسراره وشريكه الأساسي. وُلد طارق نجم العبد الله في مدينة الناصرية، جنوبي العراق، في 1946. وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية من القاهرة، عمل أستاذاً في جامعتي بغداد والبصرة لغاية عام 1991. وسافر بعدها الى اليمن وعمل أستاذاً في جامعة صنعاء حتى عام 1996.

عاد نجم الى العراق في 2005، وعمل في مكتب رئيس الوزارء العراقي السابق، إبراهيم الجعفري، كمدير مكتبه. وعقب تشكيل حكومة المالكي الاولى في 2006، عمل بصفة مدير عام في مكتب الأخير. ومنذ تلك الفترة، بدأت صلاحياته تتسع وأخذ نجمه يبرز.

يُعرف عن طارق نجم أنه يتمتع بالانضباط في عمله والدقة القصوى، وهذا ما جعل المالكي يحرص على وجوده بقربه ودفعه الى اعادته الى منصبه بعد تقديم استقالته في 2010 على إثر نشوب خلافات حادة بينه وبين نجل المالكي، أحمد، حول توزيع الصلاحيات بينهما.

وكان نجم حاضراً دائماً في المباحثات والمفاوضات الحكومية المهمة، وكان من الشخصيات التي أدت دور الوساطة لتذليل العقبات أمام تولي المالكي لرئاسة الحكومة لدورة ثانية في 2010. وأخذ اسم طارق نجم يتردد بعد ورود أنباء عن حضوره لقاءاً سرياً مع الشيخ حاتم السليمان (ممثل الحراك العربي السني) في عم�'ان للتفاوض حول انهاء أزمة الأنبار، وذلك قبيل سيطرة المسلحين على الموصل والمناطق الاخرى في 9 يونيو/حزيران الماضي. ولا يخفى دوره في السعي لحلحلة خلافات ائتلاف المالكي «دولة القانون» مع «التحالف الكردستاني»، ناهيك عن دوره البارز خلال مباحثات الحكومة العراقية مع الجانب الأميركي حول الاتفاقية الأمنية.

نقاط القوة
يرجح البعض ان يحظى طارق نجم بموافقة معظم الأطراف السياسية ليكون خليفة المالكي، مرتكزين على الأسباب التالية:

1- يعتبر طارق نجم الحل الوسط إذا اصر المالكي أن يتسلم ائتلافه، «دولة القانون»، رئاسة الحكومة المقبلة، لكونه حصد أعلى الأصوات في الانتخابات البرلمانية في 30 ابريل/نيسان الماضي، وخصوصاً أن نجم من المقربين من المالكي، وأحد أركان عمله السياسي. ولا يستبعد البعض تمسك حزب الدعوة الحاكم، بمدير مكتب المالكي، لأن وجود الأخير على رأس السلطة قد يعوض الحزب الخسارة الفادحة التي سيتكبدها برحيل المالكي، وينقذ المشروع السياسي لحزب الدعوة الذي بناه على مدى أكثر من خمسة عقود.

2- إن ترأس نجم الحكومة، من الممكن أن يضمن تجنب الصعوبات التي قد تواجهها الأحزاب الشيعية خلال العملية المعقدة لنقل السلطة من حزب الى آخر معارض له.

3- تعتبر إيران طارق نجم، المرشح الأنسب لها، كبديل للمالكي، فهو شخص من بطانته، ويمكن أن يضمن لها تحقيق الشروط التي توفرت في المالكي، كما أنها تتوقع من نجم أن يحافظ على الوضع الراهن من تقلبات التحالفات الإقليمية.

4- ترى المرجعية الدينية في النجف، بزعامة علي السيستاني، طارق نجم خياراً مقبولاً، خصوصاً في حال تمسك ائتلاف المالكي، بمنصب رئاسة الوزراء. ويبدو أن المرجعية ترى أن إجراء تغييرات تدريجية في رأس هرم السلطة، قد يكون الحل الأمثل للأزمة العراقية، في ظل الحرب الشرسة التي تواجهها الحكومة مع الفصائل المسلحة. وقيل إن نجم يحظى بدعم المرجع السيستاني، وأن الاخير استقبله خلال فترة استقالته من منصبه، على الرغم من أن السيستاني يمتنع عن استقبال الساسة العراقيين منذ سنوات عدة، لأنه يرى أنهم فشلوا في تنفيذ مهامهم.

5- اكتسب طارق نجم خبرة طويلة في ادارة الأزمات التي خلقها المالكي، تحديداً من خلال عمله كوسيط ومبعوث خاص له في مفاوضاته مع خصومه، وهذا من شأنه أن يرفع من مقبولية نجم لدى خصوم المالكي.

6- على الرغم من تحسس خصوم المالكي من كل شخص مقرب من الأخير، لكن من المرجح ألا يضع هؤلاء خطاً احمر على مدير مكتبه، لأنه في نظرهم أفضل الموجودين في جناح المالكي، خصوصاً أنه لم يتسلم منصباً تنفيذياً ارتكب من خلاله أخطاء كبيرة، كما فعل بعض الصقور في ائتلاف «دولة القانون»، مثل حسين الشهرستاني وهادي العامري وحيدر العبادي وعلي الأديب.

7- قد ينال اسم طارق نجم موافقة الصدريين، الخصوم الأقوياء داخل «الائتلاف الوطني»، خصوصاً بعد مطالبة الصدر أخيراً الائتلاف بتقديم مرشح جديد لرئاسة الوزراء «بوجه جديد من اجل مصلحة العراق والمذهب والاسلام».

مآخذ واتهامات
أضفى ابتعاد طارق نجم عن الأضواء، وتحاشيه الظهور في وسائل الإعلام، غموضاً على شخصيته، وأثار انزعاج بعض السياسيين منه. ويأخذ عليه البعض بأنه لم يكن معارضاً مشاكساً للنظام العراقي السابق، كما أن حصوله على بعثة دراسية لنيل شهادة الدكتوراه من أحدى جامعات القاهرة، خلال فترة النظام السابق، أصبح مثار تساؤلاتهم، خصوصاً بسبب صعوبة حصول الموافقة على البعثات الدراسية في تلك الفترة من دون موافقة جهاز الاستخبارات العراقي، ولذلك ذهب بعضهم الى حد اتهامه بالعمالة لصالح النظام السابق.

كما يتهمه البعض بالاستئثار بالكثير من الصلاحيات والسلطات، مستغلاً منصبه كمدير لمكتب المالكي، الى حد أن البعض يشب�'هونه بـ»عبد حمود» (سكرتير الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين). أما معارضو الحكومة، فيتهمونه بضلوعه في قضايا فساد مع بعض أقرباء المالكي، منهم نجله، أحمد، وتشمل عقوداً في مجالات النفط واستخدام أموال الدولة للمصالح الشخصية. وكان السياسي البارز أحمد الجلبي، قد اتهمه بالمتاجرة بالآثار العراقية بالاشتراك مع آخرين من مكتب المالكي.

ويرى مراقبون أن طارق نجم يمثل نسخة ثانية من نوري المالكي، ولكنه يتمتع بشخصية أكثر اتزاناً ودهاء.

الخبر التالي : الرواية الرسمية لسقوط محافظة عمران بأيدي الحوثيين ودخول اللواء 310 ومقتل قائده