الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٠ صباحاً
النساء اللواتي يعملن في بيع الخمور.. جانب مظلم من حياة المجتمع اليمني تكشفه فتاة ناجية من سكة ضياع
مقترحات من

النساء اللواتي يعملن في بيع الخمور.. جانب مظلم من حياة المجتمع اليمني تكشفه فتاة ناجية من سكة ضياع

قد يعجبك أيضا :

انطلاق منصة (مال) للعملات الرقمية المشفرة برؤية إسلامية

الحوثيون يستنجدون باحفاد بلال لرفد الجبهات...ماذا يحدث؟

مصدر ميداني يكشف حقيقة سيطرة الحوثيين على الجوبه!

شاهد الصور الأولية للحوثيين من أمام منزل مفرح بحيبح بمديرية الجوبه عقب سيطرتهم عليها

عاجل...التحالف العربي يعلن تدمر مسيرة حوثية

li> أكملت الجامعة وحين لم تجد وظيفةً، عملت في شبكة توزيع خمور محلية
  • بعد زواج والدي بأخرى اضطرت أمي للعمل لكنها حين مرضت بالقلب اضطررت أنا للعمل حتى أكملت الجامعة
  • أجري اليومي كان 2000 ريال، لكن بعض الزبائن كانوا يُكرمونني
  • النساء اللواتي يعملن في بيع الخمور: فتيات صغيرات بدون علم أسرهن، ومطلقات رفضت أسرهن إعالة أولادهن، وبعضهن خرجن من السجن براءة إلا أن أسرهن رفضت استقبالهن
  • قسوة الحياة، والمجتمع، والحاجة والعوز، أشياء قد تدمر حياة إنسان، وتأخذ بيده للضياع، وتجعله فريسة سهلة للاستغلال.
  • هذا بعض ما تضمنته رسالة فتاة يمنية، تدعى "س.م"، وهي موظفة شابة في أواخر العشرينيات، دفعتها الحاجة والعوز في يوم من الأيام، للانخراط في مهنةٍ لا تريدها، وتتعرض فيها للانتهاك والاستغلال، وهي مهنة "شبكة توزيع الخمور".
     
    "س.م" نجت أخيرا، وتركت ممارسة هذا العمل، وتعيش حياةً سويةً، وكما تريد، لكنها لم تتوقف عند ذلك، لقد حاولت أن تبعث رسالتها، للمجتمع للناس، للدولة، داعيةً الجميع لإنقاذ الأسر الفقيرة، وإيجاد مساكن لإيواء الأرامل والفقراء، والاهتمام أكثر بالنساء الخارجات من السجون، لأنهن الضحية الأسهل، مناشدةً الأسر التركيز على إعطاء فتياتهم الحنان الكافي كي لا يسقطن في الضياع.
     
    "س.م" روت قصتها لمجلة "الأسرة والتنمية"، وكشفت بذلك عن تفاصيل مثيرة ونادرة حول شبكات توزيع الخمور، وأماطت اللثام عن منطقة مظلمة في المجتمع، تدخل في زاوية المحظور أو المسكوت عنه، اجتماعياً وإعلامياً. و"الأولى" تعيد نشر الحوار الذي أجراه الزميل عبدالواحد السامعي لمجلة "الأسرة والتنمية"، لأهميته، ولتضمنه رسالة اجتماعية مهمة وخطيرة.
     
    حاورها: عبدالواحد السامعي
     
    "س.م"؛ موظفة شابة في أواخر العشرينيات، اكتشفنا أثناء حوارنا معها لدى زيارتها المجلة، أنها -رغم سنوات عمرها القليلة نسبياً- تختزل رحلة طويلة من المعاناة، وتحمُّل المسؤولية. بإصرار وشجاعة أكدت أن قطعها المسافات للحضور إلينا كان مبعثه الإحساس بالمسؤولية -بعد وقوع الاستبيان الخاص الذي تعده المجلة حول المرأة والجريمة- لعرض تجربتها الحية السابقة في توزيع أكياس الخمور تحت إلحاح الحاجة، وإهمال رب الأسرة (الوالد). وتهدف من خلالها إرسال كثير من الرسائل التي تود إيصالها للأسرة والمجتمع والدولة، وقبلها لكل الفتيات والنساء ممن يعانين من ظروف مشابهة، للاتعاظ من كبوتها، واستعادتها توازنها بقرار جريء قبل السقوط الكبير. تفاصيل وأسرار مثيرة وصادمة عن شبكات توزيع الخمور النسائية، في سياق الحوار التالي:
     
    كيف كانت البداية مع الانزلاق في بيع الخمور؟
    في الأول كانت حياتي طبيعية مثل أي بنت، لكن بعد زواج والدي بأخرى، شعرنا باليتم، فقد تركنا مع أمي وأخواتي الـ3 بلا عائل، ولا مصدر للدخل، فاضطرت والدتي المسكينة للعمل في البيوت، وفي بيع الملابس من منزل لآخر، حتى نستمر بدراستنا، لكن مع إصابتها بالقلب، وعدم استطاعتها الخروج، كان لابد من تحمُّل المسؤولية كوني الكبيرة، فقمت أثناء دراستي الجامعية بالعمل لدى كوافيرة، وأكملت دراستي رغم أنني كنت على وشك الضياع. ذقنا صنوفاً من المضايقة والإذلال من صاحب الإيجار، ولم نكن نستطيع أحيانا حتى شراء علاج والدتي. بعد تخرجي قدمت ملفي للخدمة المدنية، وبحثت عن عمل آخر، واضطررت للعمل بمركز اتصالات براتب بالكاد يسد قيمة المواصلات وعلاج أمي، وهناك تعرفت على رجل لديه علاقات واسعة، وعدني بفرصة عمل أفضل، وجعلني وسيطة بينه وبين مجموعة من النساء والفتيات، يقوم هو بوضع ظروف خاصة، ويأتين لأخذها لاحقاً... واكتشفت أنهن يقمن ببيع الخمور، وحينها أقنعتني إحداهن بالعمل معهن لتحسين ظروف أسرتي المعيشية، وأكدت لي عدم وجود أي مخاطر، فقد كانت البضاعة (الخمور) عبارة عن أكياس حرارية صغيرة فيها شراب أشبه بمياه، ثم عرّفتني بإحدى النساء البائعات، وهنا بدأت رحلتي.
     
    هل هناك مصنع أو معمل لإنتاج هذه الخمور؟
    عرفت المرأة التي تقوم بإعطائنا الخمور عبر إحدى الفتيات، وكنت أستلم منها الأكياس، وأوزعها للزبائن. وبصراحة خلال فترة عملي طوال عامين، كنت أتعامل مع 3 نساء فقط، أذهب مثل البقية لمنازلهن لاستلام الأكياس وأرقام تلفونات الزبائن، ثم نعود إليهن بعد توصيلها، لإعطائهن قيمة هذه الأكياس. كنت أريد معرفة أماكن المصانع، ولكني عجزت، فهناك تشديد بينهن، لذا فشلت في معرفة هذه الأماكن.
     
    يمنيون يشربون مع زوجاتهم، وزوار عرب مع عائلاتهم في الفنادق
    هل كان دوركن منحصراً بتوزيع الأكياس على زبائن معروفين، أم يتعدى لاستجلاب زبائن جدد؟
    عملنا واضح، ولا يزيد عن إيصال الأكياس، حتى أننا كنا حذرات، فلا نرد على أي مكالمة إلا إذا تأكدنا أنها من زبون جديد عبر أحد الزبائن السابقين، وبعد معرفتنا المسبقة لرقمه.
     
    عملك في مجال كهذا يكشف عن تهور وجرأة شديدة.. إذا كان الوازع الديني ضعيفاً، ألا تخافين من الوقوع بيد الأمن؟
    قسوة الظروف هي التي رمتني لهذا الطريق، لست متهورة، فقد كنت خائفة في البداية، لكن بعد فترة أصبح الأمر عادياً، وزيادة في الأمان، فإنني لم أكن أرد على أي مكالمة من أي زبون إلا بعد أن أحصل على رقمه من صاحبه (الزبون الآخر).
     
    ما موقف أسرتك من عملك هذا؟
    لم تكن أسرتي على دراية بعملي، فأمي امرأة شريفة، وعانت من أجلنا، وأيضاً مستحيل أن تعرف أخواتي، لأنهن عندي بالدنيا، وأنا كنت قدوتهن في الحياة.. كان كل ما تعلمه أسرتي أنني أعمل مندوبة مبيعات مواد تجميل ومنظفات.. غير أن والدتي كانت كثيرة الشك والقلق من عملي، خاصة بعد قيام بعض الجيران بتحريضها ضدي، لزيادة شكوكها حولي، لأني كنت أخرج يوم الجمعة لتوزيع الأكياس.•
     
    بالنسبة للمنازل التي كنت تُسلَّمين فيها هذا البلاء.. هل توجد فيها عائلات؟
    أحد هذه البيوت كان عبارة عن شقة تسكنها عائلة فيها زوجة وزوج وأطفال، لكن الوالدين كانا فاسدين، فيما جميع سكان الشقتين الأُخْريين من النساء، وكُنَّ بين فترة وأخرى يُغيِّرن مسكنهن، بالإضافة إلى أن لديهن علاقات في كل المحافظات، فمثلاً قد يأتي زبائن خليجيون للمحافظة، ويقمن بتوفير طلباتهم للفنادق العادية، وحتى لو سافروا لمحافظة ثانية، فإنهن يقمن بتوفير طلباتهم عن طريق شبكة علاقاتهن الواسعة.
     
    كم هو الأجر اليومي الذي كنت تتقاضينه؟ وهل ساهم في تجاوز أسرتك الظروف المادية الصعبة؟
    أجري اليومي كان 2000 ريال، لكن بعض الزبائن كانوا يُكرمونني، وأقولها (للعبرة) رغم الدخل الكبير، خصوصاً من خلال ما أحصل عليه من بعض الزبائن، إلا أنه كان يضيع بلمح البصر، ودائماً ما نعاني، فتجدنا نخرج من مرض، وندخل في آخر، ويذهب كل الدخل للعلاج. الشيء الوحيد الذي تخلصت منه هو إزعاج المؤجر وتهديداته التي كانت تمثل كابوساً لي ولأخواتي وأمي المريضة.

    شعورك حيال امتهانك هذا العمل.. كيف كان؟
    والله، كانت حياتي مظلمة، وينتابني إحساس بالمرارة وبتأنيب الضمير، وكلما أخلو بنفسي أبكي على ضياعي، وأقرأ القرآن، وأصلي لله، فربما يرحمني ويخرجني من هذه الدوامة التي أدخلت نفسي فيها. إحدى أخواتي كانت تشعر بأوجاعي، ولا تدري بمصيبتي، ظلت تسألني باستمرار: لماذا أنت مقهورة؟ وما المشكلة التي تعانين منها؟! ولم أكن أجرؤ على الرد، فكيف سيكون وقع الخبر عليها إن هي عرفت؟!
     
    من أي الفئات تحديداً كان زبائنكم؟
    الخمر الذي كنا نوزعه رخيص وبلدي (حق الضباحى)، ومعظم زبائننا من سائقي الدراجات النارية، ومن الناس العاديين، وبعض نساء المغتربين المرتاحات مادياً، اللواتي لا يستطعن الحصول على النوعية الغالية، نتيجة لظروف تمنعهن من الخروج للبحث عنه.. وهناك أيضاً شريحة من المغتربين والزوار الخليجيين ممن ليس لديهم علاقات، فيضطرون لشراء البلدي الرخيص عن طريق موظفي الفنادق. وأكثر ما أثار استغرابي وجود أزواج وزوجات يشربون معاً، فأحياناً الزوجات يتصلن بي، وأقوم بتسليمهن بحضور أزواجهن!
     
    أما الفئات الأخرى، مَنْ هم على مستوى، فليسوا من زبائننا، بل يقومون بشراء "قوارير" شراب راقٍ من أماكن أخرى.
     
    ألم تلحظي وجود رقابة أمنية تجاه نشاطكن؟
    أحياناً يكثف الأمن الرقابة على أماكن التوزيع، وفي حال شعرت شبكة التوزيع في هذه البيوت بذلك، فإنها تقوم بتغيير المكان المراقب فجأة، قبل نجاح الأمن في مداهمة المكان.
     
    بخصوص الفتيات اللواتي يُوزعن الخمور.. كيف يتم اختيارهن؟ أو بمعنى أدق ما هو وضعهن الاجتماعي؟
    يمكن تقسيمهن إلى فئات؛ فهناك فتيات صغيرات يعملن بدون معرفة أسرهن، لكنهن لا يتكيَّفن مع العمل، وبالتالي فهن غالباً لا يبقين سوى شهر أو شهرين، وهناك فتيات يعملن بعلم أسرهن، لا يوجد لديهن مصدر دخل، وعليهن التزامات كالإيجار مثلاً، ويعانين من تفكك أسري.. وأغلبهن مجموعة من النساء المطلقات والأرامل.. وبعضهن من النساء اللاتي خرجن من السجن، ورفضت أسرهن استقبالهن، وبينهن مَنْ خرجت ببراءة وعلى قضايا تافهة، والبعض مطلقات تمانع أسرهن تواجد أبنائهن معهن، ولا يحصلن على نفقة، ويلجأن للعمل من أجل تسديد الإيجار وإعالة أطفالهن، خاصة أنهن لا يمتلكن أي مهارات للعمل في أماكن أخرى.
     
    بعد عامين قررت التوقف عن مزاولة هذه المهنة الخطرة على المجتمع، والمحرمة دينياً وقانونياً.. ترى ما هو الدافع القوي لاتخاذك هذا القرار الرائع؟
    ذات يوم ذهبت لإيصال طلبية لإحدى النساء في الأربعينيات من العمر، كانت زبونة طيبة جداً معي، أدخلتني المجلس، وفجأة ظهر رجل حاول التحرش بي، فشعرت بالخوف، وخرجت مفزوعة، رغم محاولاتها إقناعي بالتخزين معها، وهنا فقط قلت في نفسي الحمد لله، فمن حسن حظي أنني بعد هذه الفترة لا يزال بإمكاني الانسحاب بدون خسائر، فلم يلمسني أحد، ولا أحد أيضاً يعرف اسمي أو عنواني.. يومها قررت التوبة حتى لو متنا أنا وأخواتي ووالدتي من الجوع، والحمد لله رحمة ربي واسعة، فبعد أسبوع من تركي العمل، اتصلت بي إحدى زميلاتي بالجامعة للعمل بالتطريز، واستمررت بهذا العمل قرابة الأشهر الـ6، حتى نزلت درجتي الوظيفية الحكومية، وقمت بتشغيل أختي بديلة عني بالتطريز، والآن ظروفنا تحسنت، وأصبحنا نعيش حياة أفضل.

    هل تلقيت بعد تركك عملك في توزيع الخمور، أيَّ تهديدات؟
    على الإطلاق، فلا أحد يعرف اسمي الحقيقي، ولا عنواني، وقد حاولوا معرفة سكني في البداية، لكنهم توقفوا عن ذلك بعد وثوقهم بي. وأحب أن أؤكد أن معظم من يقمن بتوزيع الخمور هنا أو في بقية المحافظات، يعملن بأسماء وهمية.. كما أنهم غير مضطرين للبحث عني، فهم يُغيرون عناوينهم باستمرار، ولديهم أماكن متعددة، ويستخدمون كل الوسائل لإيصال بضاعتهم.. لذا فإنهم لا يخشون إبلاغي عنهم أو الوشاية بهم. ومن جانبي طالما تركت هذا الطريق، فلا أخاف أحداً حتى لو كلفني الكثير، والدليل على عدم خوفي وجودي معكم الآن في مقر مجلة "الأسرة والتنمية"، أتحدث عن ذلك، ولولا العادات التي تقتل المرأة، ولا تتيح لها الفرصة، لظهرت باسمي وصوتي لأُحذِّر المجتمع.
     
    ما هي نصيحتك للفتيات اللاتي يقعن عرضة لظروف مماثلة لظروفك؟
    أخذ العظة من قصتي هو ما دفعني لزيارة المجلة، ورغم المخاطر التي أتوقعها، لكنني عندما قرأت الاستبيان الخاص بالجريمة والمرأة، تحمست لطرح قصتي حتى تستفيد منها الفتيات والنساء ممن قد يتعرضن لمثل ظروفي. وأقول للبقية ممن أقدمن على الخطأ، لا تزال هناك فرصة أمام كل واحدة للرجوع إلى الله، والاستقامة، والعيش كعضو فاعل في المجتمع، كزوجة وربة بيت وأم.. كما أُشدّد على أنه مهما كانت قسوة الظروف، فعلى الفتاة ألا تستسلم لها، أو تنجر وراء صديقات السوء اللواتي قد يزينّ لها طريق الضياع.. عليها أن تسأل نفسها: ما العيب في أن تعمل ولو فرَّاشة بدلاً من السقوط فريسة للضياع.. كما أوجه نصيحة من ابنة كادت تسقط بسبب إهمال الأب – للآباء، وأقول لهم كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، وستحاسبون عن إهمالكم أسركم وأولادكم.. وأخيراً أدعو رجال الخير والدولة ومنظمات المجتمع المدني، إلى التنافس لإيجاد مساكن لإيواء الأرامل والفقراء، والاهتمام أكثر بالنساء الخارجات من السجون، لأنهن الضحية الأسهل، فلا يوجد لديهن خيار آخر غير الضياع أو الشارع.. وعلى الأسر التركيز على إعطاء فتياتهم الحنان اللازم، وقبل كل شيء غرس الوازع الديني لديهن، لأنه أساس استقامة المجتمع، وحصنهن المنيع أمام أي نوازع قد يتعرضن لها.

    الخبر التالي : وفاة شخصين غرقاً في عدن

    الأكثر قراءة الآن :

    هام...قيادي بارز في المجلس الانتقالي يُعلن استقالته(الإسم)

    رئيس مجلس الشورى يحث واشنطن على ممارسة ضغط أكبر على الحوثيين !

    منظمة ميون تجدد مطالبتها للحوثيين بفك الحصار على مديرية العبديه

    بحوزة سعودي ومقيم...السلطات السعوديه تحبط تهريب شحنة مخدرات ضخمة

    الخدمة المدنية تعلن يوم الخميس اجازة رسمية

    مقترحات من