"حرّاس الحرب"

قد يعجبك أيضا :

ستطيع النوم، وأقضي ساعات الليل بين البكاء والدعاء أن يحفظ الله ابني الوحيد، حتى لا يصاب بمكروه نتيجة القصف الشديد على صنعاء". هذا ما تردّده أم عبد الواحد السماوي، النازحة في مدينة المحويت اليمنية (غرب صنعاء) منذ أكثر من شهر.

تخبر بأن ابنها البكر أصرّ على البقاء في العاصمة معرّضاً حياته للخطر، بحجة حراسة منزلهم من السرقة. وتقول: "لدينا منزل صغير في منطقة المطار، وهو كل ما نملك. ابني بقي فيه، لننزح نحن - باقي الأسرة - إلى المحويت. أشعر بخوف شديد عليه".

وتُبقي الأسر النازحة بمعظمها أحد أفرادها في المنازل التي تملكها في صنعاء أو غيرها من المدن الرئيسية التي تتعرض للقصف مثل عدن (الجنوب) والحديدة (الغرب)، خوفاً من أن تتعرض للسرقة مع انتشار العصابات المسلحة وغياب كلي لقوات الأمن.

محمد العنسي واحد من هؤلاء الذين يسمّون "حراس الحرب". هو يعيش لوحده في منزل عائلته في العاصمة صنعاء، مذ وقع الانفجار الكبير في جبل فج عطان (جنوب غرب) والذي تسبب بأضرار كبيرة لحقت بعشرات المنازل وسقط ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، ما أدى إلى نزوح مئات الأسر من صنعاء متوجهين إلى المحافظات والقرى التي تعرف استقراراً أمنياً.

يقول العنسي إنها المرة الأولى التي يعيش فيها لوحده بعيداً عن أهله لفترة طويلة، ولا يخفي شعوره بالوحدة. ويشير إلى صعوبة تحضير الطعام لنفسه، في ظل عدم توفر مطاعم في الجوار. يوضح: "بقيت في صنعاء لحراسة المنزل، فقد سافر والداي وباقي أسرتي، وكان من الصعب ترك المنزل من دون حارس".

ويتحدّث العنسي عن يومياته بعدما "علقت الجامعات الدروس منذ بداية الحرب. وهذا ما جعلني من دون شغل طوال اليوم. فأنام حتى الظهيرة، وفي الليل أمضغ القات حتى وقت متأخر برفقة شباب الحي، في الشارع أمام المنزل". ويلفت إلى أنه وهؤلاء الشباب يحملون أسلحتهم ليلاً، لحراسة حيّهم.

لا يختلف وضع عبد القوي حميد عما يعيشه العنسي كثيراً. يقول إن غياب أسرته وأطفاله عنه، جعله يمضغ القات لساعات أطول، ويدخّن السجائر بكثرة من دون أن يخاف من استنشاق أولاده الدخان. يضيف: "اشتقت إلى أطفالي. أرسلتهم قبل شهر إلى منزل العائلة في قريتنا في محافظة ريمة وسط اليمن. وعلى الرغم من اشتياقي إلى أسرتي، إلا أنني أشعر بالاطمئنان لأنهم ليسوا في صنعاء. بالتالي لن يشهدوا انفجار صاروخ مثلاً بالقرب من البيت".

ويشير حميد إلى أنه "لم يكن من المنطقي نقل أثاث المنزل إلى خارج صنعاء. فهذا كان ليكلفنا مبالغ كبيرة، لا أستطيع توفيرها. وهذا ما أجبرني على البقاء والحرص على إبقاء سلاح كلاشنيكوف بالقرب مني، للدفاع عن نفسي ومنزلي حينما تقتضي الحاجة". يضيف أن "منازل كثيرة في صنعاء تعرّضت للنهب في خلال الأسابيع الماضية بعدما تركها سكانها".

ويشير الأهالي إلى أن منازل عديدة في كل من منطقة المطار وفج عطان وجبل نقم المجاورة لمخازن أسلحة الجيش أو معسكراته، تعرّضت للسرقة بعد استهداف هذه المواقع من قبل مقاتلات التحالف مباشرة. فأسر كثيرة تركت منازلها خوفاً من أن تصاب بالقذائف المتفجرة في مخازن الأسلحة.

وتنتشر العصابات في المدن اليمنية الرئيسية التي تتعرض بعض المواقع فيها للقصف المستمر، في ظل غياب ملحوظ للأجهزة الأمنية. وينشط اللصوص في الأحياء التي هجرها سكانها، فيسطون عليها بعد التأكد من خلوها من السكان.

إلى ذلك، يوضح نائب مدير التوجيه والعلاقات في وزارة الداخلية العقيد محمد حزام أن السرقات التي تم التبيلغ عنها في خلال الأسابيع الماضية، قليلة بالمقارنة مع الانفلات الأمني الناتج عن استمرار الحرب وبعض العوامل الأخرى، بالإضافة إلى ترك آلاف الأسر لمنازلها ونزوحها إلى محافظات أخرى.

اللجوء إلى عاقل
عندما ينوي رب أسرة أن يصطحب أسرته ويترك بيته، "لا بدّ من أن يلجأ إلى عاقل في الحيّ أو إلى مركز الشرطة في المنطقة، فهذا من شأنه أن يساعد في الحفاظ على الممتلكات". هذا ما يشدّد عليه نائب مدير التوجيه والعلاقات في وزارة الداخليّة العقيد محمد حزام. ويلفت إلى أن "معظم السرقات تحدث على أثر القصف مباشرة، فاللصوص يتوجهون إلى المناطق المستهدفة ويبحثون عما يمكن أخذه من المنازل المدمرة".

الخبر التالي : أول صورة للشيخ حمود سعيد المخلافي من محيط معسكر قوات الأمن الخاصة