توقيت الإعلان عن خروج هادي جاء بالتزامن مع الذكرى الثالثة لانتخابه رئيساً للبلاد، بناء على المبادرة الخليجية التي ترشح على أساسها كرئيس توافقي وانتقالي لليمن ليخلف الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
كما جاءت خطوة هادي بعد شهر كامل من إخضاعه للإقامة الجبرية من قبل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ليخلط بذلك الأوراق على الجميع، وتحديداً الجماعة التي مضت طوال الفترة الماضية بانقلابها على الشرعية والمؤسسات غير آبهة بتداعيات ما تقوم به على البلاد.
الصحافي في مكتب هادي، أسامة الشرمي، قال لـ "العربي الجديد" إن مغادرة الرئيس اليمني من صنعاء لم تكن ضمن أي اتفاق، بل كانت عملية تهريب معقدة وصعبة للغاية. وأوضح الشرمي أن هادي متمسك بـ "الشرعية"، وأن انتقاله إلى عدن ألغى استقالته التي قدمها لمجلس النواب 22 يناير/كانون الثاني الماضي. وأشار إلى أن هادي سيدعو من عدن لانعقاد مؤسسات الدولة هناك، كما سيدعو القوى السياسية للتوجه إلى عدن من أجل استكمال المفاوضات السياسية، نافياً ما تردد عن احتجاز بعض أقارب هادي في منطقة "الرضمة" بمحافظة إب. وهو ما تم بالفعل، وترجم بالبيان الذي أصدره هادي.
من جهته، كشف مصدر مقرب من هادي، اشترط عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن مغادرة الرئيس اليمني لم تكن السبت، بل سبقها بيومين، وأنه تم تأخير الإعلان عن مغادرته، ليتوافق مع ذكرى انتخابه، فيما أشار مصدر آخر إلى أن رحلة خروج هادي استغرقت 12 ساعة من السادسة من مساء الجمعة وحتى السادسة من صباح السبت.
كذلك، أوضح مصدر رفيع في حزب المؤتمر الشعبي، طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد" أن قائد اللواء الأول حماية رئاسية العميد صالح الجعيملاني هو من رتب مغادرة هادي من صنعاء، لافتاً إلى أن الجعيملاني، الذي أشيع عند استقالة الرئيس أنه غادر صنعاء، لم يغادرها، وإنما بقي ورتب مغادرة هادي.
كما أفاد ضابط برتبة عقيد في حراسة الرئيس هادي أن عملية الإفلات من الإقامة الجبرية تمت مساء الجمعة، باستغلال نقاط ضعف في الجانب الأمني لمسلحي الحوثي المحاصرين للمنزل، نافياً في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، أية صفقة بين هادي والحوثيين أفضت لمغادرته. وبين المصدر أن هادي خرج بسيارة واحدة من منزله وتبعته سيارات أخرى منذ خروجه من صنعاء، مشيرا إلى أن السيارة التي أقلت هادي من منزله ليست من ضمن سيارات الموكب الرئاسي المعروفة.
وفي الوقت الذي تثور شكوك حول سرية المغادرة وعدم معرفة الحوثيين بها، كطرف يسيطر على صنعاء ويحاصر منزل الرئيس عبر اللجان المسلحة، قالت بعض المصادر، إن المغادرة تمت وفقاً لوساطة سرية بين هادي والحوثيين رعتها سلطنة عُمان. وما يعزز هذا الاعتقاد في نظر البعض، أن الأخيرة كانت قد رعت العديد من الصفقات والمفاوضات السرية بين هادي والحوثيين في الشهور الأخيرة.
وحول ما إذا كانت المغادرة بعلم الحوثيين أم لا، قال المصدر إن "ذلك أمر غير مستبعد" وإنه "قد يكون ضمن اتفاق غير معلن يقضي بصنعاء للحوثي وعدن لهادي"، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات بأن الولايات المتحدة أدت دوراً في تأمين مغادرته صنعاء من دون أن تكشف تفاصيل حول هذا الدور.
من جهته، قال مصدر مسؤول حكومي فضل عدم ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" إن مغادرة هادي تمت باتفاق مع الحوثيين وإنها استكمال لما اعتبر أنه مخطط تسليم الحوثيين الشمال وتسلم هادي الجنوب. وأوضح أن هادي خرج بموكب يتألف من ثماني سيارات اثنتان في الوسط ركب هادي في إحداهما، وثلاث سيارات قبلها وثلاث بعدها، حيث سار الموكب إلى منطقة "دمت" بمحافظة إب، ومنها انتقل إلى تعز، ولم يمر عبر مدينة الضالع مركز محافظة الضالع الجنوبية، قاطعاً بذلك مسافة تربو على 400 كيلومتر حتى وصل إلى عدن.
من جهتها، ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن هادي غادر صنعاء، بعدما سمح له الحوثيون الذين يحيطون بمنزله بالخروج تحت ضغط دولي ومحلي، حسب ما أفاد مساعدون مقربون منه.
وقال المساعدون إن هادي توجه إلى عدن حيث سيغادر البلاد بعد ذلك لتلقي العلاج الطبي في الخارج، مشيرين إلى أن الحوثيين سمحوا لهادي بالذهاب بعد ضغوط من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والأحزاب السياسية المحلية.
ارتباك حوثي