الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٥ مساءً

غموض الحالة اليمنية

رأي المدينة
الخميس ، ١٢ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٠٣ مساءً
أصبح من الصعب فهم ما يحدث في اليمن من أحداث تبدو وكأنها أحجية أو ألغاز، فما حدث مؤخرًا من سيطرة الحوثي على مدينة البيضاء قد لا يثير أي تساؤل أو تعجب، حيث يبقى من المفهوم ضمنًا أن مخطط الحوثي يهدف إلى السيطرة على أجزاء اليمن بالتدريج، لكن ما يدعو إلى التعجب والتساؤل في آن، أن تسقط البيضاء التي تقع وسط البلاد والتي تعتبر بوابة الجنوب والتي رفضت الإعلان الدستوري، دون مقاومة تذكر لا من الجيش ولا من القبائل، بل أن الاستيلاء على المدينة تم بمساندة قوات من الجيش والأمن، وما تلى ذلك من نشر دوريات عسكرية مشتركة بينهما في مواقع إستراتيجية من المدينة التي تتوسط المنطقة التي يتمركز فيها تنظيم القاعدة. السيطرة على البيضاء انطلاقًا من هذه المعلومة هي محاولة من قبل الحوثي لإيهام واشنطن بأنها تتوجه إلى تلك المنطقة لمحاربة القاعدة، وأنها يمكن أن تكون شريكًا معها في الحرب على الإرهاب، وهو نفس الطرح الذي يطرحه رئيس النظام السوري الإرهابي بشار الأسد في محاولته تبرير حربه الإرهابية ضد شعبه مع القاسم المشترك الأكبر الذي يجمعه مع الحوثي وهو العمالة لإيران وتلقي الأوامر منها. لابد من الإشارة أيضًا إلى أن سيطرة الحوثي على هذه المدينة الإستراتيجية يهدف أيضًا إلى تأمين خطوط الوصول إلى المحافظات الجنوبية (أبين - لحج - وشبوة) وشرقًا إلى محافظة مأرب الغنية بالنفط، والتي يحاول الحوثي السيطرة عليها منذ أشهر.
ربما أن أكثر ما يلفت الانتباه في تطور الحدث اليمني إقفال عدة سفارات غربية في صنعاء بما في ذلك السفارة الأمريكية التي غادرها السفير أمس، وهو مؤشر هام على أن اليمن أصبح على شفا حرب أهلية خطيرة، خاصة مع الغموض الذي يلف الأوضاع وتغير خريطة التحالفات السياسية والقبلية، وحيث يبقى الثابت الوحيد في ظل هذه التناقضات والمفارقات حالة الغضب العارم التي تسود في أوساط الشعب اليمني وهو يرى بلاده تغرق في أوحال العمالة. ويبقى التساؤل قائمًا: هل تشكل الحالة اليمنية الراهنة إحدى تداعيات ثورة ربيعها العربي التي حلت أمس ذكراها الرابعة؟.. أم أنها حلقة جديدة من سلسلة النزاعات المزمنة التي يشهدها اليمن منذ بداية الستينيات؟ أم أنها غرس آخر من النبت الشيطاني الطائفي الذي تزرعه طهران في المنطقة؟.. أم كل ذلك بالجملة؟.