الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٦ مساءً

خطورة الإعلام في صناعة الإرهاب

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الأحد ، ٢٢ مارس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٠٠ صباحاً
ليس كل ما تراه العين يكون على حقيقته ، فتصورات الرائي الفكرية والعقائدية تؤثر في الغالب عليه فيرى ما تمليه عليه خلفيته السياسية والثقافية تبعا لتصوراته الفكرية والعقائدية ، والكثير مما نراه في منامنا هي أشبه بنماذج واستنساخ لواقعنا في اليقظة ، والعقل يوثق ما تراه العين وتسمعه الأذن ويحلله الذهن والقلب ثم يقوم بما نسميه جهاز العرض في حال الطلب بحيث تكون المادة المعروضة لا كما رأته العين أو سمعته الأذن وإنما كما كونه الذهن والقلب مما اختزنه من معتقداته وثقافته المذهبية السياسة ، إذ لا يخلو المذهب أيا كان أو الخلفية الثقافية أيا كانت من التأثير السياسي أو التوجيه السياسي إن صح التعبير .

هذا للأسف واقع الكثير من الناس ، تحركهم الخلفيات المخزنة في الذاكرة الواسعة والتي لاحدود لسعتها المؤرشفة لأحداث وثقافة وقعت منذ الطفولة الإيجابية منها والسلبية والتي يسميها علماء النفس بالعقل الباطني الأواعي ، ولهذه الخطورة التي يقع تحت تأثيرها كل إنسان مهما كان حجمه وثقله الاجتماعي والسياسي يأتي دور الإعلام في التأثير على قناعات الآخرين وتشكيلها وفق خطة تضعها عقول خبراء ما يسمى بالاتصال وتكنولوجيا الاتصال ، ويتم صياغة ألفاظ الأخبار وصناعة الأفلام والمسلسلات والحلقات حتى عرض ما يسمى بالفاصل الإعلاني للوصول بالمتابع والمشاهد إلى التأثير الموجه وهو أقرب ما يمكن تسميته بغسيل العقول وتوجيهها نحو الأجندة التي تخدم السياسات الإعلامية لذوي المؤسسات أو الجهات أو الدول الراعية لها . .

ومن أين تبلور الإرهاب ووسائله وأساليب العنف وطرق القتل إلا من تأثير تلك الأفلام الأكشن والألفاظ الإخبارية المصاغة وبرامج التوجيه الغير مباشر في تأجيج النفوس المشحونة بإحساس القهر والظلم التي صنعتها ذاتها أدوات ووسائل الإعلام الذي يتوزع أدواره في صناعة التوجيه بشحن الصدور وتعبئتها عبر الصور والبرامج وبعض المقاطع الفيديو لتكون وتصيغ دلالات ومعنى الشعور بالقهر والظلم وسحق الذات الإنسانية ثم تبث ذاتها الوسائل الإعلامية أو غيرها مواد مختلفة من الشحن العنيف الذي يعطي لهذه النفوس المكلمة الحق في الثأر لنفسها والدفاع عن نفسها والبحث لها عن القدرات والوسائل التي تمكنها من إرضاء ذواتها في النيل من كل الرموز التي تمثل نماذج لهؤلاء الظالمين المجرمين وترى لنفسها كل الحق في ضرب معاقل من تراهم لهم أيادي طويلة وممتدة هنا وهناك ، وهكذا استغل أعداءنا ظروفنا السياسية وخصوماتنا السياسية على المستوى العربي والإسلامي وضربونا في عقولنا قبل أن نضرب بعضنا بعضا بأيدينا !

فهل نعقل كإعلاميين وسياسيين وعلماء وأكاديميين ووجهاء ومشايخ ومثقفين ونعمل يدا بيد لوضع الدراسات والبحوث العلمية والعمل على مواجهة هذه الهجمات المغيبة لوعينا الحضاري والإنساني والإسلامي ونحصن أنفسنا وأجيالنا القادمة ونكثف من المؤتمرات وورش العمل وكل وسائل الإعلام الفاضحة لهذه الوسائل والأساليب الخبيثة التي تقتلنا في عقولنا وتطمس فينا أصالتنا وقيمنا ثم تصنع منا آلات قتل وإرهاب آلية دامية .