الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٣ مساءً

الدم اليمني .. عملة الصراع الدولي

حسين الصوفي
الاربعاء ، ٢٥ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٤:٣١ مساءً
قبل يومين وصل الوزير البريطاني إلى الرياض، بعد أن كان دبلوماسياً أممياً قد غادرها لتوه، وقبيل وصول هولاند، أحد صنّاع السياسة الخارجية البريطانية إلى الشقيقة الكبرى "المملكة" كان مجلس الأمن يعقد جلسةً طارئة بشأن اليمن،
تحدث فيها المبعوث الأممي بنعمر خطاباً مباشراً من صنعاء تم نقله عبر الانترنت، وكان خلاصة ما قال" واهم من يعتبر أن الحوثيين قادرون على شن هجوم والنجاح في السيطرة على كامل البلاد بما في ذلك مأرب وتعز والجنوب. وبالمثل، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الرئيس هادي قادر على حشد قوات كافية لتحرير البلاد من الحوثيين".

ع المكشوف قالها بنعمر، أن الصراع اليمني بين طرفين، وأن الطرفان عاجزان عن الحسم، وأن الوضع في طريقه للإنفجار، وأنه يخاطر بحياته كونه لا يزال في صنعاء.
بنعمر كرر "الطرفين" أكثر من مرة، وكان يقول صراحة "وكلا الطرفين" والطرفين يقومان، وو ....

قال ذلك بعد أن خاطب رئيس مجلس الأمن، محاولاً أن يفتح أمام الدول الأعضاء أملا بسيطاً بحصرهم بخيار ضيق بعد سرد غير دقيق لتفاصيل المشهد ، الذي قدم صورة مضلله عن سير الأحداث،فقال "من الممكن التوصل إلى اتفاق أخير لتقاسم السلطة من أجل استكمال العملية الانتقالية فقط إذا شاركت جميع الأطراف"..

بين تفاصيل كلمة بنعمر التي يصفها بـ"الإحاطة" كتوصيف لوثيقة مؤثرة في آلية عمل الأمم المتحدة، يظهر أكثر من توصيف للفاعل السياسي في اليمن، على الصعيد المحلي،إذ يحصر الموافقات والمنقاط التي لها أثر مفصلي وحقيقي وجوهري بين "الطرفين"، في حين يسعى للتقليل من دور البقية ، وسلبهم القرار المؤثر وفي نفس الوقت ارغامهم على مباركة الخطوات التي ستخدم "الطرفين" حيث أشار على وجوب مشاركة "كافة الأطراف" ودعا "الأطراف" جميعها!!

لكن جوهر الخلاف وطرف الحل والمشكلة أيضاً لم يعودا يمنيين، وهي الحقيقة الصارخة والتي باتت احدى مسلمات الواقع المعاش، تكمن في صراع رؤيتين تتبناهما أطراف دولية كبرى،أحدهما تمثله إيران ، وهو التيار المتهور المغامر الذي يعتمد سياسة الأرض تحدد المفاوضات، وبقدر إنجازك في الميدان تنتزع مكاسب سياسية، وفريق آخر تجنبي، يوازن بين الربح والخسارة ، يقارن بين المكسب والثمن.

والطرفان الدوليان يحضران في صراع ثنائي طفيا بقوة كمتنافسين، أو متدافعين إن لم نقل متصارعين على إدارة الملف اليمني ، الطرف الأول هو بنعمر ومن وردائه بريطانيا، وتتحرك تحت مظلة الأمم المتحدة، والطرف الثاني معسكر يؤيد الربيع العربي، وانضمت له السعودية مؤخراً عقب تولي الملك سلمان لمقاليد الحكم في المملكة السعودي، وهو ما اختصره بنعمر في كلمته، التي سبقتها تحركات مكوكية زار فيها بنعمر الرياض مرتين، خلال عشرة أيام.

ويمكننا القول أن بنعمر حقق انتصارا أو اختراقاً حسب وصفه، باحداث تغير في مكان انعقاد مؤتمر الحوار في الرياض، حيث أعلن أنه تلقى موافقة بعقده فيالدوحة بعد تسجيل حضور في الرياض، وسارع للحديث لوسائل الإعلام بتلقيه موافقه مبدئية من كافة الأطراف لحضور "الدوحة".
الخبر جاء مرحباً به، داخلياً وخارجياً، لكن ماذا يعني تغيير مكان الحوار؟ ولماذا وافقت الأطراف التي كانت تعارض الحوار في الخارج؟

تبقى إجابة هذا السؤال بعد إعلان موضوع الحوار، ونقاطه، فربما أن الحوار سيتم تغيير بنوده بناءاً علة نتيجة المعركة التي تدور على الأرض، كعادة كل منتصر مفترض أن يفاوض مستقوياً "بأمر الواقع"..

يبقى من المهم قراءة العودة المفاجئة للسلطان قابوس حاكم سلطنة عمان، بعد إقامة جبرية مرضية في ألمانيا لأكثر من نصف عام، وربطها بالتوترات المتسارعة في اليمن، والتغطية الدولية للدبلوماسية البريطانية، والأمم المتحدة، وبما كانت قد سربته صحيفة السياسة الكويتية عن مشروع نسخة مبادرة خليجية ثانية تقودها عمان، الدولة الخليجية الحليف لإيران وبريطانيا.

ويبدو أن المشهد اليمني سيبقى رهن التجاذبات الدولية حتى يتم تحقيق انتصار حقيقي أو تغيير أدوات اللعبة الدولية، وقد تتأخر بعض الشيء.