الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٩ صباحاً

الاسوأ في اليمن لم يأتِ بعد

فؤاد الحميدي
الخميس ، ٠٩ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١٢:٥٤ مساءً
ليس يأسا او تشاؤما القول أن الاسوأ في اليمن لم يأتِ بعد ..

كل المعطيات تقول ذلك ..اغبى محلل عسكري او سياسي يعرف أن الغارات الجوية لا تعني نصرا على الأرض وغارات عاصفة الحزم ليست ضربات تأديبية بقدر ماهي تكتيك عسكري اثبت جدواه في اكثر من معركة – كما حصل في أفغانستان وحرب الخليج الثانية وليبيا القذافي- كتمهيد ناجع لخلق واقع جديد لن يتأتى إلا بحرب بريه شرسة يسعى احد طرفيها لاستكمال نصر يعتقد انه حقق نصفه جوا ليستكمل (نصفه الآخر) برا ويسعى الطرف الآخر مستميتا يدافع عن بقاءه..يخوض الطرفان حربا تطحن تحت رحاها آمال الناس قبل آلامهم وأحلامهم قبل أجسادهم..

الاسوأ في اليمن لم يأت بعد.. ليس ثمة بوادر حلول سياسية تلوح في الأفق- على الأقل- على المدى القريب المنظور لأنه وببساطه قرار الحرب اتخذ سعوديا وخليجيا مع إجماع عربي وشبه تأييد دولي حُشد ويُحشد له بكل ثقة وإصرار واقتدار وما ارتفاع حدة لهجة الخطاب السعودي تجاه روسيا وإيران إلا لتؤكد هذه الثقة والعزم على المضي لتنفيذ ما اتخذ من قرارات في هذا الشأن والسير قدما في هذه الحرب.. الحرب البرية قادمة وبعنف ورغم وجود تحذيرات كثيرة بخطورة نشوب حرب أهلية في اليمن لكن هذا لن يمنع حدوثها لان تحالف عاصمة الحزم لا يرى بديلا لذلك ليحقق نصرا فعليا ضد الحوثيين وصالح محليا وضد إيران إقليميا خصوصا وان الحروب بالوكالة بين إيران والسعودية تعطي تفوقا نسبيا لإيران في العراق وسوريا ولبنان ..في اليمن لا ترى السعودية نجاع حربها بالوكالة والتى لا تضمن أن لا تتحول إلى خطر لا يهدد امنها فقط بل ووجودها ايضا.. ببدء شن هجومه الجوي العشري المباغت على الحوثيين وصالح امتلك تحالف عاصفة الحزم عنصر المفاجأة والتي لم تربك الأخير فقط بل وأربكت الخصم الإقليمي التقليدي –إيران- التي اظهرت وبوضوح تخبطا سياسيا يتأرجح بين لهجة حادة ونقد سياسي لاذع لعاصفة الحزم من جهة وبين استجداء لوقف الحرب والدعوة لوضع حل سياسي للازمة في اليمن من جهة أخرى.. الأسبوع الثاني لبدء الغارات الجوية على الحوثيين وصالح يقارب على الانتهاء وبخلاف البدء المفاجئ لشن الغارات الجوية لن تكون الحرب البرية مفاجئة , المفاجئ فيها أين ستبدأ؟ وكيف ستبدأ؟ ..محللون عسكريون يرون أنها ستبدأ من عدن خصوصا ومن الجنوب عموما لتطهيرها من الحوثيين واتباع صالح وآخرون يرون أنها ستبدأ من صعده كونها منطقة حدودية مع السعودية اظف إلى ذلك انها معقل الحوثيين الرئيسي ومحمية زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي .. لكن من المرجح جدا أن جيش التحالف لن يغامر بالدخول في الزحف البري والتوغل في الأراضي اليمنية لأسباب اهمها أن تضاريس الأرض ستخدم خصومهم كثيرا ولحساسية الموضوع ايضا على اليمنيين ..

لذا سيكون تدخل التحالف البري محدودا وسيتمثل دوره في تقديم الدعم اللوجستي للقبائل وبعض الألوية العسكرية التي ستنشق عن صالح و الحوثيين لتعلن ولائها للشرعية المتمثلة بالرئيس هادي ..إذن الحرب اهلية بامتياز سواءا كان الزحف عدنيا او جنوبيا او صعديا او إشعال جبهات حرب مختلفة والزحف من كل الجبهات في نفس الوقت في مأرب والجوف والبيضاء واب وتعز لكن المؤكد والمؤكد جدا أن خسائر هذه الحرب ستكون فادحة ورهيبة ومرعبة وما يحصل في عدن الآن لن يكون الا نسخة مصغرة مهذبة منقحة من حرب كبرى ستشهد تدميرا مخيفا لكل ما تبقى من بنية تحتية وستشهد مجازر بشرية وحشية ناهيك عن انهيار اقتصادي تام مصحوبا بانعدام او شبه انعدام للخدمات الأساسية كالماء والكهرباء وتردي المرافق الصحية واختفاء المشتقات النفطية والسلع الغذائية الأساسية..

باختصار ستنتج الحرب الأهلية كارثة إنسانية محققه لم يسبق أن رأيناها حتى في أسوأ كوابيسنا.