الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٢ مساءً

حول دعوات الحوار في الملف اليمني

ياسر الزعاترة
الاربعاء ، ٢٢ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١١:٢٧ صباحاً
لا أحد يحب الحرب، بخاصة حين تكون داخلية بين أبناء الوطن الواحد، أو داخلية ومع أشقاء جاؤوا ينصرون قيادة شرعية في الداخل كما في الحالة اليمنية الراهنة، ولا شك أن الحوار سبيل أفضل لحل المشاكل، ولكن هل تبدو الدعوات الراهنة لحل سياسي في اليمن واقعية أم إنها محض كذب وتدليس وتثبيت لموازين قوًى لا تخدم الأمن ولا الاستقرار، فضلا عن التنمية؟

لعل من أسخف ما يمكن أن تسمعه في السياق الراهن هو تلك الصيحات اليومية التي تنطلق من طهران وأبواقها، والتي تذرف دموع التماسيح على المدنيين الذي يسقطون في اليمن بفعل غارات التحالف. وفي حين طالبنا مرارا، وسنظل نطالب أن تكون الدقة المفرطة هي عنوان الهجمات، ولو أدى ذلك إلى ترك أهداف حوثية أو لأنصار المخلوع، فإن آخر من يحق لهم التباكي على المدنيين هم أولئك الذي يبررون براميل بشار المتفجرة التي تحصد الأبرياء حصدا، وهم أنفسهم الذي وقفوا إلى جانبه حين كان يقتل المتظاهرين السلميين في الشوارع لشهور طويلة، وقبل أن تُطلق رصاصة واحدة.

ثم إن الذين انحازوا لأقلية تحالفت مع المخلوع الذي ثار الشعب ضده هم آخر من يحق لهم الحديث عن المدنيين، وعن الحوار، لأنهم شركاء في الإجرام، بل هم أصل الإجرام، لأننا نعرف أن الحوثي هو مجرد وكيل للولي الفقيه، تماما مثل نصرالله في لبنان، والذي أصبح كما قلنا من قبل ناطقا باسم الحوثيين كما تبدى في خطاباته ومقابلاته الأخيرة، ومنها خطابه يوم الجمعة الذي خصص بالكامل لليمن.

والحال أن للمشهد اليمني الراهن وجهين، وجه يتعلق بالحوثي الذي يعمل وكيلا لإيران وجزءا لا يتجزأ من مشروع تمددها في المنطقة، أما الوجه الآخر فيتعلق بالمخلوع، والذي صار سرطانا يعبث بجسد اليمن، ومعه عصابته التي تمسك بالدولة العميقة التي أسسها ورعاها طيلة 30 سنة، وعبر مؤسسة أمنية وعسكرية صاغها بذات الروحية التي تتخلص في الولاء له ولعائلته.
كيف يمكن والحالة هذه التحاور مع عصابة تأتمر بأمر الخارج الذي لم ييأس من مشروعه التوسعي بعد، وما زال يمارس الغطرسة هنا وهناك، وإلى جانبها عصابة أخرى يقودها كذاب مجرم لديه استعداد لتدمير البلد برمته من أجل مصالحه ومصالح عائلته، بينما تلتف من حوله مجموعات ربطت مصيرها بمصيره، وهي تدافع عن مصالحها أيضا؟!

ما يمكن أن يلمسه المراقب على هذا الصعيد هو أن التقارب الذي حدث بين حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان في اليمن، وبين القيادة السعودية، إلى جانب التقارب بين الأخيرة وتركيا لم يرُق لبعض المسكونين بهذه العقدة (عقدة الإخوان)، وهم تحديدا من يتحدثون اليوم عن الحوار، إضافة بالطبع إلى النظام الإيراني وأبواقه في المنطقة، ومن يلاحظ مثلا مفردات الحرب التي تشنها وسائل إعلام التحالف الإيراني سيجد أنها تركز على السعودية بشكل خاص، ومن ثم تركيا، بينما تستنثي أطرافا أخرى تشارك في التحالف، وفي المقدمة مصر التي يذهب الحديث عنها نحو التأكيد على أنها لن تشارك، إلى جانب المناشدات بألا تفعل.

إن أي حل في اليمن ينبغي أن يلبي حاجة للسعودية والوضع العربي برمته ممثلا في وقف جنون المشروع الإيراني، في اليمن وكل المنطقة، ما يعني أن تعود الأقلية إلى حجمها الطبيعي في البلد، بعيدا عن تكرار تجربة حزب الله الذي يوجّه العملية السياسية من خلال قوة السلاح (وإلا لماذا تضاف بيروت إلى العواصم التي يعلنون سيطرتهم عليها؟!)، ثم يلبي بعد ذلك حاجة اليمن إلى شيء من الأمن والاستقرار بعيدا عن سطوة أقلية فاسدة مفسدة يمثلها حزب المخلوع، ولن يحدث ذلك من دون إعادة ترتيب المشهد السياسي على نحو يخلصه من سطوة النظام القديم وأدواته.

أي حوار لا يلبي هذه التطلعات هو حوار بائس لا ينبغي أن يكن مقبولا بأي حال، بخاصة بعد تطورات الأيام الأخيرة التي أثبتت أن المقاومة الشعبية قد بدأت تتماسك ويشتد عودها، ولا حاجة تبعا لذلك إلى أي تدخل بري يمكن أن يتحول إلى مصدر قوة للطرف الآخر، واستنزاف للطرف المهاجم.

"العرب القطرية"